طوفان الأقصى… الموقف اليوم الثلاثاء 31 أكتوبر

شبكة الهدهد
عبد الله أمين الخبير الأمني والاستراتيجي
أولاً: الموقف:
ما زال العدو لليلية الرابعة على التوالي منذ إعلان بدء المناورة البرية في ي: 27 10 2023 س: 2200 يشن الغارات الجوية والبرية والبحرية على معظم مناطق العمليات في مدنية غزة، مركزاً جهوده النارية، وتعرضاته البرية على مناطق الشمال الغربي / بيت لاهيا، والشمال / إيرز بيت حانون، والشمال الشرقي / سدروت بيت حانون، وفي الشرق محور ” المقبرة ” شرق ” جباليا “، إلا أنه بالأمس 30 10 2023 وقرابة الساعة 1000 قام بعملية تعرضية باستعداد سرية دبابات مكونة من 14 دبابة، وجهد هندسي مكون من جرافتين من نوع D9 على محور ” كارني ” “جحر الديك ” ” نتساريم “، مصحوباً بنيران الدعم الجوي والبري والبحري، حيث اندفع على هذا المحور محققاً خرقاً في منطقة العمليات يقارب الـ 2.5 كلم، ساعده في سرعة التقدم هذه؛ خلو هذه المنطقة من المناطق السكنية والهيئات الأرضية، مضافاً لنيران الإسناد التي رافقت تقدمه، ولقد تصدت له تشكيلات المقاومة المنتشرة في منطقة شمال شرق ” حي الزيتون ” و ” تل الهو / الإسلام ” بوسائطها النارية المناسبة، مما دفعه للانكفاء مرة ثانية باتجاه الشرق إلى مسافة 500 متر تقريباً، مبقياً تركيز كثافة نارية بقيت تُصب على منطقة العمليات هذه حتى ساعات متقدمة من ليل أمس، وصباح هذا اليوم. كما بقي العدو في نفس الوقت الذي تَصبُ مدفعيته وطيرانه نارهما على بقعة عمليات جنوب غزة ـ ” حي الزيتون ” ” تل الهوا / الإسلام ـ، بقي يخصص كثافة نارية غير مسبوقة على منطقة العمليات الشرقية: ” بيت حانون ” ” جباليا ” ” حي التفاح ” ” الشجاعة” ومحور القتال في الشمال الغربي ” بيت لاهيا ” المدرسة الأمريكية، ولم يُفَد إلى الآن عن أي تقدم فعلي ذو قيمة تعبوية أحرزه العدو على هذه المحاور ـ الشمالي الغربي / بيت لاهيا، الشمالي الشرقي / بيت حانون، محور الشرق / المقبرة ـ، كما فتح العدو عدة محاور قتال جديدة في المحافظات الوسطى: ” البريج ” وشرق ” خان يونس ” وشرق ” رفح ” في أقصى جنوب القطاع. كما بقي يخصص قدراً من جهوده النارية لمناطق ساحل مدينة غزة، من ” السودانية ” شمالاً ” وحتى ” الشيخ عجلين جنوباً “. هذا وقد بقيت وسائط العدو الجوية والبرية والبحرية، تقصف عمق مدن ومخيمات مدينة غزة، وباقي محافظات القطاع. وفي السياق شن العدو عمليات قصف ـ س: 2210 ـ جوي على بعض قرى الجنوب اللبناني ومنها: ” ياطر ” و ” الصالحاني “. وفي السياق؛ خرج وزير دفاع العدو بالأمس في مؤتمر صحفي ليعلن عن شروط كيانه المؤقت لوقف النار، والتي اختصرها باستسلام مقاتلي المقاومة بلا قيد أو شرط، وإلّا فلس أمامهم إلا القتل، كما كرر رئيس وزراء العدو الحديث عن هدفهم من الحرب في مؤتمر صحفي، حيث أعاد التأكيد أن هدف الحرب هو: القضاء على قدرات حماس القتالية، واستعادة ( المخطوفين ) من أسر المقاومة، مطالباً سكان غزة المدنيين الانتقال إلى جنوب القطاع حيث الأماكن ( الآمنة ) والتي يمكن أن يتوفر لهم فيها متطلبات وضروريات الحياة اليومية.
وفيما يخص المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة؛ فقد بقيت تصد تقدمات العدو ومحاولات تعرضه على كافة المحاور، من الشمال الغربي / بيت لاها، والشمال الشرقي / بيت حانون، و الشرق / محور ” المقبرة “، والجنوب الشرقي / حي الزيتون، وباقي محاور تقدم العدو في المناطق الوسطى / البريج و خان يونس، وكذلك على محور صوفا / رفح في أقصى جنوب القطاع، حيث خاضت تشكيلات المقاومة المنتشرة على المحاور الشمالي الغربي / بيت لاهيا، الشمالي الشرقي / بيت حانون، اشتباكات عنيفة مع العدو استمرت حتى إعداد هذا الموقف، ولا زالت الاشتباكات دائرة. كما قَصفت المقاومة مناطق حشد العدو وتجمعا جنوده في مناطق شمال القطاع وشرقه، كما طالت نيرانها العمق الفلسطيني، حيث وصلت ” تل الربيع ” و ” عسقلان ” و ” بئر السبع “. وفي السياق؛ تعاملت المقاومة الإسلامية في لبنان ” حزب الله ” بالنيران المناسبة مع مواقع العدو ونقاط جمعه الحربي في كل من: موقع ” برانيت ” وهو مقر قيادة أحد ألوية فرقة الجليل المعادية، و ” جل العلام ” و الموقع البحري في ” الناقورة ” و ” البياض ” و ” المطلة “. كما قصفت المقاومة العراقية قاعدة ” عين الأسد ” الأمريكية في محافظة الأنبار بصلية من الصواريخ.
وفي الضفة الغربية؛ بقي العدو يقتحم مدنها وقراها، حيث اقتحم العدو ” رام الله ” و ” عناتا ” شمال شرق القدس، ومخيمي ” شعفاط ” في القدس، و ” الدهيشة ” في بيت لحم، كما اقتحم قرية عارورة في رام الله، حيث دمر العدو صبح هذا اليوم منزل نائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية ” حماس” الشيخ صالح العاروري، كما لم تسلم مدن الخليل وجنين، من اقتحامات العدو واعتداءاته. إلّا أن اعتداءات العدو هذه لم تمنع فصائل المقاومة من الاشتباك مع العدو؛ فقد سُجلت بالأمس عملية إطلاق نار على مركبة يستقلها صهاينة على تقاطع ” شافي شمرون ” شمال الضفة الغربية، كما طُعن ـ س: 1040 ـ صهيوني في مدينة القدس. أما في مناطق الثمانية والأربعين؛ فلم تسجل في الـ 24 ساعة الماضية أي فعالات أو نشاطات يمكن أن تترك أثراً على جبهة القتال في قطاع غزة.
وفي الجهود الشعبية والتضامنية؛ فما زالت المظاهرات والوقفات المؤيدة لأبناء شعبنا ومقاومتنا تجوب كثيراً من الدول والعواصم العربية والإسلامية والغربية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العشائر العراقية التي أقامت مخماً لها قرب منفذ ” الطريبيل ” على الحدود الأردنية العراقية، ما زالت تقيم فعاليات التأييد والدعم للمقاومة في هذا المخيم. كما تجدر الإشارة إلى أن ” أنصار الله ” في اليمن قد أقاموا بالأمس مناورة عسكرية لأحد تشكيلاتهم المقاتلة، أطلقوا عليها اسم ” طوفان الأقصى “، معلنين تأييدهم ودعهم للمقاومة الفلسطينية وخياراتها.
أما عن الجهود السياسية، فلا جديد يذكر، سوى ما خرج به رئيس وزراء الكيان المؤقت ” نتن ياهو ” بالأمس محرضاً على المقاومة، ورافضاً وقفاً لإطلاق النار، زاعماً أنه يقاتل ( دفاعاً ) عن الحضارة والإنسانية، وما وضعه وزير دفاعه ” يواف غالانت ” من خيارات أمام المقاومة؛ إما الموت أو الاستسلام ! لكن ما هو أهم من كل هذه التصريحات، ما ذكره منسق السياسات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي ” جون كيربي ” من أنهم ـ الأمريكيين ـ لا يرون أن وقف إطلاق النار هو السبيل الصحيح الآن ! وفي السياق؛ صرح أحد المسؤولين في الخارجية الأمريكية أنهم قد نصحوا ( إسرائيل ) بوضع أهداف واقعية لحربهم. ولم تفض الجهود السياسية عن أي حلحلة جدية لمسألة معبر رفح، وفتحه بشكل مستدام، أو زيادة عدد شاحنات المساعدات الإنسانية التي تدخل منه باتجاه قطاع غزة.
ثانياً: التقدير والتحليل:
لا يزال العدو يضغط ويفاوض بالنار من أجل تحقيق إنجاز أرضي يشكل له صورة نصر يضمن من خلاله صفقة مرضية تفض إلى إطلاق سراح أسراه من يد المقاومة، وتُقيد قدرة “حماس ” وتمنعها من إعادة بناء ما تهدم، وترميم ما تدمر من قدرات مدنية وعسكرية، وتمنح ـ الصفقة ـ العدو أمناً وأماناً له ولمستوطنيه لفترة زمنية معقولة ـ لا تقل عن 10 سنوات ـ يتفرغ فيها للتعاطي مع تهديدات ذات أولوية ـ إيران، حزب الله ـ أخرى تحيق به وبكيانه المؤقت. وقد استخدم العدو المناورة البرية لتحقيق هذا الهدف، محاولاً تحقيق حضور فعلي في بعض مناطق القطاع التي اخترقتها قواته في الشمال الشرقي / بيت حانون، والشمال الغربي / بيت لاهيا، والجنوب الشرقي / حي الزيتون، إلا أن أخطر محاور عمل العدو هو المحور الشرقي ـ محور المقبرة ـ المواجه لمنطقة جباليا، حيث حققت قوات العدو رأس جسر في منطقة ” المقبرة ” يمكن أن تتطور القدرات القتالية فيه بحيث تهدد كامل الحافة الشرقة للمناطق السكنية من أقصى جنوب شرق ” بيت لاهيا ” فـ ” التفاح ” فـ ” الشجاعية ” وصولاً إلى بقعة القتال في جنوب شرق حي ” حي الزيتون “. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ضغط العدو على محوري “بيت لاهيا ” و ” الزيتون ” مع خطورته، إلى أنه ـ الضغط ـ يعد بالمقارنة مع خطورة محور ” المقبرة ” شرق ” جباليا ” والتفاح “، ضغطاً إشغالياً، ثانوياً، الهدف منه:
- تخفيف الضغط على محور ” المقبرة ” شرق ” جباليا “.
- تثبيت وتوسعة رأس جسر ” بيت لاهيا ” ومحاولة بناء رأس جسر جنوب حي ” الزيتون “، يمكن أن يتطور لصبح نقطة ارتكاز عملياتية، ومقر قيادة ميدانية متقدم في عمق منطقة العمليات.
- إجبار المقاومة على تخصيص قدرات قتالية؛ بشرية ومادية للتصدي له ـ للعدو ـ في المحورين الشمالي الغربي / ” بيت لاهيا ” و الشمالي الشرقي / ” حي الزيتون “.
في مناورة الهدف منها: الوصول للهيئات الأرضية الحاكمة في ” تل الزعتر ” و ” الكاشف ” و ” الريس “، فإن تحقق للعدو هذا الوصول؛ فأنه:
- سيهدد الجهاز الدفاعي للمقاومة المنتشر على طول الحافة الأمامية للمناطق السكنة شرق مدينة غزة.
- سيقطع الطريق الواصل بين ” بيت حانون ” شمال شرق القطاع، ومدنية غزة، عازلاً ومحاصراً ما فيها من قوات وقدرات للمقاومة.
- سيهدد دفاعات المقاومة المنتشرة في عمق منطقة عمليات مدينة قطاع غزة.
- سيكشف ظهر تشكيلات المقاومة التي تخوض معارك ومواجهات مع العدو في بقعة عمليات جنوب مدينة غزة / حي ” الزيتون ” و ” الشجاعية ” و ” تل الهوا / الإسلام “
- يُمكّنه هذا التموضع على هذه الهيئات الأرضي الحاكمة من تشغيل وسائط نارية يمكن أن تساعد في عمليات الإبرار على سواحل مدينة قطاع غزة، من ” السودانية ” شمالاً وحتى ” الشيخ عجلين ” جنوباً.
- يساعد احتلال العدو لهذه العوارض ـ تل الزعتر، الكاشف، الريس ـ الحاكمة في تأمين خطوط إدامة قواته العاملة في منطقة عمليات الواجهة الشرقية لمدينة غزة، من أقصى الشمال الغربي، وحتى وادي غزة جنوباً.
وعليه وأمام هذه المعطيات فإننا نقدر أن الـ 24 ساعة القادمة سوف تشهد التطورات الآتية:
- إدامة العدو قصفه لمختلف مدن ومخيمات عموم قطاع غزة.
- بقاء المقاومة في غزة مشتبكة مع العدو بالنار في عمق فلسطين المحتلة، وعلى غلاف غزة حيث تجمعات العدو وحشوده.
- محاولة العدو لتوسع وضعيته، وتطوير عملياته على كافة محاور القتال، من أقصى الشمال الغربي / ” بيت لاهيا ” والشمال الشرقي / ” بيت حانون ” و الشرق / محور “المقبرة ” شرق جباليا، والجنوب الشرقي / حي ” الزيتون “، لتحقيق الأهداف المشار لها أعلاه، الأمر الذي يجب التحوط له، ومنع العدو من تحقيق لتلك الأهداف.
- سوف يبقى العدو يمارس طرق عمل مختلفة في استهدافه للمقاومة، وضرب خطوط دفاعها، إلّا أن أخطر طرق العمل هذه؛ ما يعتمده منذ بداية مناورته البرية والذي يمكن اختصاره بالآتي:
- تحقيق تماس مع المقاومة: استطلاع قتالي.
- قطع التماس: افساحاً لنار الإسناد.
- استدعاء النار: تليين الأهداف المعادية، وضرب عقد الدفاع.
- معاودة التماس: محاولة لتحقيق تموضع وبناء رأس جسر، أو ( قضم ) أرض.
الأمر الذي يتطلب من تشكيلات المقاومة التنبه لهذا التكتيك، تجنباً لوقوع خسائر في الأرواح والقدرات، يمكن تلافها. كما تجدر الإشارة إلى أن العدو وفي نفس الوقت الذي يشتبك فيه مع الجهاز الدفاعي للمقاومة في مناطق وبقع العمليات؛ فإنه قادر على استدعاء نار الإسناد الجوي والبري للإطباق على أهداف لا يستطيع السيطرة أو القضاء عليها، لذلك لا بد للانتباه للبعد الثالث للمعركة ـ البعد الجوي ـ وعدم الاكتفاء وتركيز الجهد فقط على البعدين الأرضي أو البحري الظاهرين للعيان. كما يجب الانتباه لجهود الخداع والاشغال التي يمكن أن يقوم العدو بها في الوسط أو الجنوب، وإعطائها حقها من الاهتمام، وقدرات الصد.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
Facebook Comments