أخبارأخبار رئيسية

توجد منذ الآن دولة فلسطينية، إنها الأردن!! 

شبكة الهدهد

البروفيسور أبراهام فاوست* عالم آثار في دائرة التاريخ العام في جامعة بار إيلان

معاريف

تفهم الغالبية الساحقة من الجمهور الإسرائيلي أنه لو بدأت الهجمة المفاجئة التي وقعت في فرحة التوراة من مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة أيضا، لكانت نجاة دولة إسرائيل موضع شك. بما يتناسب مع ذلك، فإن قلة فقط من سكان إسرائيل مستعدة لأن تنظر، اليوم، في إقامة دولة فلسطينية. للمفارقة، تدفع الإدارة الأميركية بقوة نحو إقامة مثل هذه الدولة، وتحظى بذلك بتأييد واسع في العالم. إن النتائج المحتمة لهذه الميول المتضاربة هي صدام جبهوي تنكشف بوادره بالتوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

في المدى الفوري، لا مفر أمام إسرائيل من أن تصد كل محاولة لإقامة دولة فلسطينية حتى بثمن مواجهة مع الأميركيين. ولكن إذا ما أهملنا الساحة السياسية – الإعلامية، وبدون إسناد أميركي فسيفرض العالم إقامة دولة فلسطينية بالضبط مثلما فرض على تشيكوسلوفاكيا اتفاقات ميونخ وعمليا تفكيكها. وبالتالي، على إسرائيل أن تأخذ المبادرة السياسية، وفضلا عن تأكيد المخاطر التي في الدولة الفلسطينية، أن تعرض سياسة يمكنها أن توفر البديل، لأصدقاء إسرائيل في العالم على الأقل، عن المطلب المتزايد لإقامة دولة فلسطينية. لأجل عمل هذا على إسرائيل أن تعود إلى الموقف الذي كان مقبولا من أقسام واسعة من الجمهور الإسرائيلي، لكنه اهمل لأسباب مختلفة وان تقول بصوت عال وواضح، انه توجد منذ الآن دولة فلسطينية، وهي الأردن.

إن الفهم انه توجد دولة فلسطينية، وان عرب “يهودا والسامرة” ليسوا شعبا بلا دولة، بل أقلية تعيش خارج دولتها، سيدفع قدما بالفهم انه تُحتمل حلول سياسية لا تتطلب إقامة دولة فلسطينية (إضافية) غرب نهر الأردن، مثلا حكم ذاتي للسكان العرب، يكونون مواطنين من المملكة الأردنية، وينالون حكما ذاتيا محدودا فيما تكون المسؤولية الأمنية الكاملة من غرب نهر الأردن في ايدي إسرائيل.

لقد هجر هذا الموقف كون حكام الأردن البدو، الذين لا يرون أنفسهم كفلسطينيين، لا يحبون أن يذكروا بأن مملكتهم أقيمت على القسم الشرقي من فلسطين (بلاد إسرائيل) التاريخية (Eastern Palestine)، في أعقاب اتفاقات السلام مع الأردن تخلوا في إسرائيل أيضا عن طرح هذا الادعاء.

إن سياسة “الأردن هو الدولة الفلسطينية” ستجر معارضة حتى في إسرائيل. أولا، ثمة نهج مسيحاني يرى في إقامة دولة فلسطينية رؤيا الآخرة. صحيح أن الحديث يصدر عن نهج هامشي من ناحية جماهيرية، لكن يشارك فيه كثيرون في القيادة، وهؤلاء سيحاولون عرقلة سياسة تمنع تجسيد رؤياهم. كما إن قادة جهاز الأمن سيعارضون تغيير السياسة سواء لأن بعضهم يشاركون في الموقف آنف الذكر أم لأنهم من ناحية اجتماعية سيعارضون كل موقف يعتبر كـ”يميني”، أم لأنهم لا يزالون معنيين بكسب الهدوء بكل ثمن ويخافون من انهيار الأردن وتحوله إلى دولة مواجهة. ولكن علمتنا أحداث 7 أكتوبر بأنه ليس فقط لا يجب الاعتماد على قادة جهاز الأمن في فهم الواقع في الشرق الأوسط بل إن سياسة كسب الهدوء نهايتها أن تتفجر.

إن تحول الأردن إلى دولة مواجهة سيزيد بالفعل المخاطر الفورية في حدودنا الشرقية، لكن الحكم في الأردن متعلق بنا اكثر مما نحن متعلقون به، وليس مؤكدا أنه سيسارع إلى تحطيم الأواني. فضلا عن هذا يحتمل أن في نهاية الأمر ستستولي الأغلبية الفلسطينية على الحكم في الأردن وعندها ستتحول الحدود على أي حال إلى “ساخنة” والاهم من كل شيء: مهما كانت المخاطر التي تنطوي على انكشاف الهوية الفلسطينية للأردن، فإن المخاطر التي في إقامة دولة فلسطينية في مركز البلاد، فورية اكثر واكبر بلا قياس.

على قيادة الدولة أن تتغلب على المخاوف وعلى معارضة كبار الموظفين، وان تبلور سياسة “المشكلة الفلسطينية” في سياق أوسع وتمنع إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي