ورقة تأصيل: طوفان الأقصى .. خروجاً من الاستعصاء ومحاولة للفهم

شبكة الهدهد
عبد الله أمين الخبير الأمني والاستراتيجي
- لا تقوم الدول والحركات والشعوب بشن حرب وفتح اشتباك مع أعدائها أو خصومها إلا إذا تعذر الحديث السياسي والعمل الدبلوماسي في تحقيق الأهداف.
- قبل أن تقوم هذه الكيانات بأخذ قرار الحرب أو الاشتباك تقوم بتحديد الهدف من هذا الأمر وبشكل دقيق، بما يتناسب مع قدراتها لا مع رغباتها.
- بعد تحديد الهدف بشكل دقيق؛ يتم تعبئة الطاقات والقدرات؛ الذاتية أولاً، مع الأخذ بالحسبان قدرات مصحابة صديقة يمكن أن تُستدعى عن الحاجة.
- يعطى المستوى العسكري فرصة تحقيق الغايات والأهداف من الحرب، مع تحديد الضوابط والتدابير والسقوف الزمنية للوصول إلى ما تم التوافق عليه من نهايات ومآلات.
- يسعى القادة العسكريين إلى تحقيق أهدافهم من العمل العسكري قبل أن تصل العمليات العسكرية إلى أقصى نقطة تطور ـ ذروتها ـ حيث تبدأ بعد ذلك القدرات بالتناقص، والمعنويات بتآكل، مهما بلغ الطرف من قوة أو روح معنوية.
- يراقب أهل الاختصاص ـ عسكريين ومدنيين ـ المؤشرات والقرائن التي تدلل على أن العملية العسكرية وصلت أقصى نقطة تطور لها، وبدأت تكرر نفسها، دون الوصول إلى أهداف تحقق غاياتها، ومن هذا المؤشرات:
- أخذ الأهداف وقت أكثر مما ينبغي للتحقق والإنجاز.
- عدم انكسار العدو وصموده وعدم استسلامه.
- تكرار الأعمال القتالية بشكل يومي روتيني دون حدوث أي تطور ينعكس إيجاباً على موقف الصديق، وسلباً على موقف العدو.
- بدء تململ الجبهة الداخلية، نتيجة الخسائر أو القيود المفروضة عليها كلازمة ـ القيودـ للحروب أو النزاعات.
في مثل هذا الموقف؛ تدخل الحرب مرحلة الاستنزاف؛ ينتصر فيها من:
- يملك قدرات بشرية ومادية أكثر.
- من خطوط إمداده وإدامته النارية والإدارية لقواته مفتوحة وغير مغلقة.
- من يستطيع حشد دعم دولي وتأمين غطاء سياسي لبقائه في المعركة.
- من جبهته الداخلية مؤمنة ولو نسبياً، ولديها مقومات الصمود والبقاء أطول فترة ممكنة.
ويعرض نفسه للهزيمة:
- المحاصر، محدود الإمكانات؛ البشرية والمادية.
- من خطوط إمداده مقطوعة أو مهددة أو غير مؤمنة.
- من لا يملك دعم خارجي ـ مادي، سياسي، معنوي ـ يستطيع أن يضغط على عدوه فيحدث فرقاً في الموقف التعبوي لصالح قواته.
عندما يصل هذا الموقف إلى هذا الحد من التعقيد والانسداد؛ وحيث أن قرار الحرب؛ بدئاً وإنهاءً هو قرار سياسي بامتياز، فإن الطريقة الوحيدة للخروج من هذا الموقف هي: الضغط على صُنّاع القرار في جهتي المعادلة عبر:
- تكبيدهم خسائر عسكرية أو مدنية غير محتملة.
- الضغط على الجبهة الداخلية للمتحاربين حتى تصرخ، وتتحرك في وجه صانع قرارها وآخذه.
- الضغط على حلفاء رئيسيين لأي من المتحاربين، شركاء في إدارة المعركة، بحيث تستخدم هذه الجهات ما لديها من قدرات ودالّات في وقف الحرب والخرج من المأزق.
وعليه...
نعتقد أن الحرب في غزة والتي أطلقنا عليها اسم ” طوفان الأقصى ” وأطلق عليها العدو اسم ” السيوف الحديدية ” قد وصلت أقصى نقطة تطور لها، وأصبحت تكرر نفسها، ودخلت مرحلة الاستنزاف، الأمر الذي يتطلب للخروج منه بنتائج لصالحنا ضغطاً فعلياً ومؤثراً ومؤلما ًعلى العدو في جبهته الداخلية، وحليفه ـ الأمريكي ـ في مناطق انتشاره، وإلّا فسوف نبقى نشهد تكراراً للموقف القتالي إلى أن يصرخ أحد الطرفين، نحن ـ لا قدر الله ـ، أو العدو ـ أن شاء الله ـ.
Facebook Comments