أخبارأخبار رئيسية

“الهلال الشيعي” ينقلب على الملك

شبكة الهدهد

معاريف

د. شاي هار – تسفي باحث كبير في معهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمن

 

تعكس الزيارة الاستثنائية التي قام بها وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي الى ايران قبل نحو أسبوع الشرك الذي توجد فيه الاسرة المالكة منذ نشوب حرب السيوف الحديدية، وبقوة اكبر – منذ الهجمة الإيرانية على إسرائيل قبل نحو أربعة اشهر. فالمرة الأولى التي أجرى فيها محفل اردني رفيع المستوى زيارة رسمية لإيران كانت في 2004، حين زار رئيس الوزراء في حينه فيصل الفايز. الملك عبدالله نفسه زار ايران في 2003. وبشكل رمزي، فانه حتى لاحتفال ترسيم الرئيس الإيراني الوافد قبل نحو أسبوعين، امتنع الأردن عن ارسال مندوب من قيادة النظام.

 

تعكس زيارة الصفدي محاولات المناورة التي يقوم بها الأردن بين كونه لاعبا مركزيا في المعسكر المؤيد لامريكا وبين الخوف من التداعيات على استقرار النظام في سيناريو حرب إقليمية. يحتمل أيضا انه كان هدف إضافي لنقل رسائل من الولايات المتحدة وجهات أخرى بالنسبة للتداعيات الإقليمية ولايران نفسها اذا ما قررت هذه حقا مهاجمة إسرائيل. في محاولة لعرض الحيادية ادعى الصفدي حتى بان الأردن لن يسمح لاي دولة بان تستخدم مجالها الجوي لاعمال عسكرية.

 

في الأشهر الأخيرة طرأ ارتفاع آخر في درجة العداء بين الأردن وايران وذلك ضمن أمور أخرى بسبب ما اعتبر في طهران كوقوف من المملكة الى جانب إسرائيل في كل ما يتعلق بصد هجمة الصواريخ والمُسيرات. ويجدر بالذكر ان للعداء بين الدولتين توجد جذور تاريخية عميقة. فقد كان الملك عبدالله هو من وضع قبل نحو عقدين اصطلاح “الهلال الشيعي” بهدف التحذير من تطلعات ايران السيطرة على الشرق الأوسط.

 

منذ نشوب الحرب اضطر البيت الملكي الأردني للتصدي للضغوط الداخلية المتصاعدة ومظاهرات التأييد لحماس وضد إسرائيل في ارجاء المملكة. قيادة النظام توجه، صبح مساء، انتقادا لاذعا لإسرائيل بل وتدعي بان هذه ترتكب جرائم حرب ضد سكان غزة. الصفدي نفسه يبرز كمن يقود الخط المتصلب تجاه إسرائيل، وغير مرة وجه انتقادا لاذعا للاعمال في غزة. بالتوازي، يبرز النظام المساعدة الإنسانية التي ينقلها لسكان القطاع في محاولة لاظهار التضامن مع معاناة السكان.

 

الى جانب ذلك، تبدو واضحة جهود متصاعدة من جانب ايران ووكلائها لضعضعة الاستقرار الداخلي في المملكة واستغلال الوسط الأردني لتهريب وسائل قتالية الى الضفة. عمليا، بسبب أهمية الأردن الجغرافية – الاستراتيجية، فان المحور الراديكالي يرى فيه البطن الطرية للمعسكر المؤيد لامريكا في المنطقة. وذلك، بقدر كبير، بسبب حقيقة ان اكثر من 50 في المئة من سكانه هم من اصل فلسطيني، وفي ضوء الازمات الاقتصادية والتوترات الاجتماعية في المملكة. وعليه، ففي نظر محافل المحور، فان ضعضعة النظام الأردني تخدم مصالح استراتيجية واسعة في المعركة على طبيعة المنطقة وفي المواجهة مع إسرائيل.

 

في نظر الولايات المتحدة الأردن هو شريك هام في المعسكر المؤيد لامريكا في المنطقة وفي الائتلاف العربي والدولي ضد المحور الإيراني. ليس صدفة انه تجرى في الأيام الأخيرة اتصالات مكثفة بين قيادة النظام الأردني والإدارة الامريكية. تعبير عن أهمية الأردن يمكن ان نراها في القرار الذي اتخذه الناتو قبل بضعة أسابيع بشأن فتح مكتب الارتباط الأول في الشرق الأوسط في أراضي المملكة. كما ان للاردن يفترض أن يكون دور مركزي في رؤيا الرئيس بايدن للشرق الأوسط. هكذا مثلا الممر الاقتصادي من الهند وحتى أوروبا يفترض أن يمر في أراضي المملكة.

 

من الزاوية الإسرائيلية يشكل الأردن عمود فقري مركزي في الامن القومي والجبهة الداخلية الأمنية الشرقية لإسرائيل. فالسلام بين الدولتين هو مدماك مركزي في التصدي لرأس الافعى الإيراني.

 

في ضوء ذلك، وعلى خلفية التهديدات على استقرار النظام، ينبغي لحكومة إسرائيل ان تبدي حساسية تجاه الازمات التي يعيشها الملك. عمليا، عليها أن تمتنع عن التهجم على الاسرة المالكة عن التصريحات والخطوات التي فيها ما يحرج الملك، العمل على تسوية الخلاف في الغرف المغلقة ليس علنا، وتحويل مخصصات المياه اللازمة للمملكة.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي