أخبار

طوفان الأقصى … الموقف اليوم السبت

 

أولاً: الموقف:

لليوم الرابع عشر على حرب ” طوفان الأقصى ” تثبت غزة أنها عصية على الكسر ، وأنها لن ترفع الراية البيضاء ، رغم ما أصبها وما قد يصبها من ألم ودمار وحصار ، ولليوم الرابع عشر تثبت المقاومة أن لها رب يحمها ، وحاضنة شعبية تغطيها ، لليوم الرابع عشر بقيت المقاومة ترسل من الرسائل ما تقول من خلالها أنها تتحكم في الموقف ، فها هي تطلق سراح أسيرتين في الوقت الذي هي شاءته ، لتقول للعالم أجمع : نحن طلاب حق ، عشاق لحياة كريمة ، ما خرجنا إلّا دفاعاً عن أنفسنا ، وبحثاً عن طريق لنحرر فيها أسرانا ، وندافع فيها عن مسرى نبي أمتنا ، التي ـ الأمة ـ  هبت من أقصاها إلى أقصها لنصرتنا . ولليوم الرابع عشر بقي العدو يمارس هوايته في القتل والدمار والحصار ؛ فينقل آلة قتله من مخيم إلى مخيم ، ومن مدينة إلى مدينة ، ومن شارع إلى شارع  ؛ من أقصى شمال قطاع غزة إلى أقصى جنوبه ، ومن شرقه إلى غربه ، فدمر الأبراج ، وسحق الشقق السكنة على رؤوس قاطنيها ، وهدد ـ وما زال ـ يهدد المشافي والمراكز الصحية ، ودور العبارة ؛ فلم يسلم جامع منه ولا كنيسية ، لقد أعلن هذا العدو الحرب على البشر والحجر ، ولكنه لم يحقق إلى الآن شيء يمكن أن يقال عنه أنه انتصار ، حتى الأسرى أغفل وزير دفاعه ” غالنت ” الحديث عنهم عندما حدد مراحل حرب (سيوفه المثلومة) ، في إشارة إلى أن سبيل إطلاق سراحهم إنما هي السياسية والمفاوضات ، فنسف في إغفاله ذكر الأسرى مراحل حربه الثلاثة عن بكرة أبيها ، فمن يُرد أن تكون مرحلة حربه  الأولى قتال عسكري للقضاء على المقاومة وكوادرها ، ثم يبدأ في البحث عن جيوب المقاومة ليقضي على من تبقى منها ، لا بد أنه خطط لإطلاق سراح أسراه من يد من ( قضى ) عليهم و ( طهر ) جيوب مقاومتهم ؛ إطلاقهم ـ الأسرى ـ  عنوة كما أُخذوا منه ( خاوة ) ، فما أغفل ” غالنت ” ذكر الأسرى إلّا لأنه يعلم أن لا طاقه له بما قال ، ولا قدرة له على ما عزم عليه . لذلك فإن يوم عدونا الرابع عشر في معركته، بدأ يكرر نفسه كسابقه من الأيام، قصف، وتدمير ، ومحاولة تهجير ، وفقط ، إنه يدور في حلقة مفرغة ، يعرف من أين يبدأ ، ولكنه لا يملك ـ على الأقل حتى كتابة هذا الموقف اليوم ـ جرأة البدء ، أو طاقة تحمل مسؤولية ما سيحمله البر من مفاجآت ، وما تخبئه له الأرض من عبوات و (نسفيات) ، وهو الذي حشد ما لا يقل عن 28 تشكل قتالي ومن مختلف الصنوف ـ مشاة ، دروع ، قوات خاصة ، استخبارات ، … ـ  في غلاف غزة ، مع ما تتطلبه هذه التشكيلات من شؤون إدارية أو خدماتية .

وفي اليوم الرابع عشر كان للمقاومة كلمتها، فأطلقت الصواريخ ، وقصفت بالمدفعية ، فلم تسلم ” سدروت ” في أقصى جنوب فلسطين حيث جبهة غزة ، ولم تسلم ” مرغليوت ” حيث أقصى شمال فلسطين ، فقُصفت ـ س : 1325 ـ وأعيد قصفها والاشتباك مع من فيها ، فضلاً عن ” برانيت ” التي طالها القصف ـ س : 2000 ـ . ولم يسلم (ولي أمر) هذه الكيان المؤقت من غضب فلسطين؛ فأرسل له من يؤيدها رسالة وصلت عبر البريد المسير ، لتحط في “عين الأسد ” و ” الحرير ”  . وفي اليوم الرابع عشر للحرب على غزة، أصبح المشهد روتينياً ، يقصف العدو ؛ فنقصف نحن ، يضرب العدو ، فنضرب نحن .

أما يوم الضفة الغربية الرابع عشر؛ فهو كأيامها قبل الحرب؛ اقتحامات واعتقالات ، ومطارة مقاومين ، وحجز حرية آخرين ، فقد بقي العدو يمارس أقسى أنواع الضغط على أهلنا وناسنا هناك ، في جهد محموم يسابق معه الزمن علّه يحول دون هذا اللغم ـ الضفة ـ والانفجار في وجهه ، فاقتحم ” برقة ” في نابلس ، و ” الأمعري ” في رام الله ، واشتبك مع المقاومين في ” شعفاط ”  ولم تسلم باقي مدننا ومخيماتنا التي خرجت الجماهير فيها عن بكرة أبيها نصرة لغزة وأهلها . وفي مدننا المحتلة في الثمانية والأربعين، بقي الحال على ما هو عليه، فلا حراك مؤثر على الموقف في  غزة ؛ فالعدو يحكم حصاره على أهلنا هناك ، ومن يرد نصرة  غزة ؛ فها هي الباصات مستعدة لنقله إلى هناك ، فإلى متى سيبقى الموقف على ما هو عليه هناك ؟ حيث مركز ثقل العدو البشري والقيادي، وحيث يمكن القيام بأعمال تربك صانع القرار، فتخرجه عن حالة الاتزان ، أكثر مما هو عليه الآن .

وفي اليوم الرابع عشر للتأييد الشعبي والحشد الجماهيري المناصر لغزة وأهلها؛  فالصورة بالأمس كانت تتحدث عن نفسها ؛ فقد هبت جماهير الأمة ، وشرفاء العالم في أربعة جهات الأرض ، صادحة بالصوت ، مؤيدة بالفعل ، لحقنا في المقاومة ، وحقنا في العيش الكريم ، وحق أسرانا في تنسم عبق الحرية ، ففي مصر هتفت الجماهير للمقاومة وقادتها ، وفي الأردن زحفت الجماهير نحو الحدود ؛ فسدت أجهزة الأمن مسيرها وقمعتها ، بل إن زحوفاً بشرية جاءت من العراق ، ميممة وجهها نحو فلسطين ؛ فسد طريقها من هم على الحدود مرابطين ! وفي اليمن وطهران وتركيا ، وماليزيا ، والمغرب ، وتونس ، وسدني الاسترالية حيث حافة الكرة الأرضية ، حتى في أمريكا حيث مركز قرار هذه الحرب ؛ خرجت الجماهير ، في مظاهرات التأييد ، وبدأ بعض الرأي الرسمي فيها ينادي بضرورة مراجعة المواقف المؤيدة والداعمة لهذا العدو .

أما في سياسية اليوم الرابع عشر للعدوان على غزة ؛ فلم يكسر راتبة جعجعته سوى عملية إطلاق سراح الأسيرتين الأمريكيتين ، بوساطة قطرية ، وتسهيلات حمساوية ، علّ هذا الأمر يرسل رسالة إلى من يهمه الأمر ، فيضع سلماً لمن تسلق ( نخلة ) الحرب ، وبقي حائراً كيف ينزل عنها ، وفي السياسية لا حديث إلا عن هدنة إنسانية ، أو ادخال معونات طبية ، أو إخراج إصابات بحاجة إلى مزيد من الرعاية الصحية ، ولكن وكما قيل : نسمع جعجعة ولا نرى طحناً .

وفي السمات ذات الدلالة لليوم الرابع عشرة للعدوان يمكن الإشارة إلى الآتي:

  1. إدامة العدو قصفه لمدن غزة ومخيماتها ـ بيت لاهيا، بيت حانون، الشجاعية، حي الرضوان، حي الزيتون..، خاصة التجمعات والأبراج السكنية، أبراج ” العودة ” و ” الندى ” ، وتهديد المشافي والمراكز الصحية .
  2. بقاء المقاومة مشتبكة مع هذا العدو بالنار؛ في غلاف غزة ـ رعيم ، صوفا ، اسدود ، سديروت ـ وعمق مناطق تجمع العدو وحشده .
  3. الساعة 1325 قصف مواقع العدو في ” المنارة ” شمال فلسطين بمضادات الدروع، الأمر الذي تكرر .
  4. الساعة 1530 استهداف المقاومة الإسلامية في لبنان ” حزب الله ” نقاط العدو في “رويسات العلم ” و ” السماقة ” في أعلى مرتفعات الجولان.
  5. الساعة 1530 قصف موقع ” العاصي ” قبالة ” ميس الجبل ” اللبنانية.
  6. الساعة 1800 استهداف المطلة.
  7. الساعة 2000 استهداف قوة عسكري بالقرب من موقع ” برانيت ” وقتل وإصابة عدد من الجنود .
  8. الساعة 2100 دخول مسيرة الأجواء الفلسطينية قادمة من لبنان .
  9. الساعة 2130 إطلاق نار واشتباكات قبالة مستعمرة ” نتوعاه ” و ” برانيت ” والحديث عن مقتل 3 جنود صهاينة وجرح 4 آخرين .
  10. استهداف قاعدة ” الحرير ” الأمريكية في أربيل بطائرة مسيرة انتحارية.

ثانياً: التحليل التقدير:

لقد كان بالأمس هو يوم الجنوب اللبناني بامتياز؛ ففي الوقت الذي كان القطاع يعيش فيه خمس ساعات من هدنة ؛  كانت أصوات النار والاشتباكات والمضادات ، تسمع حتى ساعات متأخرة من الليل الجنوب ، فقد رفعت المقاومة الإسلامية ” حزب الله” من وتيرة اشتباكها مع العدو على كامل خط الجبهة ؛ من رأس الناقورة وحتى مرتفعات العرقوب . في رسالة مضمونها أننا ما زلنا على كامل جاهزيتنا، وأننا سنتصدى لأي اعتداء، وسنقتص لأي شهيد أو مصاب من جراء نارك ـ العدو ـ أو اعتدائك. وقد بقي العدو متحسباً لأي تطور أو تصعيد يمكن أن يدفع الأمور شمالاً للخروج عن السيطرة. كما بقي العدو على روتين قتاله في جبهة غزة فأصبح قتاله فيها يشبه إلى حد بعيد إجراءات ” الأمن الجاري ” التي يقوم بها في الضفة، فهناك ـ الضفة ـ يقتحم ، ويعتقل ، ويجري أعمال البحث عن المقاومين في جهد روتيني يعرفه كل مراقب ، وهنا في جبهة غزة ؛ أصبح النمط القتالي للعدو إلى الآن على ما هو عليه منذ اليوم الأول لحرب ” طوفان الأقصى ” فهو عبارة عن قصف بالنار وبمختلف الصنوف والمديات والقدرات ، على غزة ، وبناها التحتية ، ومجمعاتها السكنية ، في جهد الهدف منه :

  1. تمهيد الأرض لأي عمل بري قد يقدم عليه العدو.
  2. الضغط على قيادة المقاومة من خلال الضغط على بيئتها وحاضنتها الشعبية.
  3. (تنظيف ) الأرض من أي بنى تحتية وأصول استراتيجية ـ قتالية أو إدارية ـ  للمقاومة .
  4. استطلاع بالنار لكشف انتشار واستعداد وخطط عمل المقاومة.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

عبد الله أمين

21 10 2023

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي