من المسؤول عن جعل فلسطين في هذا الزمان جسراً للخيبة ؟

الهدهد/ محمود مرداوي

لكل زمان سماته والخصائص الخاصة به في الحكم سياسياً على السلوك والأجسام ، لكن من الواضح أن فلسطين في الزمن الثوري العروبي والقومي واليساري شكلت مبرراً للانقلابات وصاعقاً للثورات وباعثاً للثقافة والشعر والفن والرسم والمقال ، لكن على ما يبدو في زمن المنطق المجرد القائم على اعتماد العقل والمنطق، طعن فلسطين وبيعها والاتجار بعروبتها مقابل أوهام سلعة رائجة وكأن الإسلاميين خارج فلسطين عجزوا عن وضع القضية في المكان الذي وضعها القوميين واليساريين ، فبدلاً من أن تصبح حصناً حصيناً يُلتجأ إليها وسوراً عالياً يُحتمى بها أصبحت سوراً منخفضاً ومنطة لكل من أراد أن يغازل التوجه الصهيوأمريكي .

يقايض بقاء حكمه أو شرعية ثورته، أو الغطاء على قمعه بموقف تنازل به عن قدسية فلسطين وحصانة قضيتها .

من المسؤول عن جعل فلسطين في هذا الزمان جسراً للخيبة ؟
نعم الجواب على السؤال يحتاج إلى بحث عميق، ولكن بالحكم على ما هو ظاهر فإن السعودية ومن آمن بخطها وركب صهوة مشروعها ، وحمل الفكرة والرؤية فطفا أور نار الثورة في الناس عندما تحرك الماكنة للتدجين تُحرم الخروج على الحاكم ولو قتل ولو زنا ، تمنع المظاهرات والاحتجاجات وتوجه البوصلة باتجاه خصومات داخلية في الأمة بعيداً عن الأعداء المركزيين.
بردت الناس قتلت فيهم روح المقاومة والثقة بقدرتهم على الرفض أهلكوا الناس فهلكوا .
ثوار هذه الفكرة الذين حملوا رسالتها انتشروا ولم يبق ركن من أركان المعمورة ولا حركة وحزب في الأمة إلا وصلوا إليه ، ساهموا في تدجين الأمة وسوغوا لها التبرير وأفقدوا الأمة شخصية الأمة المقاتلة الرافضة للذل والاستكانة أمة الرؤية والبصيرة، عجزوا حتى طاف بهم الوهن فلم يثق بهم شباب الأمة، فذهبوا بعشرات الآلاف من خيرة خيرة شباب الأمة مثل الأوز على مذبح التفريغ الصهيوإمبريالي لطلقات الأمة ومكامن قوتها عبر التطرف والدعشنة، قتال بلا رؤية ولا هدف إلا تيئيس الأمة من مفهوم الجهاد .

المدرسة السعودية تتحمل المسؤولية عن كل فعل بهذا الاتجاه مباشر أو غير مباشر.
فلا دعت الناس للثورة ولا ثارت ولا تركت من ثاروا ينجحوا في ثوراتهم، معول هدم، تدفع الأمة والشعوب ثمن أفكارها وسياستها من خلال الأعراض المتكررة والتي نعيش في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة .
فقدوا البصر بغشاوة الأفهام الخاطئة، والبصيرة بالسير بلا رؤية ، والأمة دفعت لقاء ذلك وستدفع ما لم تتحرر من انعكاسات هذه المدرسة .

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى