أخبار

جبهة المواجهة الإيرانية مع الكيان: أين الأسد؟

هآرتس

تسفي برئيل

في بداية شهر نيسان وبعد ثلاثة أيام على اغتيال قائد “قوة القدس” في حرس الثورة الإيراني من قبل الكيان، محمد رضا زاهدي، الذيكان يوجد في مبنى قرب القنصلية الإيرانية في دمشق، تم اقتباس من مصدر رفيع في المجلس الأعلى للأمن القومي في طهران، الذي قال،إن قوات الأمن نقلت إلى المجلس تقريرا طرحت فيه الشكوك بأن رجال النظام في سوريا متورطون في تصفية قادة إيرانيين كبار، حسب هذاالمصدر فإن تسريبات من أجهزة الأمن السورية هي التي مكنت الكيان من تنفيذ الاغتيال، قبل شهرين من ذلك قالت مصادر في ايرانلوكالة “رويترز”، إن أجهزة الأمن السورية تشك في أن جهات سورية تنقل للكيان معلومات دقيقة، التي ساعدتها على قتل عدد كبير منالقادة في “قوة القدس”.

وسائل إعلام عربية أشارت إلى أن بشار الأسد كان الشخص الوحيد من بين قادة “جبهة المقاومة” الذي لم يهنئ ايران بهجوم الصواريخوالمسيرات ضد الكيان ردا على تصفية زاهدي. الأسد كان الوحيد من بينهم الذي لم يشارك ولم يلق خطابا في احتفالات “يوم القدس”، التيتبادر إلى إجرائها ايران في كل سنة.

علامة الاستفهام الكبيرة برزت إزاء غيابه عن جنازة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي قتل في حادثة المروحية في شهر أيار. “هلالأسد هو في الأصل جزء من جبهة المقاومة ووحدة الساحات؟”، سأل محللون عرب وتساءلوا كيف يعقل أن سورية تسمح للكيان بمواصلةمهاجمة أهداف إيرانية وقوافل سلاح ومعدات مخصصة لـ”حزب الله”، في حين أن ايران و”حزب الله” والحوثيين والمقاومة العراقية تعملضدها بصورة منسقة.

حسب مصادر غربية وعربية فإنه مع بداية الحرب أرسل الكيان وروسيا والولايات المتحدة إلى الأسد رسالة قاطعة، حذروه فيها من الانضمامإلى حرب إلى جانب “حزب الله” أو إيران. يبدو أن التهديد الكبير شمل أيضا التحذير من المس بأجهزة النظام وقصر الرئاسة، حسبمعرفتنا، الأسد لم يصغ فقط جيدا للتحذيرات، بل ارسل لـ”حزب الله” رسائل خاصة به، و”عرض” عليه عدم توسيع الحرب أو تعميق الهجماتداخل الكيان.

الرئيس السوري يبدو أنه لم يكن بحاجة إلى حملة إقناع كبيرة جدا، منذ قررت “حماس” في 2012 قطع علاقاتها مع النظام السوري علىخلفية المذبحة التي ارتكبها ضد أبناء شعبه والعلاقات لم يتم ترميمها، العلاقات بين “حماس” وإيران بدأت تتحسن رويدا رويدا وبتشكك فقطقبل حوالى سنتين. جزء من قيادة التنظيم، لا سيما خالد مشعل، ما زال يعارض تعزيز العلاقات مع طهران، في بداية حزيران، عندما طرحتللمرة الثانية إمكانية أن تطرد قطر قادة “حماس” من أراضيها نشر أن إيران فحصت مع الأسد إمكانية أن تستوعب بلاده من سيتم نفيهم،الجواب الذي وصل من دمشق هو الرفض المطلق.

الأسد الذي نجح في اجتياز الحرب الأهلية التي اندلعت قبل 13 سنة، وأن يعيد لنفسه بمساعدة كبيرة من روسيا السيطرة على معظم أجزاءبلاده، يدير منذ ذلك الحين منظومة علاقات محسوبة وحذرة مع ايران. هو في الحقيقة حصل منها على مساعدة اقتصادية تبلغ المليارات،سواء بالاعتمادات أو النفط أو المنتجات الاستهلاكية، لكن المقابل الاقتصادي الرئيسي، السيطرة على حقول النفط في سورية وامتيازاتمستقبلية بالتنقيب عن النفط والغاز أمام شواطئها في البحر المتوسط، منحها بالتحديد لروسيا التي هو مدين بنجاحه العسكري لقرارها في2015 الانضمام لحربه ضد المتمردين.

بعد ذلك وبناء على طلب من موسكو اضطر الأسد للموافقة على عدة تنازلات، التي أغضبت ايران، من بينها تجاهله لهجمات الكيان علىأهداف إيرانية في سوريا، التي تنفذ بالتنسيق مع القوات الروسية في سوريا، في حين أن شرط ذلك هو تجنب المس بالنظام وبمؤسساته.

كجزء من التنسيق غير المباشر بين الكيان وسوريا فقد أمر أيضا بإبعاد جزء من قوات المنظمات الإيرانية عن هضبة الجولان وعن جنوبسوريا، بالأساس في درعا والسويداء، وان لم يكن لعمق 85 كم كما طلب الكيان، وقد احتلت مكانها على الأقل بشكل جزئي قوات شرطيةروسية.

في هذه المحافظات، لا سيما في مدينة السويداء الدرزية، تجري منذ شهر آب الماضي تظاهرات ضد النظام، التي بدأت على خلفيةالخطوات الاقتصادية التي اتخذها الأسد، لكنها بسرعة تحولت إلى احتجاج سياسي يشمل المطالبة بإقصاء الرئيس عن الكرسي. الشبابالدروز بتعليمات من عدد من رجال الدين في الطائفة يرفضون التجند في الجيش السوري بذريعة أنهم غير مستعدين لأن يكونوا جزءا منحرب النظام ضد المدنيين السوريين.

إلى جانب ذلك، النظام يواجه منذ أشهر حركة شعبية درزية، ضد شرعيته وتطلب من المجتمع الدولي التدخل لتطبيق قرارات الأمم المتحدةالمتعلقة بسوريا،  الأسد يتهم الحركة التي يترأسها الشيخ حكمت الهجري بأنها تعمل على إقامة منطقة حكم ذاتي درزية مستقلة مثلالمحافظات الكردية التي توجد في شمال الدولة، وبالتالي، تمزيق سوريا، هذا المبرر يحاول الأسد من خلاله العودة والسيطرة على هذهالمنطقة، لكن حتى الآن دون نجاح.

الحساسية والخوف من مواجهة مع الطائفة الدرزية إلى جانب الضغط الدولي الذي يعرف رؤساء الطائفة كيفية تجنيده، الذي يشملتدخل نظرائهم في الكيان وعلى رأسهم الشيخ موفق طريف، تجبر النظام على التصرف بحذر كبير. هكذا وضع الجيش السوري فيالأسبوع الماضي حاجزا على مدخل السويداء الشمالي. الاحتجاج الذي ثار في أعقاب ذلك هدد بحدوث مواجهة عنيفة بين الدروز والجيش،وفقط بتدخل بعض رؤساء الطائفة تم التوصل إلى “اتفاق” الذي بحسبه سيتم نقل الحاجز غربا ولن يتم استخدامه لفحص المواطنين أوكحاجز فحص للمدنيين.

إلى هذه القصة، تم زج اسم الكيان أيضا على اعتبار أنها هي التي تشجع إقامة حكم ذاتي درزي، “حزام امني” ضد المنظمات المؤيدةلإيران أو ضد قوات “حزب الله”. حسب أحد التقارير بالتحديد، نظام الأسد هو الذي قام بالتنسيق مع الكيان بتكثيف قواته في جنوب سوريامع وعد بأن تحل هذه القوات محل قوات “حزب الله” في المنطقة، لا توجد أي حاجة إلى اعتبار هذه التقارير حقيقة واقعة، لكنها تدل على دورالكيان في الخطاب السياسي وليس فقط العسكري في سوريا.

سواء يؤمن الأسد بقوة الكيان لتقويض نظامه بواسطة علاقاتها مع الطائفة الدرزية أو أنه يستخدمها كذريعة لتجنيد رؤساء الطائفة إلىجانبه، فإنه يمكن التقدير بأنه غير معني بوضع هذه القضية محل اختبار عملي عن طريق انضمامه كطرف في “جبهة المقاومة” أو أن يتحولإلى عامل ناجع في “وحدة الساحات”. من ناحية ايران هذا يعني أنها حتى الآن لم تنجح في ضم إلى الجبهة أي دولة سيادية. إيرانستواصل إدارة “حلقة نيرانها” بواسطة منظمات توجد لكل واحدة منها مصالحها الخاصة التي لا تتساوق دائما مع بعضها البعض.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي