أخبارمقالات

إتجاه الأُمور..

شبكة الهدهد
إلى أين تتجه الأمور في ظل المعطيات الحالية من النقطة التي نحن فيها
قصف برج هنادي والرد الصاعق على تل أبيب
وقصف برج الجوهرة واقتحام المسجد الأقصى ثانية هذه الليلة وخروج القادة الإسرائيليين بعد ساعات بوجوه مقفهرة ونفوس مسكونة باليأس وقدر كبير من الارتباك وتصريحات لا تعد سوى بالانتقام لتخفيف حالة الذهول والصدمة لدى الجمهور الصهيوني الذي وعى حجم التغيير وعمق التأثير على المشهد الحالي والمستقبلي، لكن لم نلمس أي تحول في الاتجاه وأي تغيير في السياسة والخطاب .

نعم واكب هذا الظهور الإعلامي من رئيس الوزراء ووزير الحرب ورئيس الأركان والشاباك إجراءات على الأرض، تعزيز قوات برية أرتال من الدبابات والمدافع وناقلات الجنود، مع إعادة اقتحام الأقصى وإرجاع الأمور إلى نقطة الصفر، لا تُفهم على أنها تغيير للسياسة الإسرائيلية بقدر ما أنها استجماع للأوراق لتحسين الموقف التفاوضي وإعادة اللعب في مساحات لا تفتح على مستويات أعلى من التصعيد وتمنح فرصاً أكبر للخروج من هذه الجولة بأقل الخسائر .

ما أعاق التوصل إلى تهدئة في الساعات الماضية قبل تفجر المشهد وانزلاق الأمور إلى المستوى الخطير من التصعيد الإصرار على امتلاك صورة النصر والخروج المقبول من هذه الجولة لكلا الطرفين .
كما أن دخول البعد السياسي في المعركة لصالح أهداف شخصية تخص نتنياهو يعقد المشهد، لأن نتنياهو يرغب في استمرار توتر الأوضاع لكن دون هذا المستوى القابل للانفجار، وبالتزامن جاء ظهور قيادة المقاومة متماسكة من خلال خطاب رئيس حركة حماس والبيانات العسكرية المقتضبة، والأداء الرائع في الميدان والمتناغم في الجبهات يعقد المشهد في وجه الاسرائيليين ويسرّع في إنهاء الجولة، فكلما اتسعت رقعة المواجهات وتعمقت في المناطق المحتلة في ال 48 والضفة والقدس والشتات كلما قصر زمنها وتضاعف ثمرها.
ومع ذلك الأمور بعد لم تخرج عن نطاق السيطرة، مع أن المشهد كاتم أمام القيادة الإسرائيلية، فكل الظروف والمعطيات لا تشي بإمكانية تحول المعركة لحرب ، علما أن القيادة السياسية الإسرائيلية بحاجة ليوم أو يومين من حالة الاستعراض تمكنها من التغطية على صدمة التغيير الاستراتيجي في توجه المقاومة وحجم وطبيعة الردود ودقتها وشجاعة القيادة في اتخاذ قراراتها .

إذن نلخص المشهد بالتالي :
بالرغم من حجم التغيير وصدى التأثير للأحداث التي مرت بها فلسطين في اليومين الماضيين إلا أن ثقل هذا الحمل على عقل القيادة الإسرائيلية لا يجردها من أسئلة التحدي الكبرى التي يمر فيها الكيان، تبدأ في المفاجأة الاستراتيجية بعدم قراءة عقل المقاومة وفهم طبيعة تفكيرها، والتشكيك في تنفيذ وعودها المتعلقة بالقدس والتزامها الدفاع عن المعتكفين والأحياء المهددة ، ثم عدم استعداد المنظومة السياسية ولا المؤسسة العسكرية والأمنية، ولا الظروف الإقليمية والدولية تسمح بتغييرات استراتيجية، إضافة لذلك المصالح الشخصية لنتنياهو في الدفاع عن مستقبله ومصالحه في منع تشكيل حكومة تغيير نتنياهو .
وكذلك الأحزاب المعارضة التي تريد أن تستغل الفرصة وتشكل الحكومة لطرد نتنياهو ، فلأول مرة في تاريخ الكيان أثناء المعركة وفوهات المدافع تطلق القذائف يُتهم رئيس الوزراء بتسييس المعركة واتخاذ قرارات أمنية وعسكرية خادمة لمصالح شخصية.
وعليه فإمكانية تحول المعركة لحرب شاملة ضئيلة جدا ، ولا مصلحة لكلا الطرفين في ذلك، ولكن علينا ملاحظة أن التصعيد الذي جرى اليوم لم يكن مرغوبا فيه إنما حصل في سياق محاولة حصول العدو على صورة نصر تنهي الجولة لصالحه وتغطي على إهاناته في القدس والجبهات الأخرى .

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي