أخبار

موقف جهاز الأمن: الصفقة في متناول اليد، يبدو أن نتنياهو لا يريدها

  

عاموس هرئيل

  

      

         الرد الأخير لحماس على عرض الوسطاء في المفاوضات حول صفقة التبادل، الذي تم تسليمه للكيان أول أمس، أثار خلافًا كبيرًا بين رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ورؤساء جهاز الأمن. المستويات المهنية التي تعالج قضية الأسرى والمفقودين، ووزير جيش العدو يوآف غالنت، يشخصون الآن فرصة لاختراقة في المفاوضات.

  

         نتنياهو، كما يظهر من التسريبات ومن التصريحات الرسمية أيضا، لا يتفق معهم في الرأي. في الاختيار بين إطلاق سراح الأسرى(حتى لو كان بثمن مرتفع) وبين بقائه السياسي، من الواضح ما الذي سيختاره، نتنياهو يخشى من حل التحالف مع أحزاب اليمين المتطرف التي يمكن أن تفرض عليه انتخابات مبكرة، وحسب جهات رفيعة في جهاز الأمن فأن النتيجة يمكن أن تكون تفويت فرصة ستكلف حياةأسرى آخرين واستمرار القتال في القطاع وربما حتى تصعيد آخر مع حزب الله.

  

         مثلما في حالات أخرى كان يمكن معرفة رد حماس القادم حتى قبل تسلمه هنا بالكامل، نتيجة التسريبات المتعمدة من الطرف الإسرائيلي، في يوم الثلاثاء صور نتنياهو بسرعة فيلم تشاجر فيه مع مصادر مجهولة، ضباط كبار في جيش العدو الاسرائيلي الذين تم اقتباسهم في “نيويورك تايمز”، يطالبون فيه بوقف القتال في القطاع بذريعة أن الجيش يجب أن يخزن السلاح ويركز على الاستعدادات لمواجهة محتملة أكثر قسوة في الشمال.

رسالة رئيس الحكومة، لن نوقف القتال في القطاع، وجهت أيضا لأذن رئيس حماس في القطاع يحيى السنوار، نتنياهو سبق وأتبع هذاالنهج عدة مرات منذ بداية السنة في اللحظة التي لاح فيها بصيص أمل للتقدم.

  

         مثلما في شهر نيسان الماضي، عرفنا مرة أخرى عن قدرة التنبؤ المثيرة للانطباع لبتسلئيل. الوزير سموتريتش، في خطاب يستكشففيه المستقبل في مؤتمر سدروت، حذر في يوم الثلاثاء من أن السنوار يمكن أن يرد بالايجاب فجأة على اقتراح الوسطاء “لأنه في حالة ذعرو لأنه يعرف بأننا قريبين من النصر”، تحذير سموتريتش تحقق في اليوم التالي عندما وصل رد حماس.

مكتب رئيس الحكومة، بنمط أصبح معروف من الأشهر الماضية، التقنع بهيئة مصدر أمني رفيع أعلن بأنه لا يوجد أي شيء جديد في ردحماس المتشدد، عدم السماح للكيان بالعودة إلى القتال بعد تطبيق المرحلة الأولى من الصفقة.

إطلاق سراح الأسرى الإنساني لنساء وشيوخ ومرضى وجرحى يضحي بالأسرى . هذا التفسير جر بشكل استثنائي تحفظات قاطعةلجهات أمنية أصيلة أكثر. فقد قالت هذه الجهات بإنه “يوجد ما يمكن التعامل معه” إزاء عرض حماس، ودعت إلى عدم تفويت هذه الفرصة.

  

         في مركز رد حماس يوجد البند 8 في اقتراح بايدننتنياهو، كما تمت بلورته في شهر أيار الماضي، نقطة الخلاف تتعلق حتى الآن في مسألة أي المواضيع ستتم مناقشتها في الفترة الانتقالية بين المرحلة الانسانية والمرحلة الأخيرة في الصفقة، التي فيها ستتم إعادة كل الأسرى الباقين، الجنود والرجال، ومعهم جثامين الأسرى الذين قتلوا أو ماتوا في أسر حماس.

الفلسطينيون طلبوا مناقشة فقط في هذه المرحلة مسألة نسبة إطلاق سراح سجناءهم، في حين أن الكيان أرادت أن يكتب بأن المفاوضاتستشمل أيضا هذه القضية (أي أن هناك مواضيع أخرى). الرد الجديد لحماس يتضمن، كما تم الادعاء، إظهار مرونة حقيقية بخصوص صياغة البند، يبدو أنه خلافا لأقوال نتنياهو فان الرد أيضًا لا يمنع تمامًا الكيان من العودة في المستقبل للقتال إذا خرقت حماسالتفاهمات.

  

         في المقابل، حماس لم تتنازل بشكل كاف من وجهة نظر الكيان عن مطالبتها بضمانات خارجية كي لا يعود جيش العدو الاسرائيليإلى القتال، ولكن هناك من يقولون بأن الأمر يتعلق بعائق يمكن التغلب عليه، بعد اجتياز العقبة الكأداء في الموضوع الرئيسي فأن حماس ستحاول الحصول على ثمن آخر، في مرحلة مبكرة أكثر،  في مركز طلبات حماس يقف إطلاق سراح مئات السجناء في المرحلة أ، من بينهمحوالي 150 من أصحاب المؤبدات (حتى الآن أقل من عدد السجناء المحكومين بالمؤبد الذين تم إطلاق سراحهم في صفقة شاليط، التي قادها نتنياهو وصادق عليها في العام 2011).

  

         في اللقاء الذي أجراه مع عائلات الأسرى مساء أول أمس قال غالنت “نحن قريبون جدًا من الصفقة أكثر من أي وقت مضى”. كيفسيتم تحقيق ذلك اذا استمر نتنياهو في افشال الصفقة؟. في محيط وزير الدفاع يعتقدون، مثلما في الليلة التي حاول فيها نتنياهو إقالته وأضطر إلى التراجع، في آذار السنة الماضية، فأن الكثير يتعلق بتدخل الجمهور، التفسير هو أنه إذا احتاج الأمر إلى خروج مئات آلافالمواطنين إلى الشوارع من أجل إجبار رئيس الحكومة ربما هذا سيكون ما نحتاجه ايضا في هذه المرة، هذه هي لحظة الحقيقة، فبدون استيقاظ الجمهور لن تكون صفقة والحرب ستستمر وربما تحتدم في أكثر من جبهة.

  

         أمس في أعقاب ضغط كبير صادق نتنياهو على خروج الوفد لمواصلة المفاوضات حول الصفقة. ولكن في البيان العلني حرصعلى تقييد الوفد بحيث يجد صعوبة في التقدم. يبدو أن رئيس حكومة العدو يريد الحفاظ على وضع القتال الحالي مع أنتظاربشرى طيبة في الساحة الدولية. هنا بدأت تغير إيجابي من ناحيته بعد الظهور الفظيع للرئيس الامريكي جو بايدن في المناظرة فيالتلفزيون مع منافسه دونالد ترامب قبل أسبوع. يمكن تمرير الوقت في حرب بلا نهاية إلى أن ربما يأتي فوز ترامب ويغير المقاربة الأمريكيةللحرب في الشرق الأوسط، ولكن حتى ذلك الحين فأن الأسرى سيعانون وربما يموتون.

  

         رد حماس خلق أجماع نادر بين غالنت وبين رؤساء الأجهزة التي تعمل في المفاوضات مثل جيش العدو الاسرائيلي والموساد والشباك ومركز الأسرى والمفقودين برئاسة الجنرال احتياط نيتسان الون. هم لا يتجاهلون الفجوة بين مواقف الطرفين، لكنهم يعتقدون أنه في هذهالمرة يمكن جسر هذه الفجوة.

باختصار، مرة اخرى توجد صفقة على الأجندة، ربما خلال بضعة أسابيع سيكون بالإمكان إنهاء اتفاق، يشمل إعادة عدد من الاسرىغ إلىجانب مسار متفق عليه لنقاش مستقبل إطلاق سراح الباقين، في نفس الوقت ربما سينشأ هنا مدخل لمفاوضات سريعة حول صفقة فيالشمال، التي هدفها إبعاد قوة “الرضوان” التابعة لحزب الله الى ما وراء نهر الليطاني، على أمل أن يكون هذا كاف لإقناع معظم سكانالحدود الاسرائيليين بالعودة إلى بيوتهم. ولكن الطريق لإقناع حسن نصر الله بوقف النار تمر في غزة وفي صفقة تبادل الأسرى .

  

       رد تلقائي

  

         إذا كان هذا هو الهدف حقا فأنه من غير الواضح إذا كانت عمليات الكيان الأخيرة في لبنان تخدمه، أول أمس قام جيش العدوالاسرائيلي بواسطة مسيرة هجومية باغتيال قائد وحدة عزيز في حزب الله، محمد نعمة ناصر. القتيل عمره 59 سنة، وقد تمت تصفيته قربصور داخل القاطع المسؤول عنه، الجزء الغربي من الحدود مع الكيان. هذه العملية سبقها اغتيال اثنان من القادة الكبار في حزب الله، برتبةقائد فرقة، قائد قوة النخبة في الرضوان وقائد وحدة ناصر في الجهة الشرقية للحدود. إضافة الى ذلك اغتال الكيان 10 قادة كبار في حزبالله، بمستوى يساوي قائد لواء، الرد الأساسي لحزب الله جاء ظهر أمس على شكل صليات، 200 صاروخ و20 مسيرة انقضاضية، أطلقتنحو الجليل وهضبة الجولان ومنطقة بحيرة طبرية، من إصابة صاروخ لمعسكر لجيش العدو الاسرائيلي في هضبة الجولان قتل الرائد احتياطايتي غيلات (38 سنة) من رمات غان، ونائب قائد سرية في وحدة الاستخبارات في فرقة يفتاح. وأصيب جندي إصابة طفيفة.

  

         المحللون في وسائل الاعلام في الكيان تأثروا من القدرة التي ظهرت في عملية التصفية الأخيرةمعلومات استخبارية دقيقة يصعبالوصول إليها وقدرة نظيفة على التنفيذ دون المس بألابرياءومن الخوف، حسب تقديرهم، الذي سيثيره استعراض القوة هذا في أوساطرؤساء حزب الله إزاء ما يمكن للمنظمة أن تتعرض له إزاء حرب شاملة مع الكيان.

ولكن من الجدير التوقف عند التداعيات الاستراتيجية لعملية كهذه، بالذات في موازاة خلق فرصة حقيقية للدفع قدما بصفقة التبادل وإنهاءالحرب.

  

         يبدو أن جيش الهدهد الاسرائيلي وجهاز الاستخبارات أيضا، ما زالوا أسرى أفكار “المعركة بين حربين”، الاستراتيجية التي سيطرتفي العقد السابق، الكيان تبجح في هذه السنوات بقدرته على تنفيذ عمليات دقيقة جدًا تستند إلى معلومات استخبارية دقيقة، التي مستحسب تقديره بالبنية العسكرية لاعدائها وردعتهم.

عمليًا، في الوقت الذي أحبط فيه جيش العدو الاسرائيلي إرساليات سلاح وقام بتصفية شخصيات رفيعة، فأن إيران والمنظمات في المنطقةاستمروا في السعي إلى تحقيق أهدافهم الاستراتيجيةبناء “حزام ناري” من المنظمات والصواريخ حول الكيان، التي يتم تشغيلها بنجاحمنذ بداية الحرب الحالية.

  

         أيضا الآن إلى جانب الإنجاز العملياتي والمعنوي الذي يكمن في تصفية ناصر، مشكوك فيه إذا كانت عملية التصفية تدفع قدمابإعادة الهدوء، على الأقل في المرحلة الحالية هو لا يساعد في أمن سكان إصبع الجليل أو هضبة الجولان. أكثر من كون الهجوم بدأ كجزءمن استراتيجية مبررة ومشخصة فأنه يفسر كرد تكتيكي، شبه تلقائي، على واقع غير محتمل، الذي فرضه حزب الله على الكيان على طولالحدود.

  

         الدكتور شمعون شبيرا، الخبير في شؤون حزب الله، قال إن قادة القطاعات الذين قتلوا في الفترة الأخيرة ينتمون للجيش المؤسسلحزب الله، الذي تأسس في 1982 في أعقاب غزو الكيان للبنان في حرب لبنان الأولى. القائدان ترعرعا في ظل ثلاثة أشخاص رئيسيينالأمين العام للحزب حسن نصر الله، وعماد مغنية رئيس الذراع العسكري في الحزب، الذي تمت تصفيته في دمشق في 2008، وصهرهمصطفى بدر الدين، من رؤساء الذراع العسكري في الحزب، الذي تمت تصفيته بعد تسع سنوات، يبدو بتوجيه من حسن نصر الله نفسهعلى خلفية توتر داخلي في الحزب، جزء من هؤلاء القادة شاركوا في صباهم في حدث تأسيسي في أسطورة المنظمةمعركة خلدة التيهاجمت فيها المقاومة الإسلامية قافلة مدرعة لجيش العدو الاسرائيلي في جنوب بيروت، آخرون تم إرسالهم لتدريب مقاتلينمسلمين في البوسنة، في فترة الحرب الاهلية في يوغسلافيا بعد عشر سنوات.

  

         ناصر قاد قوات حزب الله في المعركة ضد جيش العدو الاسرائيلي في بنت جبيل في حرب لبنان الثانية في 2006. بعد بضع سنواتتم إرساله لقيادة قوات حزب الله في مدينة حمص في سوريا في فترة الحرب الأهلية، في 2016 تم تعيينه في منصبه الحالي في حزب الله،خلافا لجيش العدو الاسرائيلي في الحزب يؤمنون بفترة الولاية الطويلة. ولأن حزب الله كما قلنا يقلل من استبدال القادة، ويبقيهم في المنصبحتى عمر متقدم من أجل استغلال تجربتهم القتالية، فان الأمر يبدو أنه يتعلق بضربة غير سهلة.

التصعيد، مرة أخرى نتيجة عملية اسرائيلية، يحدث في الوقت الذي فيه الولايات المتحدة وفرنسا، والآن بمساعدة المانيا، تحاول العودةوتحريك المفاوضات السياسية، المبعوث الأمريكي في المنطقة، عاموس هوخشتاين، حاول إقناع حزب الله بالتأثير على حماس من أجل الدفعقدما بصفقة التبادل، على أمل أن يتم التوصل الى وقف إطلاق النار في الجبهتين، حزب الله، بواسطة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري(رئيس حركة أمل)، رد بالسلب.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي