تحليل| مع تزايد التوتر على السياج الفاصل.. هل نحن أمام تصعيد في غزة؟

#ترجمة_الهدهد
تستمر المظاهرات العنيفة على السياج الحدودي في قطاع غزة، فيما يواصل كيان العدو منع آلاف العمال من غزة من الوصول للداخل المحتل، فمنذ “عيد رأس السنة العبرية” ويستعد جيش العدو لاحتمال إطلاق صواريخ من قطاع غزة، على الرغم من أن تقييم المنظومة الأمنية للعدو بأن حماس في هذه المرحلة مهتمة بزيادة التوتر مع الكيان دون الوقوع في صراع عسكري من شأنه أن يضر بعملية إعادة إعمار قطاع غزة واستعادة وتعزيز قدراتها العسكرية.
فعادت الأوضاع المتوترة في قطاع غزة إلى بؤرة اهتمام المنظومة الأمنية، بالتوازي مع التصعيد الأمني المستمر على الساحة الفلسطينية، بعد أشهر هادئة جدا منذ العدوان الأخير على القطاع في مايو 2023، وأصبحت التوترات على الحدود مع غزة ملحوظة للغاية، ويتمثل مظهرها الرئيسي في تجدد المظاهرات على السياج الفاصل، حتى لو بطريقة محدودة في هذه المرحلة، حيث يصل في الأيام الأخيرة مئات الفلسطينيين يوميًا للمواجهة مع قوات الجيش.
قرار إغلاق العدو لحاجز “إيرز”، أمام العمال تم اتخاذه بعد توصية القيادة العسكرية، التي وافق عليها وزير جيش العدو “يوآف غالانت”، وذلك بعد أن هاجم الجيش موقعًا لحماس للمرة الأولى منذ فترة طويلة، ردًا على الاضطرابات العنيفة على السياج.
ويرى “الموقف الإسرائيلي” أنه في ضوء استمرار حماس في توجيه المقاومة وشن الهجمات في الضفة الغربية وتجدد المظاهرات العنيفة على السياج في غزة، فإن “إسرائيل” لا تستطيع السكوت وكأن شيئا لم يحدث.
وتقول المنظومة الأمنية للعدو أن منع دخول العمال من غزة هو ضمن سلة الأدوات المتاحة فالكيان ليس ملزمًا باتخاذ هذا الإجراء، بينما إلى جانب التطورات الأخيرة على السياج الفاصل، تتم محاولات لتهريب متفجرات لإنتاج الصواريخ (من خلال ميناء أسدود) والمزيد من التهريب غير القانوني كجزء من جهود حماس لتحسين قدراتها استعدادًا لمواجهة مستقبلية.
ويسمح كيان العدو بدخول 17 ألف عامل من قطاع غزة للعمل في الداخل المحتل، في رقم قياسي، وفي الماضي فكّرت “إسرائيل” بزيادة الحصة، بالنظر إلى الموقف الرسمي للمنظومة الأمنية، والذي قبله المستوى السياسي حتى في ظل الحكومة الحالية، لأن الاستقرار الاقتصادي النسبي في قطاع غزة فيه “مصلحة إسرائيلية” واضحة للحفاظ على الاستقرار الأمني لفترة من الزمن.
يعتبر دخول العمال حاليًا الخطوة الأكثر أهمية في محاولة تحقيق الاستقرار الاقتصادي في قطاع غزة، وفي الوقت نفسه يترك في يد حكومة العدو أداة للرد على حماس، عندما تحاول مرة أخرى الضغط على “إسرائيل”، في المرحلة الأولى من خلال تلك المظاهرات العنيفة على السياج.
في الوقت الحالي، يبدو أن حماس تسعى إلى السيطرة على حجم التوجهات، ففي كل مساء يصل عدة مئات من شباب غزة لمواجهة قوات الجيش، في أربعة مواقع مختلفة من شمال القطاع إلى جنوبه، والموقع الرئيسي كما في السنوات الأخيرة في منطقة “معبر كارني” السابق، أمام حقول كيبوتس “ناحال عوز”.
في الوقت نفسه، لا يقتصر الأمر على المظاهرات الشعبية فحسب، بل تقع تحت غطائها حوادث خطيرة تتمثل في إلقاء عبوات ناسفة على الحاجز العائق، حيث أن المحاولة الغزية هي تخريب السياج المحيط قبل الحاجز والجدار الخرساني العالي.
في الغالبية العظمى من الحالات لا يوجد خطر على جنود الجيش الذين يعملون على ضد المتظاهرين، لكن السياج القديم تضرر، و العبوة التي قُتل فيها ستة من سكان غزة كانت معدة لإلقائها على الجيش، وهذه معطيات تشير إلى قوة العبوة وإمكانية أضرارها في حال أصابت السياج.
وكانت حماس قد أوقفت “مسيرات العودة” على السياج الفاصل بصيغتها الأسبوعية، بعد أن أدت مرارًا وتكرارًا إلى مواجهة عسكرية مع بسبب الأحداث الخطيرة التي وقعت على السياج، ومع ذلك، حتى بعد ذلك وقعت أحداث خطيرة نتيجة للأعمال المسلحة التي تم تنفيذها تحت غطاء التظاهرات، وكان أخطرها تلك، عندما سقط الرقيب الأول “برئيل شموئيل حداريا” قبل عامين تقريبًا بعد أن أطلق مسلح النار عليه عبر فتحة إطلاق النار في الجدار وأصابه إصابة قاتلة وتوفي متأثرا بجراحه بعد صراع على حياته في المستشفى.
ويعتقد كيان العدو، أن عدة عوامل تقف وراء التصعيد الأخير في غزة، في حين أن بعضها فقط يرتبط بشكل مباشر بالكيان، من الضغط الاقتصادي داخل القطاع، والمحاولة للإشارة إلى قطر بضرورة تقديم المزيد من المنح المالية والدعم لقطاع غزة، في ظل هذا الواقع، الذي ينضم إلى التوتر العام أيضا مع إيران وحزب الله، كان قطاع غزة هادئا في الأشهر الأخيرة حتى مقارنة بالسنوات التي تلت الانسحاب من غزة، وفي الوقت نفسه، طرأ انخفاض على كمية الصواريخ التي يتم إطلاقها من قطاع غزة ولم يتم تسجيل أي حوادث غير عادية على السياج الفاصل.
إن تجدد أعمال التظاهرات على السياج، حتى لو حدثت على نطاق صغير في هذه المرحلة، يتم تمييزها في “المنظومة الأمنية” بأن فيها الإمكانية على الإشارة إلى بداية تغيير في الاتجاه، وبالتالي يبحثون في كيان العدو عن هذه الاتجاه لكبحه قبل أن يتوسع، وأحداث السياج التي بدأت كظاهرة مسيرات العودة في محاولة من حماس لإيجاد أداة وسطية ومرحلية للمواجهة مع “إسرائيل” دون إطلاق صواريخ والمخاطرة بالتصعيد العسكري، أصبحت مرة أخرى اتجاها دائما يهدد استقرار الحدود ويضر بطبيعة حياة سكان الغلاف.
في محاولة لوقف عملية التصعيد، ترسل “إسرائيل” إشارة إلى حماس بأن إدخال العمال لا يعتبر أمراً حتميا، كما أن “إسرائيل” مستعدة أيضاً للأخذ في الاعتبار أن حماس ستقدم على الرهان الخاطئ وستسمح أو تنفذ إطلاق الصواريخ من قطاع غزة.
وفي هذه الحالة فإن تصعيداً أمنياً أكبر مع غزة قد يحدث في وقت أقرب من المتوقع، ويستعد الكيان أيضاً لهذا الاحتمال، ومن هذا المنطلق، عاد قطاع غزة في الأيام الأخيرة مرة أخرى ليكون محور تقييمات الوضع لدى منظومة العدو الأمنية على مختلف المستويات، والتي تعمل أيضًا من خارج مقر القيادة الجنوبية وفرقة غزة.
معاريف / تال ليف رام
Facebook Comments