طوفان الأقصى … الموقف اليوم الثلاثاء

شبكة الهدهد
عبد الله أمين – الخبير الأمني والاستراتيجي
أولاً: الموقف:
لليوم الحادي عشر على التوالي لا يزال الموقف اليومي لمجريات معركة ” طوفان الأقصى ” يراوح مكانة ؛ فالقصف المعادي على قطاع غزة لم يتوقف ، واستهداف المدنيين الآمنين في بيوتهم ما زال على حاله ، فقد طال قصف العدو معظم أحياء شمال غزة ؛ شماله وجنوبه وشرقه وغربه ، إلّا أن التركيز ما زال على منطقة شمال غرب القطاع وشرقه ، كما طال القصف المعادي مناطق وسط القطاع ، وجنوبه حيث رفح ومعبرها الذي لم يسلم من القصف الصهيوني المعادي ، وفي هذا السياق فقد أعلن العدو “أنه هاجم ما لا يقل عن 200 هدف ادعى أنها تابعة لـ حماس”. كما بقي العدو يعزز قدراته في غلاف غزة، ويحشد ما يستطيع منها في مناطق شمال القطاع حيث ” ياد مردخاي ” و موقع “يفتاح ” الكتائبي، وفي الشرق حيث “مفساليم ” . كما عاود العدو تكرار مجازره في حق كثير من عوائل القطاع، وفي مختلف مدنه ومخيماته، من الشمال وحتى الجنوب. ولم تسلم الطواقم الطبية من القصف البري والجوي والبحري المعادي. هذا وقد بدى لافتاً انخراط الأمريكي في هذه الحرب؛ فلم يكتف بعمل جسر جوي لتعويض ما ينفد من مخزون العدو من مختلف أنواع الذخائر وأعيرتها؛ وفرضه ـ الأمريكي ـ على ” نتن ياهو ” تشكل حكومة طوارئ وطنية، وإرسال وزراء خارجتيه ودفاعية إلى الكيان المؤقت في زيارات تأييد وتضامن، بل وصل الأمر المشاركة الأمريكية في هذه الحرب إلى حد حضور وزير خارجيتها الذي عاد ووصل إلى فلسطين المحتلة أمس، ومشاركته في اجتماع حكومة الطوارئ المصغرة التي تشرف وتدير المعارك ضد أهلنا في قطاع غزة. كما بقيت الحالة الإنسانية في مختلف جغرافيات القطاع على ما هي عليه، فقد خرجت كثير من المشافي عن الخدمة، ويعاني الناس من شح في الماء والكهرباء والغذاء. هذا وقد عاود الناطق الرسمي باسم جيش العدو الحديث عن عدد قتلاه وأسراه من الجنود في هذه المعركة، والذي بلغ عددهم حتى كتابة هذا الموقف إلى 291 قتيلاً و199 أسيراً.
أما عن المقاومة ونشاطاتها في الـ 24 ساعة الماضية؛ فقد أدامت ـ المقاومة ـ قصفها للعدو في غلاف غزة، حيث حشد قواته وانتشارها، وإلى العمق الفلسطيني، حيث قصفت ـ س: 1115 ـ تل الربيع بأول رشقه صاروخية في الـ 24 ساعة الماضية ، كما تكرر قصفها مرات عدة ، كما قصف مطار ” تل الربيع ” و” عسقلان ” ، ولم تُسجل بالأمس أي عملية احتكاك قريب للمقاومة مع العدو ، أو تسلل خلف خطوطه . كما عادت المقاومة الإسلامية في لبنان ” حزب الله ” استهدافها للوجود المعادي في شمال فلسطين ، بعد أن قامت أول أمس باستهداف وسائل الجمع الفني العسكري في بعض مقاطع السياج الحدودي ، عاد ” حزب الله ” أمس فاستهدف دبابة عسكرية للعدو في منطقة ” الظهيرة ” ، الأمر الذي رد عليه العدو بإطلاق قذائف مدفعيته على محيط تلك البلدة الجنوبية ، مما جر قصفاً من قبل ” حزب الله ” على مواقع العدو في ” مسكاف عام ” و ” خربة المنارة ” و ” ريشا ” و ” رامية ” ، كما أفيد عن إطلاق صلية صاروخية من جنوب لبنان ، أفادت الأنباء أنها لم تصل إلى أهدافها المحددة. كما بقي عدد شهدائنا وجرحانا في قطاع غزة في تزايد؛ فقد شارف عدد الشهداء على تخطي الـ 3000 شهيد، أما الجرحى فقد ناهزوا الـ 10000، فضلا عن ضحايا القصف الذين ما زالوا تحت أنقاض بيوتهم. وقد خرج الناطق باسم كتائب ” عز الدين القسام ” في بيان متلفز، ذكر فيه أن الحركة لديها ما لا يقل عن 200 أسير، قتل منهم 22 أسير من جراء قصف العدو للقطاع، كما أنه ذكر أن لدى ” حماس ” أسرى من جنسيات أجنبية لم تسمح ظروف المعركة أثناء اشتعالها من التحقق من جنسياتهم، مشيراً إلى أن هؤلاء الأسرى هم ضيوفٌ لدى الحركة ستعمل على تأمينهم وتزويدهم بمقومات الحياة، إلى أن يتوفر ظرف أمني مناسب يطلق فيه سراحهم.
فيما يخص الضفة الغربية ، ومدنها وقراها ، فقد بقي العدو فارضا حالة من الحصار على أغلب مناطقها ، مقتحماً بعض مدنها ومخيماته ـ عقبة جبر ـ ، معتقلاً بعضاً من شباب القرى والمدن ، تاركاً لقطعان مستوطنيه حرية الحركة والاحتكاك بالسكان والمواطنين ، مهجراً بعض سكان القرى ـ منطقة الأغوار ـ فارضاً على الجميع حالة من التضييق ، حال بينهم وبين القيام بأعمال من شأنها التخفيف الفعلي عن جبهة غزة ، الأمر ـ التضييق ـ الذي بقي يمارسه العدو على أهلنا في مناطق الثمانية والأربعين ؛ حائلاً بينهم وبين المشاركة المؤثرة المفضية إلى التخفيف عن جبهة غزة والحرب الدائرة فيها .
هذا وقد بقيت مظاهرات الدعم والتأييد تجوب مختلف عواصم العالم العربي والإسلامي، وبعض المدن الغربية.
كما بقيت الجهود السياسية منصبة على تأمين ممرات آمنة لدخول المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع، الأمر الذي لم يتم بشكل منتظم وعبر بوابة ” رفح ” الحدودية مع مصر حتى كتابة هذا الموقف، إلا أن اللافت خروج وزير خارجية إيران الوزير ” عبداللهيان ” بتصريح مساء أمس قال فيه: ” أن بقاء الوضع في قطاع غزة على ما هو عليه، قد يدفع محور المقاومة للقيام بعمل وقائي ” غير مفصح عن طبيعة هذا العمل أو الجهة التي ستقوم به. كما صرح نائب رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني بأن دخول العدو البري إلى قطاع غزة هو خط أحمر. كما ذُكر أن الجنرال ” مايكل كوريلا ” قائد المنطقة الوسطى الأمريكية سيصل هذا اليوم إلى الكيان المؤقت، حيث سيزور الجبهة الشمالية للاطلاع عن كثب على الأوضاع فيها، كما صرح مسؤولٌ في وزارة الدفاع الأمريكية بأن حكومته سوف تقوم بوضع قوات عسكرية في حالة تأهب لنشرها في المنطقة لمنع تفاقم الأوضاع، وتمدد الأحداث إلى خارج مربعها الأصلي ـ غزة ـ ومنعاً لخروج الموقف العسكري في المنطقة عن السيطرة، كما صرح الرئيس الأمريكي ” جون بايدن ” بأن إعادة احتلال غزة يعد خطأ فادحاً، ولكن الدخول لها لابد منه.
أما عن أهم مجريات الموقف وسماته ذات الدلالة في الـ 24 ساعة الماضية فيمكن ذكر الآتي:
- بقاء قصف العدو لمختلف مناطق قطاع غزة، خاصة الشمالية الشرقية، والشمالية الغربية .
- بقاء قصف المقاومة لمختلف مواقع العدو وحشد قواته في غلاف غزة، وكذلك العمق الفلسطيني المحتل.
- الساعة 1115 قصف ” تل الربيع ” أول رشقة صاروخية في اليوم الفائت، الأمر الذي تكرر خمس مرات.
- 1205 قصف المقاومة لمغتصبة ” كفار عزة ” حيث حشد لقوات العدو، الأمر الذي عاد وتكرر مرة ثانية الساعة 1405.
- الساعة 1410 قصف ” عسقلان ” بصلية صاروخية، الأمر الذي عاد وتكرر في نفس اليوم.
- الساعة 1349 قصف المقاومة الفلسطينية “بئر السبع” بصلية صاروخية.
- الساعة 1715 استهداف دبابة من نوع “مركافا ” بصاروخ موجه من قبل مقاتلي ” حزب الله ” في منطقة ” الظهيرة ” الجنوبية.
- الساعة 2010 قصف المقاومة في غزة لمدينة ” تل الربيع “.
ثانياً: التحليل والتقدير:
لا يزال العدو في حالة من عدم الاطمئنان للعمل البري المأخوذ قراره ، والمحشودة قدراته ، والمؤمن الغطاء الدولي له ؛ الأمر الذي يرجع إلى تهيب المستوى السياسي من عدم قدرة هذا العمل على تأمين الأهداف المطلوبة ، مع ما سيجره من نتائج وخاسر بشرية ومادية في القوات المهاجمة أو ما يعرف بـ ” قوات الواجب ” ، كما أن مثل هذا العمل ليس كفيلاً بالقضاء على ” حماس ” وقدراتها بشكل يخرجها من قائمة التهديدات التي تواجه هذا العدو ، كما أن القيادة العسكرية المنوط بها القيام بهذه المهمة غير مستعدة إلى الآن لتحمل أكلاف بشرية ستُسأل عنها بعد انتهاء المعركة، في وقت ينظر لها ـ للمؤسسة العدوالعسكرية ـ المجتمع الإسرائيلي على أنه قد أخفقت في مهمة تأمين ( الدولة ) ومواطنيها ، لذلك فهي ـ قيادة العدو العسكرية ـ تريد القيام بالمهمة المنوطة بها بأقل الخسائر ، وأسرع الأوقات ، دون الغرق في وحل العمل البري المحفوف بكثير من المخاطر ، لذلك تستعيض عنه إلى الآن بالنار المدمرة ، علّها ـ النار ـ تمهد لها ساحة العمل ، وتقلل من منسوب الخطر فيها ، مركزة حشد قواتها في أمكان ـ شمال وشرق قطاع غزة ـ حيث يشر مكان الحشد إلى القيادة العسكري للعدو تعتقد أنه أفضل الأماكن وأسهلها للتحرك في أي عمل بري يُفرض عليها تنفيذه بعد أخذ قراره السياسي ـ وقد أخذ ـ وتأمين غطائه الخارجي بالذات الأمريكي ـ وقد أمن ـ .كما يشر استمرار قيادة المقاومة بإصدار أوامر إطلاق النار وصليات الصواريخ على مختلف مناطق عمل العدو ـ القريبة حيث حشد القدرات ، والبعيدة حيث مركز القرار ـ يشر هذا الأمر إلى أن المقاومة ما زالت تحتفظ بقدرات قتالية واحتياط استراتيجي بشري ومادي ، ووسائط القيادة والسيطرة ، مما يمكنها من إدامة المعركة والسيطرة على الموقف بشكل مناسب ومريح وغير ضاغط على صانع القرار وآخذه .
عبد الله أمين
17 10 2023
Facebook Comments