أخبارالملف الإيراني

“إسرائيل” تعتقد أن إيران تؤجل استئناف المُحادثات النووية لتُراكم اليورانيوم

ترجمة الهدهد
هآرتس/آموس هاييل

يشك كل من السياسيين والمسؤولين الأمنيين في “إسرائيل” أن إيران تتعمد المماطلة وليس لديها مصلحة في استئناف المحادثات بسرعة بشأن توقيع اتفاق نووي جديد، وبحسب تقديراتهم فإن الإيرانيين يستغلون الوقت لمواصلة تخصيب اليورانيوم، فيما تدرك الولايات المتحدة هذا الوضع أكثر مما كانت عليه قبل بضعة أشهر لكن “إسرائيل” تشك في أن حليفتها الولايات المُتحدة ليست لديها نية حقيقية لممارسة ضغوط كبيرة على طهران.

في نهاية الأسبوع الماضي قام مبعوث الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا بزيارة سريعة إلى إيران بهدف الضغط على النظام للعودة إلى المحادثات النووية مع القوى المعروفة باسم مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وكل ما حققه بشكل فعال هو الاستعداد الإيراني لإجراء محادثات أولية مع الاتحاد الأوروبي لمناقشة إمكانية استئناف المفاوضات الرسمية، وستُعقد المحادثات الأسبوع المقبل في بروكسل، وفي غضون ذلك واصلت إيران تخصيب اليورانيوم ليصل بعض ما أنتجته إلى مستويات عالية نسبياً.

في الاتصالات الأخيرة بين “إسرائيل” والولايات المتحدة تقاربت إلى حد ما مواقف الجانبين من معرفة مغزى التحركات الإيرانية، لكن مع مطالبة “إسرائيل” لواشنطن بإعداد خطة بديلة، يبدو أن كل من البلدين لديهما رغبات مختلفة، حيث ترغب “إسرائيل” في أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات شديدة وتهدد بعمل عسكري من أجل فرض صفقة أكثر صرامة على الإيرانيين، وبقي لدى “إسرائيل” الانطباع بأن الهدف الرئيسي لأمريكا هو مجرد تجديد المفاوضات.

في الأسبوع الماضي التقى وزيرا خارجية البلدين أنتوني بلينكين ويائير لابيد في واشنطن، وحذّر وزير الخارجية الأمريكية بلينكين في المؤتمر الصحفي المشترك بما يُرضي “إسرائيل” من أن إيران ستواصل متابعة برنامجها النووي، وأننا “نقترب من نقطة لن تكون فيها العودة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة في حد ذاتها، وذلك لأن إيران كانت تستغل هذا الوقت لتطوير برنامجها النووي بعدة طرق بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وحتى 60%.

قال رئيس الوزراء نفتالي بينيت الأسبوع الماضي: “إيران تنتهك بشكل صارخ التزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن ننتظر ذلك، وأتوقع من القوى العالمية أن تحاسب إيران وتقدمهم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وسيكون هذا هو الطريق السلمي، أم أنّ هناك طرق أخرى”.

تتابع “إسرائيل” بشيء من القلق النجاحات التي حققتها إيران في إصلاح العلاقات مع دول المنطقة، في الأسبوع الماضي وردت أنباء عن محادثات متقدمة بين إيران والسعودية بشأن تطبيع العلاقات بينهما وإعادة فتح القنصليات بما تليها السفارات، قاد هذه المحادثات وزير الخارجية الإيراني الجديد حسين أمير عبد اللهيان، في الوقت نفسه يبدو أن العلاقات تزداد دفئاً بين إيران وقطر والأردن ودول أخرى في وقت تعمل فيه سوريا على تحسين العلاقات مع الأردن بعد سنوات طويلة من التوتر.

تتضافر كل هذه التحركات لخلق بيئة إقليمية أكثر ملاءمة للإيرانيين إلى جانب تنامي علاقات الدول السُنية تجاه نظام الأسد في سوريا على الرغم من الفظائع الجماعية التي ارتكبها خلال الحرب الأهلية، كما يُرى من قِبل “إسرائيل”، وتنبع هذه التغييرات من الإدراك المتزايد في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأن الولايات المتحدة تقلل من مشاركتها الإقليمية وهي أقل التزاماً بالعمليات العسكرية وتعيد تركيز اهتمامها تدريجياً إلى شرق آسيا والتنافس على النفوذ مع الصين، فيما تقلل هذه التغييرات من قوة ما كان يوصف ذات مرة بالتحالف المناهض لإيران بين “إسرائيل” والسعودية ودول خليجية أخرى تهدف إلى تقييد التحركات الإيرانية في المنطقة والحد من نفوذها.

فيما وردت أنباء يوم السبت الماضي عن عملية اغتيال في سوريا منسوبة “لإسرائيل”، وكان الهدف هو النائب السوري السابق مدحت صلاح الذي كان قد سُجن في السابق لارتكاب جرائم أمنية في “إسرائيل”، أطلق عليه قناص النار بالقرب من الجانب السوري من الحدود، وهي طريقة عمل منسوبة إلى “إسرائيل” في عدة حوادث حدودية في السنوات الأخيرة، ويبدو أن القتيل متورط في جهود إيرانية لإنشاء خلايا إرهابية للعمل ضد “إسرائيل” على طول الحدود، يُزعم أن “إسرائيل” اغتالت ناشطين شاركا في جهود مماثلة لصالح إيران وحزب الله في عامي 2015 و 2016 على التوالي – ناشط حزب الله جهاد مغنية والإرهابي سمير القنطار.

فيما تبدو الحادثة الأخيرة وكأنها جزء من الصراع المستمر على الوجود العسكري الإيراني في سوريا والذي تسعى “إسرائيل” للحد منه، وتتضمن هذه الحملة أيضاً إجراءات انتقامية إيرانية ضد “إسرائيل”، لكن في الوقت الحالي لا يبدو أنها تخرج عن نطاق السيطرة، ومن المرجح أن تستمر الهجمات المتبادلة ولكن  ليس بالضرورة أن تتحول إلى صِدام أكثر شمولاً.

في انتظار الموازنة العامة للدولة

إن حاجة “إسرائيل” إلى تنسيق وثيق مع أمريكا بشأن القضية الإيرانية التي تقترب من مفترق طرق حاسم ومحدد، هذا ستؤثر على الأرجح على العلاقات بين البلدين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بينت يحتاج إلى أمريكا لتكثيف الضغط على إيران وهو غير راغب في الصِدام معهم علناً​​، رغم تحفظاته على دعوات الإدارة الأمريكية لاستئناف المحادثات بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية.

في هذه المرحلة تبذُل إدارة بايدن قصارى جهدها لعدم مواجهة حكومة بينت لابيد، بل إنها امتنعت عن الإدانة العلنية “للتحركات الإسرائيلية” لتعزيز البناء عبر الخط الأخضر بالقرب من القدس في “جفعات هماتوس” والمناطقة التي يُطلق عليها E1، قد يكون الصبر الأمريكي متجذر في قرار الانتظار حتى يمرر الكنيست ميزانية الدولة الشهر المقبل، وقد يؤدي الصِدام مع الحكومة حالياً إلى زعزعة استقرارها حتى قبل تمرير الميزانية النهائي.

ومع ذلك من المرجح أن تتحرك أمريكا في النهاية لإعادة فتح قنصليتهم في القدس، على الرغم من اعتراضات “إسرائيل”، وقد تحدث هذه الخطوة بعد تمرير الميزانية، وهكذا فإن القدس نفسها ستكون سبباً لتصاعد التوترات بين السكان الفلسطينيين و”قوات الأمن”، وهذا يتجلى في الحوادث المتواترة قرب باب العامود في المدينة القديمة، وأن أحد مصادر التوتر يتعلق بأعمال البناء حيث تم اكتشاف عظام في مقبرة إسلامية في حي مأمن الله بالقرب من أسوار مدينة القدس المحتلة.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي