
شبكة الهدهد
✍️ عبد الله أمين الخبير الأمني والاستراتيجي
أولاً: الموقف
بعد مضي ما يقارب 24 ساعة على بدء معركة “طوفان الأقصى” لم يطرأ أي تطور جدي وحقيقي يؤثر على سير المعركة الكلي، فما زال المقاومون يقاتلون في داخل المغتصبات الفلسطينية في غلاف غزة، إلّا أن اللافت أن قيادة كتائب القسام أعلنت تطوير هجومها ليصل مغتصبات أكثر عمقاً في الداخل الفلسطيني.
حيث وصل مجاهدو كتائب القسام إلى مغتصبة “أفوكيم” على مسافة 24 كلم من حدود شرق غزة، وعسقلان على بعد 9 كلم و”نتفوت وبيئري” و”شمار هنيغيف”، كما وصلت صواريخ المقاومة إلى منطقة “عين شيمر” في الخضيرة.
كما بدأ العدو بدفع قوات من سلاح البر باتجاه جبهات القتال ومحاوره على جبهة غزة، حيث شوهدت ناقلات سلاح الدروع تنقل الدبابات المعادية باتجاه مناطق العمليات، كما سُجلت في ساعات الليل المتأخر أمس احتكاكات مع العدو في بعض مدن الضفة الغربية، حيث ذكرت وسائل الإعلام أن اشتباكات حصلت بين المقاومين وقوات العدو في منطقة أبو ديس في القدس.
كما سُجل في صباح هذا اليوم 08 10 2023 الساعة 0800 قصف من جنوب لبنان باتجاه قواعد العدو في جبل الشيخ، حيث أطلقت رشقات من قذائف الهاون والأسلحة الموجهة بالتجاه مواقع زبدين والرادار ورويسات العلم، في تلك المرتفعات المشرفة على قرى العرقوب اللبنانية.
هذا وقد بدأ العدو بالإفراج عن عدد قتلاه وأسراه لدى المقاومة في قطاع الغزة، حيث فُتح باب العد والإحصاء ليصل إلى ما يقارب 300 قتيل وما يزيد على 1500 إصابة وعشرات الأسرى من المستوطنين والجنود ومن مختلف الرتب.
كما سمحت الرقابة العسكرية بالكشف عن أسماء بعض القتلى من قادة العدو؛ حيث أعلن العدو عن مقتل قائد لواء الناحال في الجيش العميد “يوناتان شتاينبرغ”، وقائد فرقة غزة “نمرود ألوني”، وقائد كتيبة الاتصالات في منطقة العمليات، ونائب قائد وحدة مجالان.
أما عن عمليات الرد المعادية فقد انصبت على تدمير البنى التحتية والعمارات والأبراج السكنية، ومقرات سكن وعمل قادة المقاومة في مدن غزة ومخيماتها، ما زاد من عدد الشهداء الذين ارتقوا في هذه العملية ليصل إلى ما يقارب 260 شهيداً فضلاً عن الجرحى والمصابين.
ثانياً: التحليل:
لا يزال العدو يحاول امتصاص الضربة الأولى التي وجهتها له كتائب القسام، وقوى المقاومة الأخرى واستيعاب أثرها، ومن ثم السيطرة على الموقف – إن أمكن – من أجل تحديد شكل ونوع رد فعله الذي يوازي ما أصابه من خسائر، وتهشيم في الصورة.
إلّا أنه إلى الآن لم يستطع السيطرة على الموقف، حيث إن ضغط المقاومة وتطوير عملياتها، والمناورة النارية والبرية التي تقوم بها، تجعله (عاجزاً) عن استخدام قدرات قتالية قادرة على قلب الموقف لصالحه، حيث إن قوات مشاة المقاومة المناورة في منطقة العمليات تشتبك مع العدو ضمن مسافات أمن أسلحة إسناده النارية، ما حرم قوات العدو كثافة وزخما ناريا هي في أشد الحاجة لها لاستيعاب الموقف وشن هجوم معاكس لإخراج المقاومين من المناطق الجغرافية التي يسيطرون عليها حتى الآن.
وهذا ما يفسر استخدام العدو لسلاح جوه ومدفعيته متوسطة المدى في استهداف مدن ومخيمات القطاع، في مناورة نارية لا تخدم مناورته البرية
كما أن دخول الليل على المقاومين وهم مشتبكون مع العدو من مسافات قريبة، حرمه أيضاً من تشغيل قدرات وتقنيات قادرة على إحداث تغيير – ولو جزئي – في الموقف لصالحه، لذلك نعتقد أن العدو لا يزال يبحث عن صورة نصر يقدمه لمستوطنيه وجبهته الداخلية، تعوض له ما فقده من (هيبة)، وما تهشم من ردع، كما نعتقد أنه لن يوقف إطلاق النار حتى يصل إلى تفاهم أولي حول مصير أسراه لدى المقاومة.
ثالثاً: التوصيات:
- مزيداً من عمليات الضغط والإشعال والتطوير ضد العدو على كل محاور القتال في جبهة غزة.
- ضرورة البدء بعمليات إشغال للعدو في جبهته الداخلية في مناطق 48، ولو في حدها الأدنى.
- مزيداً من عمليات الاحتكاك والاشتباك مع العدو في مختلف مدن الضفة الغربية، وعلى طرق المواصلات التي تعبر منها قوات إمداده بالتجاه جبهة القتال.
- مزيداً من الحيطة والحذر وتأمين قيادات المقاومة ومراكز ثقلها البشرية والمادية، منعاً للعدو من إلحاق الضرر بها، لإفقاد المقاومة ميزة الاتزان والسيطرة على الموقف.
- مزيداً من عمليات الاحتكاك مع العدو والاشتباك معه في كامل حدود فلسطين المحتلة؛ شمالاً وشرقاً، لدفعه إلى تخصيص قدرات لهذه الجبهات، تخذل عن المقاومين في جبهة غزة.
- عدم فتح باب التفاوض على مصير أسرى العدو، وربطه بقرار وقف إطلاق نار ملزم له، ثم يُبدأ في البحث والنقاش.
والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
Facebook Comments