أخبارشؤون عسكرية

إسرائيل تغرق في وحل غزة

ركّز العديد من المعلّقين الإسرائيليين، اليوم الأحد، على الثمن الباهظ الذي تجبيه حركة حماس من جيش العدو الإسرائيلي خلال المعارك البرية في قطاع غزة، وذهب بعضهم لاعتبار ما يحدث “حرب استنزاف”، و”حرب عصابات” (حرب شوارع)، وآخرون أشاروا إلى أن القوات عالقة في “وحل غزة”، بعد نحو 80 يوماً من الحرب.

تحت عنوان “حرب استنزاف”، استعرضت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الصعوبات التي تواجه جيش العدو الإسرائيلي خلال معاركه في قطاع غزة، مشيرة إلى أن “إصرار حركة حماس يكبّد جيش العدو الإسرائيلي ثمناً باهظاً”، في إشارة إلى مقتل عدد كبير من الجنود في نهاية الأسبوع الحالي، والذي بلغ 13 جندياً على الأقل في غضون 24 ساعة، فضلاً عن عدد كبير من الإصابات.

ووصفت الصحيفة ما يحدث بأنه “حرب عصابات” وأن حركة حماس تتعلم أيضاً خلال الحرب وتستخلص العبر، وتوظّف ذلك في معاركها، في حين تقوم قوات جيش العدو الإسرائيلي بما أمكن من أجل أن تتغيّر هي أيضاً أمام “العدو الذي يواصل التحسّن ويحاول من طرفه نقل استخلاص العبر بين جباليا وبيت حانون والشجاعية ودرج التفاح”.

وزعمت الصحيفة أن جنود العدو عثروا عدة مرات في جيوب المقاومين الذين قتلوهم *على قصاصات ورقية، تحتوي على تعليمات بشأن كيفية مفاجأة قوات العدو الإسرائيلية والتربص لها في أماكن معيّنة، وحتى في بعض الأحيان في أي تواريخ عليهم الخروج من مخابئهم تحت الأرضية.

وتابعت الصحيفة بأن المقاومين من حماس “يواصلون تعلّمهم الذي لا ينتهي، كما يبدون صبراً يبدو أنه خُطط من البداية”، وفي الأيام الأخيرة، ازدادت التقارير في جبهات القتال داخل قطاع غزة حول استخدام قناصين ضد جنود الاحتلال.

واعتبرت الصحيفة أنه من الطبيعي، مع مرور الوقت، تراجع اليقظة التي كان يبديها جنود الاحتلال في البداية، وكذلك الالتزام بالتعليمات وعدم الوقوف في أماكن مكشوفة، ما يقود إلى إظهار نقاط ضعف لدى الجيش تستغلها المقاومة.

وخلصت الصحيفة إلى أن تمرير تعليمات للمقاومين عبر رسائل ورقية وزيادة استخدام القناصة والفخاخ ليسا سوى بعض الأمثلة على “حرب العصابات” التي تتطور.

مؤشر على فشل الحرب على غزة

وقد سخر الكاتب نير كنفيس من تعهدات القادة الإسرائيليين بتحقيق النصر في الحرب على غزة، عادّاً تكبد جيش العدو المزيد من الخسائر في الأرواح دليلاً على استحالة تحقيق النصر.

وفي تحليل نشره اليوم الأحد موقع “والاه”، أضاف كنفيس: “بعد شهرين ونصف على بدء الحرب، يبدو أنه لم يتبق الكثير من التعهدات بتحقيق النصر العسكري الكاسح في الحرب، تحديدا في ظل تعاظم قائمة أسماء القتلى من الجنود”.

وحسب كنفيس، فإن الحرب لم تسهم في القضاء على حركة حماس، بل أسهمت في تعزيز مكانة الحركة في “الوعي الجمعي العربي بوصفها الحركة التي صعقت الميان بهجوم مفاجئ، بل أيضا لأن الحركة تدير حربا ناجحة في مواجهتها”.

وشكك في مصداقية الإعلانات الصادرة عن الناطق بلسان جيش العدو دانيال هاغاري بشأن “الإنجازات” العسكرية التي يحققها جيش الاحتلال خلال الحرب على القطاع.

وأضاف: “ما زال (قائد حركة حماس في غزة) يحيى السنوار حيا، يقتل جنودنا ويبدي رفضا لكل المحاولات الهادفة إلى التفاوض حول الأسرى”، مشددا على أن مكانة قائد حماس تتعزز مع مرور الوقت.

وبخلاف ما يعلنه الناطقون باسم جيش العدو عن وجود مؤشرات على حدوث تصدع في قدرة حماس على مواصلة القتال، قال كنفيس إنه لا يوجد ما يدل على حدوث مثل هذا التصدع، ساخراً من “مفاخرة” جيش العدو بتدمير بعض الأبنية في القطاع، التي شكك أن تكون لها أية أهمية رمزية.

من ناحيته، قال شموئيل مئير، الضابط السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، إن هناك تناقضاً “مأساوياً” يتمثل في تناقص عدد الأسرى الإسرائيليين الأحياء الذين يقتلون في عمليات جيش العدو، وتعاظم عدد الضباط والجنود الذين تقتلهم المقاومة الفلسطينية في المعارك.

حرب استنزاف من دون نهاية

وكتب مئير، اليوم الأحد، على حسابه على منصة “إكس”: ” *هذا هو الطابع الجوهري لحرب العصابات، فلا يمكن حسم الصدام غير المتناسب بين جيش نظامي وتنظيمات تعتمد حرب العصابات بالوسائل العسكرية، فقط حلول سياسية ودبلوماسية يمكن أن تضع حدا لمثل هذا الصدام، وهذا ما أدركه الأميركيون في حرب فيتنام والفرنسيون في الجزائر”.

وحذر مئير من أن الحرب التي يشنها الكيان على قطاع غزة يمكن أن تستحيل “حربَ استنزاف” من دون نهاية.

أما الكاتب دان عدين فقد علق على مقتل 13 ضباطا وجنديا بنيران المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أمس السبت، معتبرا أن الحكومة الإسرائيلية “ترتكب جريمة” ضد الإسرائيليين من خلال طابع إدارتها للحرب.*

*وفي تعليق على منصة “إكس”، اعتبر عدين أن كل ما يفعله الكيان في الحرب يتمثل في “تقديم ضحايا من الجنود من دون الحصول على نتيجة… من حقنا أن تكون لنا قيادة تنشغل بوضع استراتيجية سياسية لليوم التالي في غزة لتحقيق أهداف بعيدة المدى، وليس من أجل أن تضمن هذه القيادة بقاءها على الساحة… إلى متى؟”.

وفي السياق، شكك الرئيس السابق لجهاز الموساد يوسي كوهين في أن تكون حكومة بنيامين نتنياهو قد وضعت إطارا استراتيجيا لحربها على قطاع غزة.

وفي مقابلة مع قناة “12” الليلة الماضية، أكد كوهين أنه لا يوجد ما يدلل على أن الحكومة قد أعدت خطة لليوم التالي للحرب، محذرا من مخاطر التورط في الوحل الغزي إلى أمد بعيد.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي