أخبار رئيسيةمقالات

الكيان ومحور المقاومة في أعقاب حرب غزة

ترجمة : الهدهد

22 أغسطس 2024

دانييل سوبلمان

(MEI) معهد الشرق الأوسط

دانييل سوبلمان أستاذ مساعد للعلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس وعضو هيئة تدريس في مبادرة الشرق الأوسط التابعة لمركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية في كلية هارفارد كينيدي.

بعد مرور ما يقرب من عام على الهجوم الذي شنته حماس على الكيان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تغيرت البيئة الاستراتيجية للكيان ــ والمشهد الاستراتيجي للشرق الأوسط الأوسع نطاقاً ــ بشكل عميق.

فقد أشعل الهجوم المفاجئ المذهل الذي شنته حماس حرباً مدمرة مع الكيان، وأدى إلى اندلاع حريق إقليمي محدود ولكنه شرس بين الكيان و”محور المقاومة” الذي تقوده إيران، مع حزب الله اللبناني في المقدمة. وكانت الحرب الجارية متعددة الجبهات والأوجه، وديناميكية، وعواقبها وخيمة بالفعل. ورغم أن الخط النهائي الواضح لا يزال بعيد المنال، فإن استكشاف الأصول الأساسية للحرب وتطورها يقدم مؤشرات مفيدة.

ومن بين النتائج الرئيسية التي يمكن استخلاصها أن الأحداث الأخيرة سلطت الضوء على المخاطر التي قد تشكلها الحرب الإقليمية، وبالتالي أكدتؤ على أهمية الدبلوماسية. وعلى هذا النحو، يتعين على الكيان والولايات المتحدة أن تعطيا الأولوية لتسوية الصراع ذي الصلة بين الكيان وحزب الله.

تفكير حماس وحزب الله في الفترة التي سبقت السابع من أكتوبر:

قبل عشرة أشهر، كان الهجوم الذي شنته حماس مصمماً لإشعال فتيل حرب إقليمية وتوجيه ضربة غير مسبوقة ــ وربما قاتلة ــ إلى الكيان. وكان الهجوم الذي أطلق عليه اسم “طوفان الأقصى” بمثابة تتويج لتحول تدريجي في ميزان القوى بين الكيان وقطاع غزة. فقد جمعت حماس، إلى جانب العديد من فصائل المقاومة الأصغر حجماً في غزة، ترسانة هائلة من الصواريخ وبنت شبكة واسعة من الأنفاق تحت الأرض وأنظمة القيادة والسيطرة القادرة على البقاء؛ وكان الجمع بين قدرتها على تقويض مرونة الكيان واستمرارها في العمل، وتعطيل الحياة اليومية بشكل كبير، وتهديد العاصمة التجارية للكيان تل أبيب ــ كل هذا في حين تعمل على تأمين أجهزتها العسكرية ــ سبباً في اكتساب حماس تدريجياً نفوذاً قسرياً كبيراً على الكيان.

في السنوات التي سبقت الحرب، وخاصة منذ عام 2018، استغلت حماس قوتها العسكرية المتنامية في جهد ناجح لإرغام الكيان على الالتزام بحدود وقواعد معينة للعبة. وعلاوة على ذلك، أجبرت حماس الكيان بنشاط على منحها تنازلات سياسية واقتصادية محدودة ولكنها جوهرية – وهو ما عزز شعور حماس بقوتها وساعد في خلق الظروف التي جعلت هجومها في 7 أكتوبر ممكنًا. وبحلول مايو 2021، تمكنت حماس أيضًا من توسيع نطاق ردعها من قطاع غزة إلى القدس والضفة الغربية، وإطلاق الصواريخ لتصبح عاملاً كان على الكيان أن يتعامل معه كلما نشأت التوترات في المنطقتين الأخيرتين.

من الناحية الموضوعية، ظلت العلاقات بين الكيان وحماس غير متكافئة بشكل حاد؛ ولكن من وجهة نظر حماس، وصلت قوتها العسكرية النسبية إلى نقطة تحول. ومن الواضح أن حماس رأت التطورات في الكيان بدءًا من أوائل عام 2023 – الأزمة الداخلية الحادة في الكيان، وصعود حكومة يمينية متطرفة، والتطبيع الوشيك بين الكيان والمملكة العربية السعودية – كفرصة وحتمية للتحرك .

كما كان التقييم المشابه إلى حد ما لضعف الكيان ونفوره من المخاطرة يشكل تدريجياً موقف حزب الله أيضاً. ففي أعقاب حرب لبنان عام 2006، أصبحت العلاقات بين الكيان وحزب الله محددة ومنظمة بالردع المتبادل . لكن حزب الله أيضاً أصبح أكثر جرأة على نحو متزايد. ففي عام 2022، شن حملة غير مسبوقة وناجحة في نهاية المطاف من الدبلوماسية القسرية، حيث هدد الكيان فعلياً بالحرب ما لم يتوصل الأخير إلى اتفاق مع لبنان بشأن حدودهما البحرية المتنازع عليها. وفي أغسطس/آب 2022، نُقل عن شخص وُصف بأنه “قائد جهادي كبير” ــ ومن الواضح أنه القائد العسكري الأعلى لحزب الله فؤاد شكر ــ قوله إن حزب الله حول تركيزه إلى “القدرات النوعية القادرة على تدمير جيش العدو وليس مجرد منعه من تحقيق أهدافه”. وكان شكر قد أشرف على استحواذ حزب الله على الصواريخ الموجهة بدقة حتى اغتياله مؤخراً . وبعد أن نجح حزب الله في إرساء الردع في مواجهة الكيان في المجال اللبناني، بدأ في تجاوز الحدود: فمن بين أمور أخرى، سمح لحماس بالانتشار عسكرياً والعمل انطلاقاً من جنوب لبنان. وكانت الجبهات المختلفة تتشابك عسكرياً واستراتيجياً، في حين كان الكيان يزداد ردعاً.

اندماج حماس في محور المقاومة الإيراني

ولقد ساهم في تعزيز ثقة حماس بنفسها، وفي نهاية المطاف في قرارها بخوض الحرب، ليس فقط التآزر المتزايد بينها وبين حزب الله، بل وأيضاً توطيد محور المقاومة واندماج حماس فيه. والواقع أن حماس وحزب الله وإيران رفعت علاقاتها إلى مستوى جديد بحلول عام 2020. وبحلول عام 2022، كما لاحظ كاتب مرتبط بحزب الله ، كانت حماس بالفعل “في قلب محور المقاومة”.

ورغم أن هذا المحور ليس تحالفاً رسمياً كلاسيكياً، فإنه يشكل شبكة استراتيجية منسقة من الجهات الفاعلة المدعومة من إيران من الدول وغير الدول والتي تعارض النفوذ الغربي في الشرق الأوسط وتهدف إلى إعادة تشكيل النظام الإقليمي. وعلى هذا، ففي حين كان معظم الاهتمام على مدى العقدين الماضيين مكرساً للبرنامج النووي الإيراني، فإن القلق الإقليمي بشأن صعود إيران الجيوسياسي كان نابعاً من نفوذها التقليدي المتزايد في الشرق الأوسط.

لقد شهدت السنوات الأخيرة توطيد العلاقات بين حماس والحرس الثوري الإسلامي الإيراني، و الحوثيين في اليمن، وجماعات “المقاومة” في العراق. وفي الأشهر القليلة الماضية، حصلت وحدات  جيش العدو في غزة على وثائق لحماس تنص على أنه يمكن تسخير  المحور في خدمة ما أشار إليه قادة حماس سراً باسم “المشروع العظيم”. نبع تقييم حماس إلى حد كبير من تجربة صراعها مع الكيان في مايو 2021.

شهد هذا الصراع، الذي أطلق عليه الجيش  اسم عملية “حارس الأسوار” لكن حماس أطلقت عليه اسم “سيف القدس”، أول مشاركة منسقة، وإن كانت متقطعة، لمحور المقاومة في الصراع وإنشاء غرفة عمليات مشتركة في لبنان.

وبعد عامين، في أبريل/نيسان 2023، تعرض الكيان مرة أخرى لهجمات صاروخية منسقة من قطاع غزة وجنوب لبنان، في أعقاب تصاعد التوترات في ساحة مختلفة تماما، وهي المسجد الأقصى.

وفي الشهر التالي، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية أكثر من 100 صاروخ على الكيان بعد وفاة أحد نشطائها في الضفة الغربية في إضراب عن الطعام أثناء احتجازه في الكيان.

وانخرط الجانبان بعد ذلك في صراع مكثف استمر أربعة أيام؛ وساعد تجنب حماس الانضمام إلى القتال في تغذية تصور الكيان الخاطئ لردعه المفترض لحماس.

وأعد التقارب بين الجبهات المتميزة سابقا المسرح لسيناريو حرب إقليمية متعددة الجبهات. وكما هو معتاد، بعد وقت قصير من إطلاق هجومها المفاجئ، حث قادة حماس شركاءهم المختلفين في محور المقاومة في المنطقة، وكذلك السكان العرب في الكيان، على أن يحذوا حذوهم. ومن نواح عديدة، كان المحور، وخاصة حزب الله، قد تم إقحامه في المعركة من قبل حماس، وإن كان بدرجة أكثر محدودية مما كانت حماس تتوقعه.

النتائج المؤقتة: برز موضوع وجودي

لقد حقق الكيان من جهة وحماس ومحور المقاومة من جهة أخرى إنجازات غير مسبوقة على المستوى الفردي والجماعي خلال الحرب الدائرة. ولا يزال من غير الواضح إلى أي مدى قد يستفيد أو يقوض الصراع المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول المصالح الاستراتيجية والجيوسياسية لكل من الجانبين. ومع ذلك، فمن الممكن أن نستشف عدة مسارات محتملة.

أولاً، من منظور استراتيجي بحت، فإن قدرة حماس على إلحاق ما يعادل “تكاليف غير مقبولة” (وهو مصطلح مستعار من نظرية الردع النووي) بالكيان كان سبباً في التدمير المتبادل، وإن كان غير متناسب، لمساحات شاسعة من قطاع غزة. ومن منظور الردع، فإن الكيان، الذي عانى من أسوأ كارثة في تاريخها، فرضت تكاليف مادية وبشرية مدمرة على غزة بشكل عام وعلى حماس وقيادتها بشكل خاص، في ما يشكل فعلياً تنوعاً تقليدياً وغير متكافئ من التدمير المتبادل.

والواقع أن الانتقام الشرس من جانب الكيان هو المثال الأكثر تطرفاً في تاريخها على “الردع بالعقاب”. إن إرساء مثل هذا المعيار المدمر للعنف، أي مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وظهور موضوع “وجودي” في المعجم الاستراتيجي للجهات الفاعلة مثل الكيان وحزب الله وإيران، سيكون له تأثير تكويني على كل من الكيان وخصومه في المستقبل.

وثانياً، وفيما يتصل بالنقطة السابقة، كانت المفاجأة الكبرى التي واجهها الكيان هي فشله في ردع حماس، على النقيض المذهل من ادعاءاتها وتقييماتها قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ومن الأهمية بمكان أيضاً أن نذكر حقيقة مفادها أن حماس وحزب الله كانا يردعان الكيان نفسه ويقيدانه حتى السابع من أكتوبر /تشرين الأول. ومن المرجح أن يلهم هذا الإدراك وحده عقلية استباقية لا هوادة فيها في الكيان تجاه هذه الجهات الفاعلة في الاشتباكات المستقبلية.

ثالثا، إن إبعاد حماس عن رقعة الشطرنج الاستراتيجية، ولو مؤقتا، لن يؤدي فقط إلى قطع الارتباط الاستراتيجي بين غزة وجنوب لبنان، بل سيؤدي أيضا إلى إعادة تشكيل محور المقاومة نفسه. وسوف يحتاج المعسكر الذي تقوده إيران إلى التعويض عن القضاء على قطاع غزة كعامل استراتيجي. وقد يؤدي هذا إلى زيادة التعاون بين قوى محور المقاومة المتبقية في المنطقة. وفي هذا الصدد، برزت حركة الحوثيين في اليمن (أنصار الله رسميا) كلاعب إقليمي حازم ومرن وفعال. ونظرا لموقعهم الجغرافي الاستراتيجي، لم يتحد الحوثيون الكيان بقطرات ثابتة من الصواريخ والطائرات بدون طيار بعيدة المدى فحسب، بل أظهروا أيضا قدرة على تعطيل الشحن الدولي بشكل كبير في نقطة الاختناق العالمية باب المندب، وبالتالي في قناة السويس المصرية التي لا تقل أهمية. وعلى الرغم من أن الحوثيين لم يكونوا مجرد لاعب إقليمي حتى السنوات الأخيرة، فقد اندمجوا منذ ذلك الحين في محور المقاومة وأصبحوا مصدر قلق عالمي. وبالإضافة إلى جهودها الرامية إلى زعزعة استقرار الضفة الغربية، من المتوقع أن تزيد هذه المحور من جهودها الرامية إلى تهديد الحدود الإسرائيلية الأردنية. ففي يونيو/حزيران، أشار مسؤول في كتائب حزب الله العراقية إلى أن “الأردن، نظراً لموقعه الجغرافي، يشكل أهمية بالغة بالنسبة لمحور المقاومة”. ومن المؤكد أن هذه التطورات قوبلت بزيادة التعاون بين الكيان والمملكة العربية السعودية وشركائهما الإقليميين.

رابعاً، سوف يحتاج حزب الله، الذي يدور منطقه واستراتيجيته الأساسية حول الردع، إلى التعويض عن خسارة حليفه الاستراتيجي في غزة. والواقع أن الكيان قد يصبح في وضع أفضل يسمح له بمواجهة حزب الله بشكل مباشر، وهو رأس حربة استراتيجية الردع المتقدمة التي تنتهجها إيران، والذي يشكل في كثير من النواحي العنصر الأكثر أهمية في محور المقاومة بأكمله. والواقع أن الصراع الحالي لا يترك مجالاً للشك في أن الحرب الشاملة بين الكيان وحزب الله لن تكون ببساطة “حرباً لبنانية ثالثة”، بل مواجهة من نوع مختلف تمام الاختلاف. وبعيداً عن الدمار الذي قد يلحق بالطرفين، فإن مثل هذه الحرب سوف تمتد على الأرجح إلى ما هو أبعد من المجال الإسرائيلي اللبناني.

ورغم أن هذا قد يمهد الطريق للردع المتبادل وفترة ممتدة من الاستقرار الاستراتيجي، فإن التحديات الكبرى تنتظرنا. ومن المتوقع أن يسرع حزب الله من بناء قوته العسكرية ويسعى إلى الحصول على قدرات أكثر دقة في التوجيه وأنظمة الدفاع الجوي. ومن المرجح أن يظهر الكيان عزما متزايدا في محاولاتها لفرض الخطوط الحمراء ومنع حزب الله من تعويض تفوقها الجوي. لقد تحطم حاجز الخوف، الذي ردع الكيان عن العمل في لبنان في العقد ونصف العقد الذي سبق الحرب الحالية، وعن انتهاك المجال الجوي اللبناني منذ عام 2019.

وفي غياب تسوية أو اتفاق ينظم الحدود الإسرائيلية اللبنانية، فإن هذه العوامل كفيلة تقريباً بإبقاء الصراع بين الكيان وحزب الله نشطاً، على الأقل إلى حد ما. وفي هذا الصدد، ومن منظور جيوسياسي، ربما يظل العامل الأكثر أهمية هو المجال الإسرائيلي اللبناني. ذلك أن الاستقرار الإقليمي يتوقف، من نواح كثيرة، على قدرة البلدين على حل جميع نقاط الخلاف، وتعزيز نوع ما من التسوية الدبلوماسية ، وتسهيل عودة السكان المدنيين الذين تم إجلاؤهم إلى شمال الكيان وجنوب لبنان بعد إعادة إعمارهما.

خامساً، فيما يتصل بظهور شبكة “مقاومة” منسقة ومتعددة الجبهات في المنطقة، فقد أوضحت الأشهر الأخيرة بوضوح تام أن محور المقاومة قوة إقليمية لا يستهان بها. ففي حين تغلب الكيان على حاجز الخوف في مواجهة حزب الله، تغلبت إيران أيضاً على حاجز خاص بها من خلال استهداف الكيان مباشرة من أراضيها. ففي إبريل/نيسان، أطلقت إيران، بالاشتراك مع الحوثيين في اليمن وبدعم من جماعات المقاومة العراقية، مئات الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل رداً على قتل الكيان لشخصيات إيرانية رفيعة المستوى في ما وصفته إيران بمبنى قنصليتها في دمشق. وقد أدى هذا إلى خلق مستوى من العنف الإقليمي من شأنه أن يلقي بظلال خطيرة على حسابات الأطراف المتنافسة وإدراكها للتهديد.

التطلع إلى المستقبل: ضرورة الدبلوماسية

ورغم أن الصراع الحالي يتحدى الخطوط العريضة الواضحة، كما أشرنا آنفاً، فإن الأشهر الأخيرة فرضت على المستوى الأكثر شمولاً تقديراً أكثر وضوحاً لحجم الدمار المحتمل الذي قد يترتب على حرب إقليمية غير منضبطة. وعلاوة على ذلك، فقد أوضحت هذه الأشهر إلى أي مدى أصبح الصراع بين الكيان وحزب الله مركز ثقل إقليمي.

لم يتحول حزب الله إلى قوة عسكرية فعّالة فحسب، بل أصبح اليوم مرتبطاً استراتيجياً بقوى وساحات إقليمية أخرى كما لم يحدث من قبل. ولهذه الحالة الهشة تأثير مباشر على الولايات المتحدة وإيران. ويتعين على كلتا الدولتين التخطيط والتصرف على افتراض أن حرباً بين الكيان وحزب الله قد تجرهما أيضاً إلى صدام مباشر. وفي حين أن القياس غير كامل بكل تأكيد، فإن هذا يشبه واقع الحرب الباردة، حيث ظلت القوتان العظميان مدركتين بحذر لسيناريو يمكن أن يتحول فيه الصراع المحلي بين عملائهما المتعارضين إلى مواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. وقبل عقد من الزمان، وفي مواجهة خيارات ثنائية غير جذابة، نجحت الولايات المتحدة وإيران في صياغة أرضية دبلوماسية وسطى .

في حين بلغ محور المقاومة مستوى جديدا من التعزيز، فإن أعضائه المختلفين لا يشتركون في قيود محلية متطابقة. على سبيل المثال، يواجه حزب الله انتقادات شديدة من الأحزاب اللبنانية التي لا تشاركه رؤيته أو استعداده للمخاطرة من أجل الفلسطينيين. كما اكتفت سوريا التي مزقتها الحرب بالعمل في الغالب كساحة لوجستية. وتشكل مثل هذه التناقضات والقيود أهمية كبيرة لمواجهة المحور.

لا يبدو أن هناك حلا سهلا أو حتى عمليا للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لكن الحرب أوضحت بشكل وحشي الاقتراح التالي: إن تجاهل القضية الفلسطينية أو تجاوزها بأي شكل من الأشكال هو رهان متهور. لقد أدى نهج الكيان قبل الحرب، والذي بموجبه لا ينبغي السماح للفلسطينيين بممارسة حق النقض على التطبيع الإسرائيلي السعودي – كما أكد رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة قبل أسبوعين فقط من الحرب – إلى تعجيل مقامرة حماس الجسيمة.

كل ما سبق يسلط الضوء على الأهمية الحاسمة للدبلوماسية الإقليمية.  إننا نواجه الآن سؤالاً خطيراً يتلخص في ما إذا كان التوازن الإقليمي ممكناً في الوقت الحالي، أم أن المنطقة وشعوبها لابد وأن اغاني من المزيد من الدمار والاضطرابات قبل أن يستقرا.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي