أخبار

طوفان الأقصى … الموقف اليوم الأحد

شبكة الهدهد
✍️⁩ عبد الله أمين – الخبير الأمني والاستراتيجي

أولاً: الموقف:

حافظ الموقف القتالي في اليوم التاسع لانطلاق معركة ” طوفان الأقصى ” على رتابته الميدانية ، فقد بقي العدو يمارس القتل والتهجير القصري ، فبعد أن لم تفلح جهوده النارية والدبلوماسية في حمل أهل شمال قطاع غزة على هجر بيوتهم وأحيائهم ؛ حوّل العدو جزءاً من جهده الناري للاستهداف المباشر للعوائل والسكان ، فبعد أن كان يتذرع بوجود أصول قتالية ـ بشرية أو مادية ـ للمقاومة في أماكن المدنيين ، الأمر الذي يؤدي إلى استشهادهم من جراء قصفه ؛ ظهر في الـ 24 ساعة الماضية أن هذه التبرير لم يكن إلا ذريعة لممارسة القتل والتهجير القصري لأبناء شعبنا ، فضغط عليهم بالنار ليجبرهم على الخروج من بيوتهم ومنازلهم ، الأمر الذي لم يفضي إلى الآن إلى تحقيق هدفه الذي أعلن عنه بالأمس رئيس مجلس الأمن القومي للعدو ” تساحي هنغبي ” عندما قال : ” أن الهدف من هذه العملية أكبر من حماس وحكمها ، الهدف هو : القضاء على القطاع ” . هذا وقد بقي العدو في حالة حشد مزيد من قدراته القتالية في محيط غلاف غزة، وهي قدرات شارفت على الوصول إلى استعداد قتالي يزد عن الثلاث فرق قتالية معززة، بكامل قدراتها النارية والإدارية. كما بدأ العدو بالكشف عن بعض الخسائر التي لحقت به في بداية المعركة؛ حيث أعلن عن تدمير طائرة نقل جنود من طراز ” يسعور ” كانت تقل مجموعة من القوات الخاصة جاءت لنجدة قواته المشتبكة مع المقاومين في اليوم الأول للمعركة 07 10 2023، حيث أجبرت على الهبوط الاضطراري بعد أن استهدفها المقاومون بقذيفة مضادة للدروع. كما كشف العدو أن عدد جنوده الذين خسرهم في هذه المعركة حتى كتابة هذا التقرير بلغ 265 جندياً وضابطاً. وفي السياق؛ فقد خرج أهالي أسرى العدو في مظاهرات أمام وزارة الجيش، مطالبين بالكشف عن مصير أبناءهم، ومحملين رئيس وزراء العدو ” بنيامين نتنياهو ” الذي شوهد في زيارة ميدانية لقواته في غلاف غزة في ساعات نهار الأمس، ملقين عليه مسؤولة هذه الهزيمة، وهذا العار الذي لحق بالكيان المؤقت. ولم يزل العدو يتعامل مع أي قرينة تهديد على أنها تهديدٌ فعلي يتطلب إجراء عملي، الأمر الذي أوقع قتيلاً في صفوفه، أعلن ـ العدو ـ أنه سقط بنيران صديقة. كما أعلن أن خلافاً بين أعضاء مجلس الوزراء المصغر نشب على إثر أخذ قرار العمل البري من عدمه.

وفيما يخص جهود المقاومة العسكرية ؛ فقد بقيت المقاومة تمطر مستوطنات غلاف غزة ، والعمق الفلسطيني المحتل بوابل من قذائف المدفعية والصواريخ ، مستهدفة مناطق حشد العدو وقواعد عملياته في بعض مغتصبات غلاف غزة ، حيث قصفت ـ س : 1030 ـ المقاومة مناطق حشد العدو في ” جفار عام ” شرق قطاع غزة ، كما سُجل نشاط لافت بالأمس لقوات المقاومة ؛ حيث قامت مجموعات قتالية بالاشتباك مع العدو في كل من ” صوفا ” و” كوسوفيم” جنوباً  و ” بيري ” و ” نير عام ”  شمالاً ، كما بادر المقاومون بالتعرض ـ س : 1310 ـ  لموقع عسكري في ” أشكول ” وقصفه بمضاد للدروع  . كما قصفت المقامة ـ س: 200 ـ موقع ” ياد مردخاي ” جنوب عسقلان، بنيران المدفعية المناسبة، هذا وقد طاول قصف المقاومة للعمق الفلسطيني المحتل مدن ” تل الربيع ” ومطار ” بن غورن ” و ” اللد ” و ” الرملة ” و ” كفر قاسم ” و ” مدن المثلث ” في الجليل. وقد بلغت حصيلة شهداء شعبنا حتى كتابة هذا الموقف ما ناهز الـ 2329 شهيداً و9042 جريحاً. كما أعلن العدو أنه يحتفظ بأجساد ما يقارب الـ 1000 شهيداً ارتقوا في عمليات التعرض الأولى للمعركة.

كما بقيت الضفة الغربية مشتبكة مع قوات جيش العدو المنتشرة فيها، فقد تعرض المقاومون لجنود العدو ومستوطنيه في أكثر من بقعة جغرافية في هذا المنطقة، خاصة في محيط مدينة ” جنين ” و ” العيساوية “، مما أدى إلى ارتقاء 6 شهداء في هذه الاشتباكات. ولم تشهد مدن الثمانية والأربعين جهوداً ذات بال يمكن أن تشكل تهديداً على العدو يفرض عليه تثبيت قوات عسكرية للتعامل معها. هذا وقد أعلن في مساء أمس ـ س: 2345 ـ عن استشهاد ثلاثة من المقاومين المنتمين لحركة المقاومة الإسلامية ” حماس ” في لبنان، على أثر استهدافهم بقصف من طائرة مسيرة أثناء تقدمهم للاشتباك مع العدو في مغتصبة ” مرغليوت “. كما قصفت المقاومة الإسلامية ” حزب الله ” مواقع العدو في ” الرادار” و”رويسات العلم ” والسماقة ” و ” زبدين ” و ” رمثا “، بقذائف المدفعية ومضادات الدروع المناسبة، في رد على استهداف الأرضي اللبنية أول أمس واستشهاد الصحفي ” عصام عبد الله” من وكالة أنباء “رويتر “، الأمر ـ قصف المقاومة ـ الذي رد عليه العدو بقصف ـ س: 1515 ـ محيط مصادر النار في كفار شوبا بوابل من قذائف المدفعية بلغت الـ 30 قذيفة.

كما بقيت الجهود السياسية والدبلوماسية منصبة على البحث عن سبل تأمين ممرات آمنة لإيصال العون الطبي والإنساني لأهلنا في قطاع غزة، والبحث عن فتح ممرات آمنة لخروج بعضاً من حملة الجنسيات الأجنبية من سكان القطاع على خارجه، كما باشرت الدول الأجنبية بتسيير رحلات جوية عسكرية لنقل رعاياها من فلسطين المحتلة وإعادتهم إلى مواطنهم الأصلية. وفي سياق العمل الدبلوماسي، فقد التقى وزير الخارجية الإيراني ” عبد اللهيان ” بقادة الفصائل الفلسطينية في لبنان، وفي مقدمتهم الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي ” زياد نخالة ” ونائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية ” حماس ” الشيخ ” صالح العاروري ” مؤكداً ـ عبد اللهيان ـ على مواقف الجمهورية الإسلامية الداعمة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية وما أخذته وما يمكن أن تأخذه من قرارات، سابقاً أو مستقبلاً.

كما بقيت مظاهرات التأييد والدعم العربي والإسلامي وبعض الغربي للمقاومة الفلسطينية، وأبناء شعبنا في قطاع غزة، تجري في أكثر من عاصمة ومدينة، في محاولة لتشكيل رأي عام ضاغط لوقف عدوان العدو على أهلنا وناسنا في القطاع.

أما عن أهم سمات الموقف في الـ 24 ساعة الماضية فيمكن ذكر الآتي:

  1. دوام عدوان العدو وقصفه للمدنيين في قطاع غزة بمختلف أنواع الأسلحة وصنوفها.
  2. دوام قصف المقاومة الفلسطينية لمغتصبات غلاف غزة، ومدن العمق الفلسطيني.
  3. الساعة 1301 تسلل مجموعة من المقاومين إلى موقع للعدو في شرق خان يونس وتدمير ثلاث آليات عسكرية.
  4. الساعة 1500 قصف ” حزب الله ” لمواقع العدو في مرتفعات “الجولان” و ” مزارع شبعا “.
  5. تسجيل اتصال بين رئيس سلطة الحكم الذاتي ” محمود عباس ” والرئيس الأمريكي ” جون بايدن “.
  6. الإبلاغ عن وجود قائد شعبة التكنلوجيا والمعلومات والاتصالات للعدو مع قائد فرقة مناورة العدو في منطقة العمليات.
  7. الساعة 1630 حديث تلفزيوني لقائد حركة المقاومة الإسلامية ” حماس ” شحذاً للهمم ورفعاً للمعنويات.
  8. الساعة 1900 الإعلان عن استشهاد شخصين جراء قصف العدو لمنزل في مزارع شبعا.
  9. الساعة 1930 مؤتمر صحفي لرئيس مجلس الأمن القومي للعدو ” تساحي هنغبي ” أعلن فيه عن خطأه في تقديره أن ” حماس ” لن تقوم بالمبادرة للعمل ضد كيانه المؤقت، وأن هدف العملية أكبر من القضاء على قدرات ” حماس ” وحكمها.
  10. الساعة 2230 إطلاق صاروخ من سوريا ورد العدو عليه بقصف مطار دمشق ومحيط مصدر النار.
  11. الساعة 2345 الإعلان عن استشهاد ثلاثة من عناصر النخبة في كائب ” عز الدين القسام ” في لبنان على أثر قصف طائرة مسيرة لهم أثناء التقدم للاشتباك مع العدو قبالة مغتصبة ” مرغليوت ” .

ثانياً: التحليل والتقدير:

لا يزال العدو في حالة من عدم العزم على المضي في العمل البري الذي اكتمل حشد قدراته النارية والإدارية ، الأمر ـ عدم أخذ القرار ـ يرجع لما قلناه سابقاً من عدم يقين العدو من كفاءة القدرات ، وطبيعة المفاجآت ، وما يمكن أن ينجم عن التقدم البري من خسائر ، تفضي إلى مزيد من الإخفاقات وتحمل المسؤوليات ، الأمر الذي بقي يستعيض عنه العدو بعمليات القصف والتدمير الممنهج ، الذي لم يفضي إلى عمليات نزوح جماعي لأهل غزة بالتجاه الجنوب ، كما كان يؤمل العدو  ويظن ، فبادر ـ العدو ـ بتركيز نار أسلحته لاستهداف المدنيين العزل في منازلهم في إجراء الهدف منه ممارسة مزيداً من الضغط على المواطنين لحملهم على النزوح قسراً من منازلهم وبيوتهم . كما أن مبادرة المقاومة بالقيام بعمليات تعرض على خطوط العدو، وقصف مراكز حشده وقواعد ناره المنتشرة في محيط غلاف غزة، يشي بأن المقاومة ما زالت تمارس قيادة وسيطرة مناسبة على قواتها، متحكمة في الموقف، بدليل دفعها لقوات لتشتبك مع العدو ثم تعود إلى قواعدها دون تسجيل خسائر فيها، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عمليات تعرض المقاومة على الحافة الأمامية لمناطق قتال العدو، وقصف تجمعات حشده وتعبئة قواته وقواعد نارها يحقق للمقاومة الأهداف والمصالح الآتية:

  1. كسر حاجز الرتابة والتهيب لدى القوات المقاومة من التعرض بعمل هجومي لقوات ـ قوات العدو ـ في حالة الدفاع.
  2. استطلاع بالنار المعرفة قدرات العدو وطبيعة انتشاره وإجراءات رد فعله على فعل المقاومة.
  3. إعاقة عمليات إعادة تنظيم قوات العدو وترميم جهازه الدفاعي في منطقة العمليات.
  4. تأخير أو إعاقة العمل البري الذي يهدد العدو بالقيام به.

وعليه فإننا …

 نعتقد أن العدو سيبقى يمارس مزيداً من عمليات القتل والتدمير الممنهج للسكان والمساكن، ليكوّن وسائل ضغط يستطيع أن يضغط بها على قيادة المقاومة، ليخرجها عن حالة التوازن المطلوبة للتعاطي مع المواقف القتالية المختلفة، كما أنه ـ العدو ـ قد يبادر في عمليات تحرك لتحقيق التماس أو الاستطلاع القتالي مع قوات المقاومة ومجاميعها المنشرة على الحافة الأمامية لمناطق القتال الصديقة، في جهد الهدف منه كشف الاستعداد والانتشار وتقيم القدرات، ليبني على الشي مقتضاه من إجراءات.

كما نعتقد أن المقاومة الإسلامية ” حزب الله ” في لبنان سيعاود قصفه لمواقع العدو واستهدافها بالأسلحة المناسبة رداً على استشهاد بعض المواطنين جراء قصف العدو لمنزل في ” شبعا ” الجنوبية.

كما نعتقد أنه ـ حزب الله ـ سيبقي مستوى تعامله مع مجريات الجبهة في الجنوب اللبناني ضمن معادلة الفعل ورد الفعل، المحكوم أصلاً بمدى أثر الفعل الواقع عليه وعلى مواطنيه، مخلّياً بين قوى المقاومة الفلسطينية المنتشرة في لبنان وبين الاحتكاك أو الاشتباك مع العدو، مع تقديم المساعدة والمساندة لمن يطلب ذلك.

عبد الله أمين

15 10 2023

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي