أخبارتقارير مترجمة

حماس تنتظر وحدة الساحات مع الضفة.. وهي تبدو أقرب من أي وقت مضى

شبكة الهدهد، تسفي برئيل، هآرتس

في الوقت الذي اصبح فيه محور فيلادلفيا هو محور الخلاف الوطني، وكأن الحديث وبحق يدور عن موضوع سياسي ومصدر أمنها، وحتى اساس وجود دولة اسرائيل، فانه في الضفة تجري منذ بضعة اسابيع حرب دموية، التي يمكن أن تتطور الى معركة أوسع مثل التي عملياتها من شأنها أن تضع الاساس السياسي – الوطني لحكومة اسرائيل.

هذه سياسة مزدوجة الابعاد يعمل فيها الجيش على تدمير آلاف قطع السلاح وتصفية قادة التنظيمات المحلية في مخيمات اللاجئين واحباط تنفيذ العمليات. في نفس الوقت ممثلو اليمين المتطرف برئاسة بن غفير وسموتريتش اللذان يستندان الى قوات وحشية للمستوطنين، يحاولون خلق حقائق سياسية على الارض التي يمكن أن تفشل الحرب ضد الارهاب.

تفجير السيارات المفخخة في مساء يوم الجمعة الماضي أدى الى التقدير بأن الامر يتعلق بتصعيد استثنائي وشديد في صورة نشاطات الخلايا الارهابية. لكن اضافة الى تكتيك اسلوب العمل هذا الذي يذكر بالايام الدموية في الانتفاضة الثانية فان الوقت مبكر حتى الآن للقول بأنها تشير الى استراتيجية فلسطينية جديدة تهدف الى اشعال انتفاضة مثل الانتفاضة في بداية سنوات الالفين.

في اوساط معظم الفلسطينيين في الضفة حتى الآن لم تتحقق الشروط المطلوبة لعصيان مدني واسع، رغم الازمة الاقتصادية منذ بداية الحرب في غزة وفقدان 100 ألف مكان عمل في اسرائيل والصعوبة الكبيرة في انتقال المواطنين والمس الشديد بميزانية السلطة الفلسطينية والعقبات الكأداء التي يتم وضعها امام حركة التجارة بين اسرائيل والضفة الغربية.

مصادر في فتح قالت في نهاية الاسبوع للصحيفة بأنها تقدر بأن ضبط نفس في اوساط الفلسطينيين ينبع، ضمن امور اخرى، من أن “الجمهور لا يريد أن تتحول الضفة الى غزة”. الدمار الذي تفعله اسرائيل في القطاع، اكثر من 40 ألف قتيل وبالاساس اليد السهلة لقتل كل ما يتحرك، يخيف ويردع السكان. تفسير آخر هو أن جزء من المشاعر العامة في الضفة تعتبر الحرب في غزة معركة بين حماس واسرائيل، وليس صراع وطني يلزم بالتجند الواسع لمواجهة عنيفة. هذه المشاعر تستند، ضمن امور اخرى، على التفسير الذي يقول بأن الحرب في غزة تخدم مصالح ايران ولا تهدف الى مساعدة الشعب الفلسطيني على التحرر من الاحتلال”.

سبب آخر، حسب هذه المصادر، هو أن “الخلافات الداخلية على مستوى القيادة في صفوف م.ت.ف وحتى في فتح بين من يؤيدون محمود عباس وخصومه. بين من يدفع بالتحديد الآن الى ترسيخ المصالحة بين حماس وفتح وبين من يعارض، أو على الاقل يطالب بالانتظار الى حين انتهاء الحرب. هذه الخلافات تتسبب بأن لا يكون هناك أي حوارات استراتيجية، سواء على المستوى السياسي أو على المستوى العملي على الارض”.

محمود عباس، الذي زار في الفترة الاخيرة روسيا، تركيا والسعودية، والتقى مع رؤساء هذه الدول، اعلن بشكل دراماتيجي في 15 آب على منصة البرلمان في تركيا بأنه “امام غياب حلول اخرى فقد قررت الذهاب الى غزة مع اعضاء القيادة الفلسطينية. وأنا سأبذل كل ما في استطاعتي كي نوقف معا هذا العدوان البربري، حتى لو كلفنا ذلك حياتنا. حياتنا ليست اغلى من حياة أي طفل في غزة”.

موقف اسرائيل الحاسم ضد اجراء هذه الزيارة لا يمنع عباس من مواصلة تسويق العملية، التي اذا تحققت فانها ستكون بداية خطة عمل لمشاركة السلطة الفلسطينية في ادارة معبر رفح. هذا بالضبط ما يخشى منه نتنياهو، الذي بذريعة أن الامر يتعلق بـ “سلطة ارهابية” و”توأم حماس” فانه يتطلع الى تخريب أي حل سياسي سيجبر اسرائيل على الانسحاب من القطاع. ليس فقط معارضة اسرائيل هي العائق امام حماس، ايضا في داخل م.ت.ف هناك عدد غير قليل من المعارضين لمثل هذه الخطوة. “هذا مثل غرس سكين في ظهر حماس، بالذات في الوقت الذي تقوم فيه بصراع على البقاء امام اسرائيل”، قال مصدر في فتح للصحيفة. “ليس اقل من ذلك أن هذا يعتبر تنازل عن المبدأ الذي وضعه عباس نفسه، الذي يقول بأن ادارة معبر رفح أو كل القطاع على يد السلطة الفلسطينية يمكن تنفيذها فقط في اطار حل سياسي شامل”.

في ظل غياب اتفاق في القيادة حول كيفية ادارة الصراع امام اسرائيل، وازاء موقف عباس العلني الذي يعارض المواجهة المسلحة، فان الميدان يعمل بشكل مستقل. يوجد تنسيق بين حماس والجهاد الاسلامي، لكن في هذه الاثناء بدون مشاركة فتح أو تنظيمات اخرى في م.ت.ف.

الحرب في غزة لم تنجح حتى الآن في جر الضفة الغربية وقيادة م.ت.ف، بشكل خاص فتح، الى “وحدة الساحات”. ولكن الخوف هو من أن الحرب التي تشنها العصابات الوحشية والارهاب اليهودي ضد القرى الفلسطينية، لا سيما الجهود المبذولة للسيطرة على الحرم التي يديرها بن غفير وشركائه، ستؤدي الى نضج الظروف لاندلاع تمرد عنيف للفلسطينيين. واذا حدث ذلك فان السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح لن تفيد اسرائيل، سياسيا وأمنيا.

خالد الحروب، باحث وكاتب مقالات فلسطيني يعيش في قطر، كتب أمس في صحيفة “العربي الجديد” بأنه “في الظروف التي فيها ميزان القوة يميل بشكل واضح ضدنا فان مجرد البقاء هو المقاومة”.

تحليله هذا لا يقترح مواجهة مسلحة، لكنه يمكن أن يفقد صلاحيته امام الهجمات العنيفة والمنهجية للمستوطنين على القرى الفلسطينيين والسكان الفلسطينيين، وأمام الدعوة لاقامة كنيس في الحرم، ولا سيما أمام لامبالاة الجيش لهذه النشاطات ودعمها من قبل رئيس الحكومة. الحرم والتنكيل بالسكان والسيطرة الوحشية على الاراضي، اكثر من غزة ومن الوضع الاقتصادي، هي الاسس القابلة للانفجار التي تتم الاشارة اليها في كل تحذير من قبل الشباك لرئيس الحكومة. هذه هي التي يمكن أن تخلق “وحدة الساحات” بين الضفة الغربية وغزة، والتي تبدو اكثر من أي وقت مضى.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي