معركة طوفان الأقصى… تقدير موقف اليوم الثالث

شبكة الهدهد
✍️ عبد الله أمين الخبير الأمني والاستراتيجي
أولاً: الموقف:
لا زال الموقف القتالي في اليوم الثالث للقتال على ما هو عليه؛ فقد استمرت كتائب الشهيد عز الدين القسام، وسائر قوى المقاومة بالاشتباك مع العدو في مغتصبات غلاف غزة، متوغلة هذه الكتائب في أعماق مختلفة من حيث المسافة.
فقد ذكرت وسائل الإعلام أن بعضاً من هذه الفصائل تقاتل على مسافة الـ 24 كلم – أفوكويم – شرق غزة، وأخرى تقاتل على مسافة الـ 9 كلم – جنوب عسقلان -، كما بقي العدو يفرج عن أعداد قتلاه وأسراه لدى المقاومة، حيث ارتفع عدد قتلى العدو في هذه المعركة إلى ما يقارب الـ 750 قتيلاً، وما يقارب الـ 200 أسير بين جندي ومستوطن وما يفوق الـ 2500 مصاب وفقاً لأرقام العدو.
كما سمحت الرقابة العسكرية للعدو بنشر أسماء بعض قادة العدو الذين قتلوا حتى هذه الساعة، ومنهم: قائد وحدة الاستطلاع في لواء الناحال “يوناتان تسور” وقائد الوحدة متعددة الأبعاد العقيد “روي ليفي”، كما برزت في الموقف هذا اليوم التطورات الآتية:
- إعلان مجلس الوزراء المصغر للعدو حالة الحرب.
- إعلان حالة التأهب في جميع سفارات العدو في الخارج.
- مقتل 3 من “السائحين الإسرائيليين” في مدينة الإسكندرية المصرية على يد حارس أمن مصري.
- إعلان كتائب عز الدين القسام قيامها بعمليات التبديل للقوات العاملة في منطقة عمليات معركة “طوفان الأقصى”.
- إعلان العدو البدء بإخلاء 5 مغتصبات، ثم عاد وأعلن الساعة 1550 أنه سيقوم بإخلاء 25 مغتصبة.
- قام العدو وقرابة الساعة 1930 ببدء عمليات قصف عنيف على مناطق شرق غزة وعلى طول خط الجبهة، خاصة واجهة مدينة غزة، والشجاعية.
- الإعلان الأمريكي على لسان الرئيس ووزير الخارجية أنهم يدعمون حق الكيان في (الدفاع) عن نفسه، وأنهم سيبذلون جهوداً لمنع تمدد هذا المعركة لتشمل حلفاء المقاومة في لبنان وإيران، كما أعلن عدد من الدول الغربية تأييدها ودعمها للعدو – ألمانيا، بريطانيا، أوكرانيا -.
- إعلان وزارة الدفاع الأمريكية أنها ستنشر قطع بحرية قبالة سواحل فلسطين المحتلة، وأن البارجة الحربية ” فورد 4 ” في طريقها إلى المنطقة.
- بدء الحديث عن وصول الإمدادات العسكرية من القواعد الأمريكية في الأردن إلى مخازن العدو “الإسرائيلي”.
- استمرار “العدو الإسرائيلي” بالقصف الجوي، ومن مختلف صنوف المدفعية على مدن ومخيمات غزة، حيث ارتقى العديد من الشهداء، أغلبهم من المدنيين والنساء والأطفال.
- إعلان العدو عن تعيين الجنرال المتقاعد “غال هريش” مسؤولاً عن ملف الأسرى والمفقودين في هذه المعركة، والطلب من كامل الهيئات الرسمية في الكيان المؤقت أن تخضع لسلطاته في هذا الملف.
- كما اشتبكت قوات العدو في الساعة 2200 في مغتصبة “شتولا” شمال فلسطين المحتلة مع بعضها بعضا، نتيجة للاشتباه بتسلل مقاومين من جنوب لبنان إلى الداخل الفلسطيني.
- شهدت مدن الضفة الغربية مزيداً من الاحتكاك مع قوات العدو، والاشتباك مع حواجزه ودورياته المنتشرة والمتنقلة بين مدننا وقرانا في هذا الجغرافية الفلسطينية، كما تصدت قوات أمن سلطة الحكم الذاتي لمسيرات تأييد وتضامن مع المقاومة، خرجت في مدينة نابلس.
- شهدت كثيراً من العواصم العربية والإسلامية وقفات تضامن وتأييد للمقاومة، وإعلاناً للاستعداد لما يُطلب منهم في سياق هذه المعركة.
ثانياً: التحليل
لا زال العدو يعيش حالة تخبط واضطراب – حادثة شتولاً – محاولاً السيطرة على الموقف، وقطع خطوط إمداد المقاومة من مؤخرتها لإفقاد قيادة المقاومة ميزة القيادة والسيطرة الفاعلة على الموقف ومجريات المعركة؛ حيث تفسر عمليات القصف على الحافة الشرقية لمدينة غزة وعلى طول خط الجبهة من شمال القطاع إلى جنوبه، على أنها جهد تعبوي الهدف منه قطع خطوط إمداد المقاومة، وفصل قواتها المناورة في منطقة العمليات عن مؤخرتها، ومحاولة حصارها في بقطع قتالية يسهل السيطرة عليها، بغية (تطهيرها) من المقاومين، أو حصارهم فيها من أجل الضغط على قيادة المقاومة ودفعها للتنازل الأولي في أهم ملف يشغل العدو الآن، ألا وهو ملف الأسرى والمفقودين في صفوفه.
كما أن قدرة المقاومة على إجراء تبديل لعديدها المقاتل في المقدمة يدل على أنها ما زالت مسيطرة على الموقف، ومتحكمة بمجريات المعركة، وتماس قيادة وسيطرة فاعلة على قواتها المناورة في جبهات القتال ومحاوره.
كما أن إعلان حالة الحرب من قبل العدو تهدف إلى تعبئة كامل مقدرات الكيان المؤقت؛ البشرية والمادية، لتصب في المجهود الحربي، وجعل هذا الأمر أولية في الأيام القادمة، كما أن هذا الإعلان يأتي للحد من حرية تناقل الأخبار والصور، والسيطرة على سيل المعلومات القادمة من جبهات القتال، والتي بدأت تفت في عضد العدو وجبهته الداخلية.
أما فيما يعني إعلان العدو عن بدء إخلاء مغتصباته في غلاف غزة؛ فإن الهدف من هذا الإجراء إفراغ منطقة العمليات من (المدنيين) تمهيداً لاستخدام كثافة نارية أكبر مما هي عليه الآن، ومحاولة عمل رؤوس جسور ومناطق حشد قادرة على استيعاب قدرات قتالية، يمكن أن تُستخدم في بدء هجوم معاكس ضد قوات المقاومة العاملة في منطقة العمليات.
وفيما يخص الدخول الأمريكي على الخط – تحريك قطع بحرية، ونقل عتاد – فهو يأتي في سياق الرسائل التي تريد أن تقول: لا لتمدد القتال إلى جبهات أخرى، وأن على حلفاء المقاومة الفلسطينية في الخارج التزام الحياد، وعدم التدخل في مجريات المعركة، الأمر – عدم التدخل – رد عليه حلفاء المقاومة بتصريحات، ومن مختلف المستويات أنهم – الحلفاء – ليسوا على الحياد في هذه المعركة، وأنهم على أهبة الاستعداد للانخراط فيها إن تطلب الموقف ذلك، كما يمكن الفهم من بدء نقل العتاد إلى العدو ووصله له من خارج الكيان، على أنه – العدو – بدء يشهد حالة من نقص العتاد الفاعل والخاص لمثل هذه المعارك.
يبقى القول إن تكثيف قصف العدو على مدن ومخيمات غزة يأتي في سياق الضغط على الجبهة الداخلية للمقاومة لرفع أكلاف معركتها، ومحاول تشكيل روافع ضغط تُستخدم ضد المقاومة أثناء المعركة وبعدها، الأمر الذي لم تثبت جدواه إلى الآن.
ثالثاً: التوصيات:
- العمل على تأمين أصول المقاومة ومراكز ثقلها البشرية والمادية، منعاً للعدو من تحقيق إنجاز أو صورة نصر، أو إفقاداً للمقاومة لاتزانها وسيطرتها على الموقف.
- الحرص على بقاء المقاومين ملتحمين مع عدوهم ضمن مسافات أمن أسلحة إسناده، لإفقادها الفاعلية، وكفاءة التشغيل.
- العمل على تفعيل المقاومة في الضفة الغربية ومناطق 48، ومحاول إعاقة حركة نقل وتنقل وإمداد العدو المارة من مدننا وقرانا والموصلة إلى قواته في جبهات القتال ومحاوره في غزة.
- العمل على عدم تحقيق هدف العدو من محاولة قطع خطوط إمداد المقاومة، وحركة قوات مناورتها بين جبهات القتال ومؤخرة هذه القوات.
- تركيز وسائط النار متوسطة المدى على مراكز حشد العدو في منطقة العمليات، تحقيقاً لعدم تنظيم نفسه وترميم تشكيلاته والتهيئة لعمل معاكس.
- العمل على عدم تمكين العدو من حصار أي مجموعات قتالية في بقع منفصلة، والحرص على عدم تقطيع منطقة العمليات وتحويلها إلى جزر معزولة عن بعضها بعضا.
- الحرص على سحب أي مجموعة مهددة بالحصار انسحاباً منظماً في عمليات قتال تراجعي، حتى لا تقع في الأسر أو الحصار، الممكن تحويله إلى ورقة ضغط على قيادة المقاومة، أثناء القتال أو بعد توقف المعارك.
- مزيداً من إظهار التضامن بين مكونات أمتنا الإسلامية مع المقاومة وما تقوم به من فعل، منعاً من الاستفراد بها – بالمقاومة – وكبحاً لجماح ما تحاول بعض حكومات هذه الدول من القيام به من الفت في عضد المقاومة؛ ولو سراً.
والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
Facebook Comments