طوفان الأقصى … الموقف اليوم الأحد

شبكة الهدهد
عبد الله أمين – الخبير الأمني والاستراتيجي
أولاً: الموقف:
وفي اليوم ” الخامس عشر “لحرب ” طوفان الأقصى ” تمخض (جبل) المجتمع الدولي فلم يلد حتى فأراً! فقد اجتمع ممثلي ملا يقل عن 40 دولة في مصر، في ( قمة ) قيل أنها لصنع السلام ، وفُتح سوق ” عكاظ ” للخطابة ، وتبارى الخطباء ، وفي النهاية ( تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي ) !! لا شيء؛ ولا حتى بيانٌ ينصف شهداءنا وجرحانا، بل تسجيل للمواقف، وجعجعة بلا طحن. ففي الوقت الذي كانت قرائح ممثلي الدول المشاركة في هذا ( القمة ) تفيض بالكلام ، وتصدح بالشعارات ؛ كانت طائرات العدو الأمريكي ( تلفظ ) المساعدات تلو المساعدات لدعم آلة الحرب ( الأمريصهيونية ) ، فقد أعلن العدو عن وصول الطائرة رقم 45 ـ بمعدل 3 طائرات يومياً ـ منذ بداية الحرب على شعبنا ، التي تحمل عتاداً وأسلحة وتجهيزات لوجستية ، حيث أتمت هذه الطائرة إنزال ما يزيد عن 1000 طن ـ حتى الآن ـ من الذخائر والمستلزمات القتالية ، لتقول ـ أمريكا ـ للمجتمعين هناك : أنا الآمر الناهي في هذه الحرب ، وأنا من يقرر سيرها ويكتب صفحاتها ، وحتى أزيدكم ـ قول أمريكا ـ من الشعر بيت ؛ فهذا تصريحٌ من رأس هرمنا ، فاسمعوه يقول : ” إن انتصار أوكرانيا و(الكيان) مهم لأمننا القومي ” . وفي اليوم ” الخامس عشر” أيضاً اجتمع مجلس حرب العدو وأرغى وأزبد، ثم خرج الناطق باسم جيش العدو العميد ” دانيال هاغاري ” يقول: “سندخل إلى غزة في الظرف المناسب لنا، و سنضاعف القصف الجوي “، وكأن قصفهم الجوي خمد أو قل ! فقد بقيت طائرات هذا العدو (الأمريصهيوني) تجوب سماء قطاع غزة ، وتنشر الموت والدمار ، وتعيد قصف ما قصفت ، وتدمير ما دمرت ، في إجراءات لا هدف لها سوى القول : أننا هنا ، وأننا لم نرتو من دماء أبرياء غزة ، ولا من دماء أطفالها ولا نسائها ؛ فلم يوفر هذا العدو مدينة ولا مخيماً ولا مطعماً فضلاً عن مسجد يذكر فيه اسم الله ، فطال قصفه ” دير البلح ” و ” النصيرات ” التي قُصف ـ س : 2000 ـ مطعم في مخيمها فقُتل رواده ، كما قُصفت ” المغازي ” و ” الزيتون ” و ” الشجاعية ” و ” الشعف ” و ” شرق جباليا ” وغيرها من مدن قطاع غزة ومخيماته . وفي اليوم ” الخامس عشر ” (مان) المجتمع الدولي على هذا العدو ( الأمريصهيوني ) فأدخل 20 شاحنة محملة بما لا يبل رمق ولا يسد جوعاً ، أدخل هذا المجتمع الظالم 20 شاحنة في الوقت الذي يحتاج فيه قطاع غزة في أيام السلم إلى ما لا يقل عن 100 شاحنة ! فما قولنا في حاجته أيام الحرب؟ وفي اليوم ” الخامس عشر” للعدوان بدأت الأصوات تعلو في الكيان الموقت، مطالبة ساسته بتحمل المسؤولية عن هذه الهزيمة والتنحي، فقد ناهز محملي ” نتن ياهو ” مسؤولة هذا الإخفاق الـ 80 % من نسبة المستطلعة آراؤهم في الكيان. كما بدأ اقتصاد العدو بالأنين، وبدأ مواطنوه بالإحساس بوطأة الحرب عليهم، وفي مؤشر ذو دلالة، فقد زادت شركات الخطوط الجوية العاملة في الكيان المؤقت، ثمن تذاكر السفر إلى الكيان من 400 $ لتصل إلى 1400 $!، فإلى متى سيتحملون سكان الكيان المؤقت وطأة هذه الحال؟
لكن وفي اليوم ” الخامس عشر ” للحرب ؛ بقيت المقاومة ؛ من غزة وحتى العراق مروراً باليمن ولبنان ، ترسل رسائلها للعدو ، القريب منه والبعيد ، لتقول له : أننا ما زلنا بخير ، وأن بأسنا شديد ، وأنك لن ترَ منا وهناً ولن تسمع لنا أنين ، وأن ما خبأناه لك ؛ ما ستراه منا ، لا ما سمعته عنا ، وفي هذا اليوم بقيت المقاومة في فلسطين مشتبكة بالنار مع هذا العدو (الأمريصهيوني ) ، فقصفت ـ س : 0905 ـ تجمعاته في أسدود ، و ” نتفوت ” ـ س : 1230 ـ ، بل إن قصف المقاومة وصل حتى ” تل الربيع ” س : 1530 ـ وفي لبنان طال قصف ـ س : 1400 ـ ” حزب الله ” موقع ” البياض ” ، كما طال القصف مواقع : ” العباد ” و ” ثكنة حديثة ” وكمنت المقاومة للعدو في وادي ” هونين ” فدمرت آلية همر ودبابة وجرحت وقتلت من العدو ما سيخبرنا قادم الأيام عنه ، وفي العراق ؛ خرجت المسيرات الانتحارية لتدك قواعد ” عين الأسد ” ـ س : 2151 ـ في الأنبار و ” حرير ” ـ س : 2150 ـ في أربيل ، ومن اليمن خرجت مسيرات قاصدة أهدافها ، مرسلة رسائلها إلى من يهمه أمر هذا العدو ، فوصلت ـ الرسائل ـ حتى لو لم تصل المسيرات . وفي اليوم نفسه خرجت كتائب ” القسام ” وعلى لسان الناطق باسمها لتعلن استعدادها للإفراج عن أسيرتين من أسرى العدو لدواعي إنسانية، الأمر الذي رفضه العدو. وفي اليوم ” الخامس عشر ” للعدوان (الأمريصيوني ) بلغ عدد شهدائنا 4385 شهيداً والجرحى والمصابين 13561 مصاباً .
أما في الضفة الغربية، فقد بقي شبابها يحاولون جهدهم، ويبذلون وسعهم للاحتكاك بهذا العدو والاشتباك معه، فكمنوا له ـ س : 1030 ـ في مخيم ” عقبة جبر ” في ” أريحا ” ، واستشهد بناره شهيداً في ” حوارة ” ، وفي جنين استهدف العدو صباح هذا اليوم نفقاً تحت مسجد ” الأنصار ” زاعماً أنه يؤوي مجموعة من مقاومي ” القسام ” و ” سريا القدس ” كانت عازمة على تنفيذ عمليات نصرة لغزة وأهلها . وفي ” طمون ” استشهد هذا الصباح أيضاً (جهاد بني عودة ) ، وفي مخيم عسكر استشهد (مالك الشرقاوي) . كما بقي العدو يشن حملات الاعتقالات، والمداهمات، في معظم مدن الضفة وقراها. وفي اليوم ” الخامس عشر ” للحرب بلغ عدد شهدائنا في الضفة الغربية 89 شهيداً منذ بدء المعركة في السابع من أكتوبر الجاري. أما في مناطقنا المحتلة في الثمانية والأربعين؛ فقد بقي الحال على ما هو عليه، فضغط العدو على أهلنا هناك ومحاصرته لهم، حال دونهم والخروج الجدي لنصرة غزة وأهليها.
وفي الفعل الشعبي الداعم والمؤيد لغزة وأهلها، والمقاومة وخياراتها؛ بقيت المظاهرات تجوب عواصم العالم ومدنه، من “واشنطن” مركز قرار هذه الحرب، حتى “سدني ” مروراً بما بين هاتين المدينتين من مدنن وعواصم. وعلى الحدود الأردنية العراقية؛ أقام المؤيدون خيام اعتصامهم في أقرب نقطة استطاعوا الوصول لها في طريهم إلى نصرة فلسطين وأهلها، وغزة ومقاومتها، فهل تفتح لهم الحدود؟
ومن أهم سمات الموقف ذات الدلالة في الـ 24 ساعة الماضية ما يأتي:
- تداوم قصف العدو لمدننا ومخيماتنا في قطاع غزة، ومداهمته وملاحقته للمقاومين في الضفة الغربية، وقصفه لمحيط مطار دمشق في سوريا.
- بقاء المقاومة في قطاع غزة مشتبكة بالنار مع العدو، في محيط القطاع وفي العمق الفلسطيني.
- بقاء فصائل المقاومة في لبنان على تماس مع العدو على طول خط الجبهة؛ من رأس الناقورة وحتى مرتفعات كفار شوبا.
- طلب العدو من رعاياه المتواجدين في أكثر من دولة ـ مصر، الأردن، تركيا، المغرب، الإمارات ـ مغادرتها على الفور، وتجنب السفر لها مستقبلاً.
- الساعة 1530 قصف ” تل الربيع ” في العمق الفلسطيني.
- الساعة 2045 الحديث عن انفجار في سفارة العدو في قبرص.
- الساعة 2150 قصف قاعدة ” الحرير ” الجوية الأمريكية في ” أربيل ” بالصواريخ والمسيرات.
- الساعة 2151 قصف قاعدة ” عين الأسد ” الأمريكية في ” الأنبار ” بالطائرات المسيرة.
ثانياً: التحليل والتقدير :
لا زال الموقف القتالي في جميع جبهات القتال يراوح مكانه ؛ من قطاع غزة حيث مركز الفعل القتالي وبؤرته ، إلى جنوب لبنان حيث المقاومة وفصائلها التي جمدت بفعلها القتالي 3 فرق قتالية للعدو مع أطقم دعمها النارية والإدارية ، فمنعته ـ العدو ـ من نقلها إلى الجنوب حيث الحاجة الماسة لها هناك ، إلى جبهات الخط الثاني في العراق واليمن ، التي بقيت ترسل إشارات تأييدها ودعمها لغزة ومقاومتها ، ترسلها بالنار والمسيرات ، موقف باتت تحكمه معادلات الفعل ورد الفعل ، وتَحين الفرص للاشتباك مع العدو، الأمر الذي يحملنا على الاعتقال بأن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سيكون على النحو الآتي :
- إدامة العدو قصفة على قطاع غزة، ومحاولة التضييق على أهلها وناسها، وإجبارهم على اخلاء بيوتهم وأحيائهم، محاولاً دفعهم باتجاه الجنوب، علّه يحقق بذلك ضغطاً على قيادة المقاومة، عبر الضغط على بيئتها، ليُحّصل بالدمار والحصار، ما لم يُحصله بالقتل والنار.
- سيبقى العدو في حالة عدم حسم لقراره فيما يخص المناورة البرية، لعدم توفر الأجماع السياسي والعسكري على نجاعة مثل هذه المناورة، وأكلافها المتوقعة ، والشك في إمكانية تحقيقها لأهداف الحرب المعلنة ، الأمر الذي يتطلب مراقبة الفعل القتالي للعدو في مختلف جبهات القتال ، ومراقبة مناورته النارية ، كونها تحمل أهم مؤشر وقرينة على طبيعة سلوك العدو المستقبلي ، وما هو مقبل عليه من فعل ضد قطاع غزة في قادم الأيام.
- ستبقى المقاومة في قطاع غزة مشتبكة مع العدو بالنار المناسبة، ومن مختلف الصنوف والأعيرة والمديات ، في فعل الهدف منه إفهام العدو أنها ما زالت بخير ، وأنها تتحكم بالموقف ، وتديره وفقاً لما تراه مناسباً ، وأنها قد أعدت له من المفاجآت ما يحول بينه ـ العدو ـ وبين تحقيق أهدافه من الحرب .
- سيبقى العدو غير قادر على تحرير قوات من جبهة شمال فلسطين والدفع بها إلى الجنوب للمشاركة في المجهود الحربي، كنتيجة تعبوية لما تمارسه عليه فصائل المقاومة اللبنانية من ضغط ، وما تخوضه معه من اشتباكات يومية على طول خط الجبهة اللبنانية .
- كما أن بقاء جبهات الخط الثاني ـ سوريا، العراق، اليمن ـ فاعلة ونشطة، ستدفع العدو الأمريكي للتفكير في مقاربته للحرب في غزة، مع ما سيظهره من دعم وتأييد ـ بالقول والفعل ـ للعدو الإسرائيلي، الذي يمثل بقاؤه وانتصاره في هذه الحرب مصلحة حيوية له ـ للأمريكي ـ الأمر الذي يتطلب مزيداً من الاشتباك مع هذا العدو الأصيل ـ الأمريكي ـ، ومزيداً من الضغط عليه في ساحات تواجده.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
عبد الله أمين
22 10 2023
Facebook Comments