أخبارتقدير موقف

طوفان الأقصى … الموقف اليوم السبت

شبكة الهدهد
✍️⁩ عبد الله أمين – الخبير الأمني والاستراتيجي

أولاً: الموقف :

لا زال الموقف القتالي في جبهة غزة يتسم بالرتابة القتالية؛ فالعدو بقي حتى صباح هذا اليوم يمارس عمليات القصف على مختلف مناطق القطاع، مستخدماً مختلف صنوف وأعيرة ومديات مدفعيته وسلاح جوه. حيث تركزت معظم عمليات القصف على مناطق شمال غرب، وشمال وشرق مدنية غزة، إلا أن اللافت في عمليات القصف أن جهدها الرئيسي ما زال يركز على مناطق الشمال والشمال الغربي من قطاع غزة، والتي تخرج منها أكبر عمليات إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية باتجاه مغتصبات العدو في غلاف القطاع، وعمق أراضينا المحتلة في فلسطين التاريخية. هذا وقد صرح العدو وعلى لسان الناطق العسكري باسمه ظهر أمس ـ س: 1230 ـ أنهم يطالبون سكان قطاع غزة بإخلاء أحيائهم والتوجه باتجاه الجنوب، زاعماً أنهم سوف يؤمنون لهم ممرات آمنة، وأنهم لن يستهدفوا قوافل النازحين المتوجه جنوباً، الأمر الذي كذبته وقائع المعركة، حيث استهدف العدو بالقصف بعض السيارات التي كانت تنقل بعضاً من النازحين المتوجهين جنوباً، كما أن طلب العدو لم يلقى آذاناً صاغية من قبل المواطنين والسكان. هذا ومازال العدو يستهدف الأطقم الطبية والصحفية في مختلف مناطق العمليات في جبهة غزة، كما طال استهدفه للصحفيين وأطقم عملهم التي تغطي الأحداث في الجنوب اللبناني، حيث أصيب صحفيان من شبكة الجزيرة واستشهد ثالث ـ س: 1800 ـ من وكالة أنباء ” رويترز ” أثناء تغطيتهم للاشتباكات المتقطعة بين ” حزب الله ” ومواقع الجيش المعادي المنتشرة قبالة منطقة ” علما الشعب ” الجنوبية. هذا ويذكر أن العدو ما زال يتعامل مع أي إنذار على أنه تهديد حقيقي يتطلب إجراء حتى لو تبين أنه إنذار كاذب أو خطأ تقنياً، كما حصل مع إنذار مغتصبة ” حانيتا ” في شمال فلسطين. كم تجب الإشارة هنا إلى أن الحكومة الأمريكية قد أعلنت عن تحرك سفينة الصواريخ ” نورمندي ” باتجاه المنطقة، وهي من القطع البحرية الثقيلة، دخلت الخدمة في عام 1990، تعمل ضد الغواصات والطائرات والسفن القتالية، في مهام ذات طابع دفاعي وهجومي ، مزودة بمنظومات صواريخ سطح أرض من نوع ” توماهوك ” كما أنها قادرة على القيام بعمليات الحرب الالكترونية وعمليات التشويش على منظومات الاتصالات ، يشغلها طاقم مكون من 60 جندياً ، بالإضافة إلى تموضع 360 جندي من مشاة البحرية الأمريكية بكامل عتادهم على سطحها  .

أما فيما يخص إجراءات فصائل المقاومة الفلسطينية في مختلف بقع القتال في منطقة عمليات قطاع غزة ؛ فقد استمرت مختلف الفصائل في عمليات اطلاقها صليات الصواريخ ، ونيران المدفعية على مختلف أهدافها في غلاف غزة ، وعمق فلسطين المحتلة ، حيث وصلت قذائف المقاومة الصاروخية إلى مقر قيادة المنطقة الشمالية لجيش العدو في مدنية صفد ، عندما أطلق ـ س : 1515 ـ  باتجاه هذا الهدف صاروخ من طراز “عياش 250 ” ، كما طالت قذائف المقاومة ” مغتصبة سدروت ” حيث دكتها بـ 150 قذيفة صاروخية ، وكذا عسقلان دُكت بنفس الكمية من الصواريخ ، كما استهدفت مناطق حشد العدو في شمال شرق غزة ، وفي موقع ” بئيري ” ـ س : 1445 ـ و موقع ” كفار سعد ” . كما طال القصف مطار ” بن غوريون ” و بئر السبع والرملة واللد وتل الربيع. هذا ولم يُسجل في الـ 24 ساعة الماضية أي اشتباك قريب مع العدو خلف خطوطه، أو في مغتصبات الغلاف. كما لم يُسجل أي احتكاك معه ـ العدو ـ على الحافة الأمامية للمناطق السكنية في شمال وشرق وجنوب القطاع.

هذا وقد بقيت مختلف مناطق الضفة الغربية ـ يعبد، الرام شمال القدس، وادي الجوز، بين إجزا ، حواره ، طمون ، طول كرم ـ  مشتبكة مع قوات جيش العدو المنتشرة في مختلف المدن والقرى ، حيث خرجت مسيرات حاشدة في مختلف مناطق الضفة تأييداً للمقاومة ، ومحاولة لإشغال قوات أمن العدو العاملة في هذا الجغرافيا ، كما اشتدت وتيرة الاشتباك مع العدو في ساعات المساء ، عندما هاجمت مجموعات المقاومة المستقرة في مدينة جنين ومخيمها ، مغتصبات غلاف جنين بالأسلحة الفردية المناسبة . وقد كانت نتيجة هذه الاشتباكات ـ حتى كتابة هذا الموقف ـ ارتقاء ما لا يقل عن 15 شهيداً، وعشرات الجرحى والمصابين. كما يذكر في هذا السياق أن العدو قام بتوزع آلاف البنادق ـ 10000 ـ على المستوطنين، وقلل القيود على حمل السلاح واستخدامه من قبلهم، الأمر الذي أدى الى خروجهم في حملات إزعاج واحتكاك مع موطني مدن وقرى الضفة الغربية.

أما على مستوى الجهود السياسية ، فقد شهدت المنطقة حراكاً واتصالات سياسية بدأ من فلسطين المحتلة ووصولاً إلى بعض دول الطوق ـ الأردن ، سوريا ، لبنان ، قطر ، تركياً ـ وعلى كافة الصعد ، من زيارة وزراء خارجية ودفاع أمريكي للكيان المؤقت ، مروراً بزيارة مقر سلطة الحكم الذاتي في ” رام الله ” التي زارها الوزير ” بلنكن ” ومنها واصل تحركه نحو الأردن ثم قطر ، في جهد يُفهم  أن الهدف منه شرح رؤية الإدارة الأمريكية للحرب على غزة ، وطلب المساعدة في إطلاق الاسرى الذي يحملون جنسية بلاده ، وانتهاء إلى حشد الرأي الرسمي خلف فكرة فتح ممرات آمنة للمواطنين الغزيين باتجاه الجنوب ، و( تأمين ) خروجهم إلى الأراضي المصرية . كما زار وزير الخارجية الإيرانية كلاً من لبنان وسوريا، حيث التقى سياسي لبنان ومسؤوليه، وقادة المقاومة وأركانها، لتقييم الموقف مع هذه الجهات، والتعبير عن مواقف التأييد والدعم للمقاومة ـ في فلسطين ولبنان ـ وخيارتها التي أقدمت عليها حاضراً، وما يمكن أن تقدم عليه من خيارات في المستقبل. ويذكر هنا أن دعوات من مصر والأردن والسعودية خرجت رافضة لما يحاول العدو القيام به من عمليات تهجير قسري لسكان غزة ، لإفراغها من أهلها ودفعهم نحو اللجوء المجدد إلى دول الجوار ، كما صاحبت أصوات الرفض الرسمية هذه ، أصواتاً لمنظمات دولة ـ الصليب الأحمر الدولي ، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين ، الأمم المتحدة  ـ  ترفض هذا الأمر ، وتحذر من مضي العدو فيه ، كما عادت قيادة كتائب “عز الدين القسام ”  ــ س 1445 ـ وعلى لسان الناطق باسمها التحذير من مغبة مضي العدو في هذا الخيار ـ التهجير ـ مطالبة السكان والمواطنين بعدم الاصغاء إلى ما يقوله العدو ، وعدم الرضوخ لطلباته ، والتحلي بالصبر والثبات في أراضيهم ومساكنهم .

هذا وقد شهدت معظم مدن وعواصم العالم العربي والإسلامي مسيرات التأييد والدعم للمقاومة الفلسطينية ، وفصائلها في غزة ؛ فقد خرج مئات آلاف المتظاهرين المؤيدين في الأردن الذي منعت أجهزة أمنه وصولهم إلى مناطق الحدود مع فلسطين ، كما شهدت اليمن وإيران والعراق ومصر وتركيا والباكستان وسوريا مظاهرات داعمة للمقاومة وخياراتها ، أما في لبنان فقد أقام ” حزب الله ” وقفة تأييد للمقاومة بعد صلاة الجمعة ، تحدث فيها نائب الأمين العام للحزب الشيخ ” نعيم قاسم ” عن رؤيتهم وتقييمهم للحرب وموقفهم منها ، حيث ذكر الشيخ أنهم في ” حزب الله ” مع خيارات  المقاومة الفلسطينية ، وأنهم يعرفون واجباتهم بالضبط ، وأنهم لن يتوانوا عن القيام بما يتطلبه الموقف من إجراءات ، وفق خططتهم الموضوعة للتعامل مع هذه المعركة . كما بقيت محاولات الاحتكاك مع العدو من جنوب لبنان قائمة ، حيث حاولت مجموعة مسلحة ـ س :  1505 ـ التسلل من القطاع الغربي قبالة “علما الشعب ” إلى أحد مواقع العدو ، ولكنها عادت وانسحبت ولم تشتبك مع معه ، حيث بادر العدو بالرد بنيران المدفعية على المناطق الحرجية المحيطة بالموقع ، مما دفع  المقاومة الإسلامية ” حزب الله ” بالرد ـ س : 1815 ـ على نيران العدو باستهداف مواقعه في ” العباد ” و ” مسكاف عام ” و ” رامية ” و ” جل العلم ” بالأسلحة الموجهة .

أما عن أهم معالم الموقف في الـ 24 ساعة الماضية فيمكن تسجيل الآتي :

  1. استمرار قصف العدو على قطاع غزة ، خاصة المناطق الساحلية ، مناطق الشمال الغربي وشمال وشرق غزة ، وصولاً إلى جنوبها ، وإن بوتيرة أخف مما هي عليه في الشمال .
  2. إدامة قصف المقاومة الفلسطينية لمناطق حشد العدو في غلاف غزة ، وباقي مدن العمق الفلسطيني المحتل .
  3. قصف تل الربيع ومطار بن غورين أكثر من مرة وفي ساعات مختلفة .
  4. الساعة 1235 استهداف مناطق حشد العدو في موقع ” كفار سعد ” بالمسيرات الانتحارية.
  5. الساعة 1240 خروج الناطق العسكري الإسرائيلي للحديث وفي بيان رسمي عن طلب خروج المواطنين من أحيائهم ومدنهم والتوجه جنوباً .
  6. الساعة 1300 الإعلان عن مقتل 13 أسيراً جراء قصف العدو لمدن ومخيمات غزة .
  7. الساعة 1515 قصف مقر قيادة المنطقة الشمالية للعدو بصاروخ ” عياش 250 ” .
  8. الساعة 1550 تسجيل اشتباك مع مغتصبة ” ميراف ” في غلاف جنين ، وبدء التعرض على باقي المغتصبات المحيطة بالمدينة .
  9. الساعة 1705 محاول تسلل على موقع معادي في منطقة ” علما الشعب ” في جنوب لبنان.
  10. الساعة 1815 استهداف تجمع للصحفيين في منطقة ” علما الشعب ” حيث استشهد صحفي ، وأصيب اثنان .
  11. الساعة 1830 قصف ” حزب الله ” لمواقع العباد ، مسكاف عام ، رامية ، جل العلم بأسلحة الدروع الموجهة .
  12. الساعة 1720 إعلان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن عدد جنوده القتلى بلغ 265 جندياً ، أما الأسرى فقد بلغ عددهم 120 أسيراً .
  13. الساعة 2125 قصف المقاومة الفلسطينية منظومة اتصالات العدو شرق مغتصبة “رعيم “

التحليل والتقدير :

لا زال العدو في حالة عدم حسم فيما يخص العمل البري ، فبعد اكتمال حشده وتعبئة قدراته ، وتأمين غطاء داخلي وخارجي لها ، لا يزال العدو في حالة تردد من التقدم ولو جزئياً باتجاه المناطق السكنية أو الخالية في قطاع غزة ، وعلى كافة المحاور ، فقد انفتحت قطع العدو المدفعية على كامل غلاف غزة ، وبدأت بعمليات القصف والتدمير الممنهج لمدن ومخيمات القطاع ، إلّا أن خروج الناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي بتصريح رسمي يطالب فيه من سكان شمال القطاع الخروج من بيوتهم وأحيائهم ، والتوجه جنوباً ، هذا البيان مع ما تشهده الجهود السياسية وتركز عليه من محاولة فرض فتح ممرات آمنة للمواطنين للخروج خارج قطاع غزة باتجاه مصر ، مع النار التي يصبها العدو على مناطق شمال وشمال غرب وشرق قطاع غزة وساحلها ، وبكثافة غير معهودة ، تجعلنا نعتقد أن نار العدو التي بدأت تُصب على القطاع ، منذ اكتمال حشده وتعبئته لقدرات هجومية معتبرة ،وإحجامه حتى الآن عن أي عمل بري ، هذه المعطيات ـ بيان العدو ، الجهود الدبلوماسية ، نار العدو ، عدم العمل البري ـ تجعلنا نعتقد أن العدو يحاول وفي سياق القضاء على المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة ” حماس ” الضغط على سكان شمال القطاع والذي يحتوي مراكز ثقل المقاومة العسكرية والسياسية ، والبشرية ، يحاول الضغط عليهم ـ السكان ـ  للتوجه جنوباً ، لإفراغ الجغرافيا من أكبر كم من سكانها ليحقق أهدفاً من أهمها :

  1. التخلص من العبئ السكاني في منطقة العمليات وما يوجده من عوائق تعبوية .
  2. زيادة زخم قصف المناطق لخلوها من المدنيين ، وحصرها على المقاومين .
  3. تدمير أكبر كم من الأصول المادية للمقاومة المنتشرة في هذه الجغرافيا .
  4. تأمين مغتصبات غلاف غزة ، وعمق مناطق فلسطين المحتلة من نار المقاومة التي تخرج من هذه المناطق .
  5. ترميم جهازه الدفاع وتقليل نسبه الأضرار فيه .
  6. توفير ظروف تعبوية تمكن العدو من التقدم البري ـ ولو محدود ـ في شمال غرب وشمال القطاع وشرقه لـ ( تطهير ) هذه المناطق من قدرات المقاومة ، ومن ثم التموضع فيها إلى حين إعادة ترميم السياج الحدودي الذي تضرر من جراء هجوم المقاومة .

وعليه نعتقد أن العدو سوف يُبقي جهوده النارية والسياسية منصبة على تحقيق هذا الهدف ـ تهجير ما يمكن من سكان شمال قطاع غزة ـ ولن يقدم على أي توغل بري يشكل تهديداً ذو مصداقية على الجهاز الدفاعي للمقاومة المنتشر على الحافة الشمالية والشرقية لقطاع عزة خصوصاً ، ووسطها وجنوبها عموماً ، ما لم ينجز هذا الهدف ، ويطمئن أن قدرات المقاومة الدفاعية في هذه المنطقة قد أصبها ضرر شديد .

لذلك وأمام هذه الموقف فإننا نوصي بالآتي  :

  1. المحافظة على الأصول البشرية والمادية للمقاومة والحد من منسوب المخاطر الذي يمكن أن تتعرض له .
  2. تركيز عمليات القصف المتناظر ـ مدن مقابل مدن ـ والفاعل للعمق المعادي .
  3. توفير المتطلبات الحيوية للمواطنين للمساعدة في تثبيتهم في مدنهم ومخيماتهم .
  4. ضرب مناطق حشد العدو وعدم إتاحة الماجل له للاستقرار والانتشار الآمن فيها .
  5. محاولة ضرب ـ مجهولة المصدر أو معلومته ـ مدارج المطارات المدنية والعسكرية المعادية وإخراجها عن الخدمة أو تهديدها بشكل متواصل ومنع الحركة عليها .
  6. الاشتباك الناري والالتحام البشري مع العدو على الحافة الأمامية لمناطق القتال وخلف خطوطه .
  7. مزيداً من الاشتباك والاحتكاك مع العدو في مدن وقرى الضفة الغربية ، ومحاولة تشكيل تهديد حقيقي عليه في هذه المناطق يجبره على تجميد جزء من قدراته فيها .
  8. القيام بعمليات المقاومة المدنية في مدن وقرى مناطق الثمانية والأربعين لما لهذا الأمر من أثر في التخفيف والتخذيل عن أهلنا في قطاع غزة .

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

عبد الله أمين

14 10 2023

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي