أخبارشؤون فلسطينية

حماس تُجبر الكيان على دفع “الخاوة” وجولة المواجهة مسألة وقت

ترجمة الهدهد

في الوقت الذي تحدث فيه عملية تلو الأخرى في الضفة الغربية، كان يخيل بالخطأ أن من غزة بالذات ستخرج بشرى الهدوء والتهدئة، وأن الهدف الاستراتيجي الذي وضعه الكيان لنفسه هو الفصل بين غزة والضفة، كمنطقتين أو حتى كيانين لكل منهما منطق وسلوك خاص به – قد تحقق.

غير أنه بخلاف التقديرات والآمال في الكيان، وعلى ما يبدو أيضا بخلاف كل منطق، مرة أخرى تم انتهاك الهدوء على حدود القطاع، يدور الحديث في هذه الأثناء عن نار تحت السيطرة، من خلفها إرادة واضحة من جانب حماس للحفاظ على مستوى اللهيب، لكن تجربة الماضي تفيد أن هذا لا يكفي، وأنه عندما يكون اللعب بالنار يمكن لهذا أيضا أن يشتعل إلى مواجهة واسعة.

في الضفة الغربية تفتقر السلطة الفلسطينية إلى السيطرة، والهجمات المتواترة في هذه المنطقة هذه المرة ليس من صنع أيدي منفذين أفراد لا يوجد من خلفهم يد موجهة ومنظمة، الصورة في غزة كما هو معلوم للجميع مختلفة، يوجد فيها حاكم وهو حماس، إن أرادت حافظت على الهدوء وإن أرادت اخترقته، فبعد كل شيء، أحد ما يجب عليه أن يجلب جموع المتظاهرين إلى السياج الحدودي، وأحد ما ينبغي أيضا أن يسمح، وقبل ذلك أن ينظم ويزود، المجموعات في طريقها إلى إطلاق البالونات الحارقة أو إطلاق النار على نقاط “الجيش”.

تضع الأحداث على حدود القطاع علامات استفهام فوق الفرضية التي تقول إنه يوجد لحماس ما تخسره من اللعب بالنار، وأنها تهتم لما يريده السكان في القطاع، التواقون للهدوء والتهدئة، إلا أن حماس بالذات تؤمن بأن الطريق إلى تثبيت مكانتها في القطاع والحرص على رفاه السكان يستوجب اللعب بالنار وليس بالضرورة الحفاظ على التهدئة، كما يريد الكيان وكما تتصرف السلطة الفلسطينية في الضفة.

درج الادعاء بأن تنظيم حزب الله اللبناني هو الذي شكل الإلهام والتقليد لحماس، في كل ما يتعلق بطريقة التصدي للكيان، سواء بحفر الأنفاق على طول الحدود واختطاف جنود لأغراض المساومة، أو ببناء ترسانة صواريخ بعيدة المدى فيها ما يكفي لردع الكيان.

حماس لا تريد حقًا تغيير جلدها وهجر طريق الكفاح المسلح ضد الكيان، لكنها تريد أن تحافظ على ضخ الأموال النقدية التي تحولها قطر للقطاع تحت العيون المغلقة للكيان، وربما أيضًا أن تخفف الحصار الذي يفرضه الكيان على القطاع.

الطريق هو التهديد والضرب في كل مرة لا ترضى فيها أو تعتقد أنه يمكنها أن تحسن الشروط التي تحصل عليها مقابل الهدوء الذي تمنحه لنا.

هذا هو المنطق الذي يوجه خطى حماس، وهذا هو طريق سلوكها، ويخيل أنه هكذا كان دوما، وللحقيقة، فإن اللعب بالنار من ناحيتها هو رهان آمن، إذ إنه يمسك بـ “إسرائيل” كـ”مردوعة”، والدليل هو ضبط النفس الذي يرد به جيش العدو على التصعيد في الجنوب.

ينبغي الافتراض بأن جولة المواجهة المحدودة على حدود القطاع ستنتهي في الزمن القريب القادم، حماس ستحصل على ما تريد، مزيدا من المال من قطر وربما امتيازات وتسهيلات إضافية، والهدوء سيعود إلى غزة حتى المرة التالية، التي لن تتأخر في المجيء، حيث بخلاف أمل الكيان، في أن تتصرف حماس ككيان دولة، فإنها تتصرف كمنظمة تجبي المال من الكيان بالخاوة، لكنها لا تغير طريقها حقًا، وللحقيقة، فإن ميل الكيان لأن ينهي الموضوع بسرعة وعدم الرد بحزم يشجع حماس على مواصلة عادتها ورفع مطالبها، وهكذا فإنها فقط تقصر فترات الهدوء بين التصعيد والتصعيد.

حماس غير “مردوعة” وهي مستعدة للعب بالنار، وفي السطر الأخير يتبين أن التفاهمات والتوافقات التي تقوم على أساس دفع الخاوة لحماس لا تحل المشكلة في الجنوب حقًا ولا تضع حماس على طريق الاعتدال، جولة المواجهة التالية على حدود القطاع هي بالتالي مسألة وقت.

المصدر: إسرائيل اليوم/ إيال زيسر

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي