مقالات

الكيان وال ( لا )جاهزية للحرب !!!

الهدهد/ عبد الله أمين
تتعالى الأصوات بين فينة وأخرى حول جاهزية الكيان الغاصب لحرب شاملة ضد محور المقاومة مجتمعاً أو مع بعض أجزائه منفردة ، ولما كانت نظرية القتال التي عمد لها العدو في السنوات الأخيرة والقائمة على مبدأ المعركة بين الحروب والتي يتوخى فيها ( جز ) ما ركمته فصائل المقاومة في غزة من قدرات ، أو ضرب ما أعدته إيران وحزب الله والحشد الشعبي في العراق من قدرات قتالية ، يرى العدو أنها ما أعدت إلى للاشتباك معه في القادم من الأيام ، قد فشلت ـ نظرية المعركة بين الحروب ــ ، رأينا أن نناقش ــ في عجالة ـــ جاهزية العدو لعمل عسكري واسع انطلاقاً من معايير تحديد الجاهزية للتشكيلات العسكرية ، والتي على ضوئها يتم تحديد جاهزية التشكيل من عدمه لخوض معارك حقيقية مع كيانات عسكرية تساويه أو تقل عنه في القدرات .

ولما كانت القوة العسكرية هي عبارة عن مركب من مؤلفتين هما : القدرة والإرادة ، ولما كانت الجاهزية العسكرية هي عبارة عن مركب معقد من عناصر مادية وأخرى معنوية ، لا يستقيم أحدهما بعوجاج ثانيهما ، والعكس صحيح ، وحتى لا نخوض في بحث نظري غائب عن المعايير الحاكمة للتعريف محل البحث ــ الجاهزية ــ رأينا أن نضع إطاراً لهذه الورقة انطلاقاً من تعريف الجاهزية ؛ مطلق جاهزية والتي تعرف على أنها مركب من جزئيين رئيسيين لا نفك أحدها عن الآخر ولا ينفع جزء منها منفصلا عن الآخر ، وهذين المركبين هما :

القدرة ؛  والتي تشمل المركبات الآتية : معارف و تجارب و خبرات .

والرغبة ؛ والتي تشمل المركبات الآتية : ثقة و دافع  واستمرارية .

فلو ملكت الجيوش والتشكيلات العسكرية لعنصر الجاهزية الأول وهو القدرة ، دون حيازتها للعنصر الثاني ، أو العكس ، فإننا سنكون أمام تشكيل قتالي يخدع نفسه بزعم جاهزيته للقتال .

والمتتبع لشؤون العدو العسكرية ، يرى أن العدو لديه مشاكل بنوية في كلا المركبين ؛ فعلى صعيد المركب الأول للجاهزية ، نستطيع أن نقول أن هذا العدو وأمام تطور التهديد الذي يواجهه وتغير صفته من تهديد مصدره جيوش كلاسيكية نظامية تملك هيكليات ومفاصل قوة ومراكز ثقل ممكنة التحديد والسيطرة عليها لطبيعتها المنظمة غير قابلة للتعمية أو الاخفاء ، أصبح يواجه تهديداً آخر مصدره تشكيلات عسكرية ؛ دون الجيوش النظامية في التنظيم والتشكيل والتركيب ، وفوق العصابات من حيث العشوائية ولا تنظيم وانعدام مركز الثقل الواضحة ، الأمر الذي فرض عليه حالة من عدم القدرة على تطوير ذاته وتشكيلاته القتالة لمواجهة هذين التهديدين في آن واحد ، حيث أنهما ــ التهديدان ـ يقدم أحدهما الدعم للآخر ، ويسد قويهم نقاط ضعف ضعيفهم .

إن معارف العدو وتجاربه وخبراته ــ مكونات القدرة ــــ ؛ ما زالت تعاني مشكلة تطوير نظرية قتالية قادرة على التعاطي مع هذين التهديدين ــ المنظم وغير المنظم ــ فهو في معارفه وتجاربه وخبراته المكتسبة ، ينطلق من مسلمات بناء القوة المطلوبة لتحقيق مصالح أو الدفاع في مواجهة التهديدات التي تعترض حركة دولة مستقلة مستقرة ، وتجاربه التي يخوضها لاكتساب خبراته منها ، يخوضها مع جيوش دول ووحدات سياسية مستقلة لا تواجه ما يواجهه من تحديات وتهديدات ، الأمر الذي يجعل من هذه المعارف والتجارب والخبرات ، غير قابلة للتصريف عند مواجهة تهديد مركب من شقين منظم وغير منظم ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، كيف ستصرف وحدات المظليين التي تدربت وناورت أكثر من مرة مع التشكيلات المظلية لدولة مثل اليونان ، إذا ما طلب منها أن تعمل في منطقة عمليات مثل قطاع غزة ، كيف ستقوم الوحدة 101 مظلي في الجيش المعادي باسقاط مظلييها في ساحة علميات غزة ؟ وهل ستضمن أن يسقط مظليها على الأهداف المطلوب منهم أن يسقطوا عليها ؟ فإن قيل أن هؤلاء المظليين سوف يسقطون عبر المروحيات اليسعور أو الشينوك وليس عبر طائرات C130 المعتمدة لمثل هذه العمليات ، فمن يضمن أن تلك المروحيات ستجد مجالات جوية غير مهددة بالمضادات الأرضية لتمكث فيها فترة الاسقاط ؟ هذه أسئلة حرجة حقيقة توضع على طاولات أركان العمليات ، وعلى شاكلتها يمكن أن تساق مئات الأسئلة ، لمختف صنوف جيش العدو ـ براً وبحراً وجواً ـ التي تجعل مقولة الجاهزية محل شك فعلي وحقيقي.

هذا في القدرة ، أما عن المركب الثاني فيما يخص الجاهزية وهو مركب الرغبة ، فحدث ولا حرج ؛ وما ساقه مراقب شكاوي الجنود الجنرال المتقاعد قبل تقاعده يتسحاق باراك خير دليل على أننا أمام آلية عسكرية فيها من نقاط الضعف ما لو بحث عنها بشكل دقيق وسلط الضوء عليها وأعدت العدة لضربها ، لكنا أمام قط بلا مخالب ، فإن توفرت المخالف فليس هناك ثقة ـ أحد مركبات الرغبة ــ بالقدرة على استخدامها ، وليس هناك دافع ــ المركب الثاني للرغبة ـــ للتضحية والزج بالنفس في المخاطر لأجله ، وإلا كيف يمكن أن نفسر أن ثلث الشبان المطلوبين للتجنيد يعفون من الخدمة لأسباب نفسية ، وأن هذه النسبة متوقع أن ترتفع في سنة 2020 لتصل إلى 32.9 .

هذا جزء بسيط لا يتسع المقام لأكثر منه للتدليل على أننا أمام جيش معادٍ لا يملك جاهزية قتالية ــ وإن تشدق وناور السنة بكاملها ــ وإن ملك القدرة على الاعتاء هناك وهناك ، والمطلوب لمواجهته ، مزيد من رفع الجهازية القتالة الذاتية ؛ قدرة ورغبة ، فإن الحروب لا تخاض بأسلحة يحملها مقاتلون ، إنما تخاض بمقاتلين يحملون أدوات قتال ؛ والجاهزية تبنى وتتطور لمواجهة أسوء المواقف والمواجهات ، فإن كان عدوك نملة ، فلا تنم له .

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي