أخبارأصداء الشارع "الإسرائيلي"ترجمات

تحليل:

ما هي التحديات التي تواجه كيان العدو في العام المقبل؟

ترجمة الهدهد

إن قوة “إسرائيل” تسمح لها بالقيادة والتحكم في مصيرها ومستقبلها، لكن هناك شرط واحد، وهو أن يكون التهديد واضحاً وملموساً، أي أنه لكي تتمكن “إسرائيل” من التعامل بنجاح مع التهديدات، يجب أن تكون هذه التهديدات فورية وعاجلة، علنية وواضحة.

من المؤسف أن خمسة من التحديات الرئيسية التي تواجه الأمن القومي الإسرائيلي تجتمع في قاسم مشترك واحد، وهو أن جميعها تشتمل على عنصر غير ملموس.

إن التهديدات التي يواجهها “الأمن القومي الإسرائيلي” في العام المقبل تتكون في معظمها من تحدٍ ملموس قصير المدى، يعطي الانطباع بأنه عاجل وحاسم، وتحدي طويل المدى – غير واضح- يُوصف تقديمه أحياناً بأنه ديماغوجية خبراء، لكنه على وجه التحديد الأهم والأخطر.

مبدأ آخر مثير للاهتمام، هو أنه كلما كان الحل للمشكلة قصيرة المدى أكثر فعالية، كلما “أغفلنا” غريزة البقاء لدينا في مواجهة التحدي طويل المدى، وبهذه الطريقة نؤجل الاستعداد له، وتتطلب التحديات قصيرة المدى التميز التكتيكي، وهذا ما نجيده، أما التحديات طويلة المدى فتتطلب تفكيراً نقدياً وتخطيطاً طويل المدى، وفي هذا نحن أقل كفاءة، ففي ظل هذا الوضع، غالباً ما يكون نجاحنا بمثابة كارثتنا، فمهارتنا التكتيكية قد تجعلنا نضيع كل الفرص الإستراتيجية.

حزب الله هو الاستثناء، لذا فإن الجبهة الشمالية غير مدرجة في هذه القائمة، فهناك التحدي ملموس، والاستعداد كبير وفقاً لذلك، في الجبهة الشمالية نحن المبادرون، وخطر الحرب في هذه الجبهة يعتمد علينا إلى حد كبير، إن طريقة ردنا على الاستفزازات، والطريقة التي ندير بها التوترات ومعادلات الردع ستحدد مدى الانفجار وخطر التصعيد غير المخطط له، هذا أمر مهم، ولكن هذا هو مجال التفكير التكتيكي الذي نحن فيه جيدون بما يكفي، محاسبة النفس في الأعياد تتطلب منا مناقشة التفكير الاستراتيجي طويل المدى.

التحديات الخمسة الرئيسية التي ستواجهها “إسرائيل” في العام المقبل على مستوى التفكير الاستراتيجي وليس فقط على التفوق التكتيكي، تنقسم إلى تحديات خارجية وداخلية:

التحديات الخارجية:

 التحدي الإيراني على المدى القصير هو تمركز إيران الإقليمي، وتشكل شبكة التحالفات الشيعية المنتشرة في قوس حول الكيان تشكل تحدياً تكتيكياً خطيراً، وبالرغم من أن الحديث يدور عن خطر أمني، إلا أن معظمه على المستوى التكتيكي، ولدينا حل جيد له، دفاع قوي ومعركة هجومية في الروتين (المعركة بين الحروب وأنظمة الدفاع الجوي) وهي معركة إذا تمكنا من تحديثها وتطويرها ستحقق أهدافها في إضعاف التحدي التكتيكي العسكري القائم.

يتمثل التحدي طويل الأمد في إظهار إيران قوة ردع نووية على حافة القدرة النووية، أي أن تنجح إيران في تهديد الغرب دون أن تدفع ثمن لانتهاك القانون الدولي، وعلى المدى الطويل، قد يؤدي ذلك إلى إيران نووية وسباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، وأولئك المطلعون على عملية صنع القرار في إيران والتوترات والعداء بين دول الشرق الأوسط يدركون أن هذا العالم سيكون أقل أماناً بكثير.

في مواجهة التحدي طويل الأمد، ليس لدينا حالياً أي رد، الرد الوحيد هو التوصل إلى اتفاق نووي، وهو ما حاربنا ضده “بنجاح ساحق – وبعد أن هزمناه، كان هذا “النجاح” هو الذي أدى إلى أن تصبح إيران دولة عتبة، وأن الأمر الوحيد الذي يمنعها من تحقيق القدرة النووية هو رغبتها، وكما يعلم الجميع فإن “الرغبات تتغير بين عشية وضحاها”.

إن التحدي الفلسطيني قصير المدى هو موجة العنف التي نعيشها منذ العام الماضي، لولا النشاط العملياتي الناجح لقواتنا لكان من المحتمل أن نكون قد وصفنا هذا الواقع على انه انتفاضة ثالثة، يقود هذه الموجة جيل من الشباب الفلسطيني العنيف الذي لا ينتمي إلى أي من المنظمات القديمة.

الخطر الجدي والاستراتيجي هو الانزلاق إلى واقع الدولة الواحدة، أي أنه إذا انهارت السلطة الفلسطينية فسنجد أنفسنا في واقع رهيب، واقع يكون فيه الحفاظ على الهوية القومية اليهودية لـ “إسرائيل” على حساب الديمقراطية، والحفاظ على الديمقراطية، أي منح حق التصويت لجميع الفلسطينيين، سيؤدي إلى عدم سيطرة القومية اليهودية على “إسرائيل”.

إن التحدي المتمثل في الاندماج في “دولة واحدة” لا يفهمه ولا يستوعبه معظم “الإسرائيليين”، يرى البعض منهم في ذلك “مشكلة ديموغرافية” ويتجاهلون الواقع العنيف والفوضوي لهذا الواقع – واقع اقتصادي واجتماعي وسياسي لن يصمد، “كعكة نصف مخبوزة ” – “دولة متعددة الجنسيات” أو “دولة جميع مواطنيها” غارقون في صراع داخلي متصاعد لا نهاية له، بلد يتراجع فيه ​​نصيب الفرد من ناتجه المحلي الإجمالي بنسبة 40% ليصل إلى مستوى دولة من دول العالم الثالث، لكن شيئاً ما في تفاؤلنا يعني أن الأمور ستكون على ما يرام، وربما يكون الأمر على ما يرام، وربما لا، وعلينا أن نستعد لأسوأ الاحتمالات.

التحدي المتمثل في الحفاظ على العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة يعاني أيضاً من الأعراض نفسها: على المدى القصير، نحن في أزمة محلية بين “حكومة نتنياهو” و”إدارة بايدن”، بشكل رئيسي حول قضية الإصلاح القانوني و”سياسة إسرائيل” الجديدة في الضفة الغربية: ربما تنتهي الأزمة قريباً، لكن هذه ليست المشكلة الحقيقية بالنسبة لنا، المشكلة هي أنه على المدى الطويل، وبسبب التغيرات الكبيرة في القيم داخل الولايات المتحدة والتي تتعارض مع تغيرات القيم في “المجتمع الإسرائيلي”، فإننا على وشك فقدان القيم المشتركة عنصر القيم المشترك في العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة.

لقد أصبح الحزب الديمقراطي أكثر تقدمية، وسيكون القادة الذين سيأتون بعد “بايدن” أكثر تأييداً للرواية الفلسطينية من “الرواية الإسرائيلية”، وفي الجناح الجمهوري سوف تتضاعف المواقف التي تدعم تمايز الولايات المتحدة عن العالم وإعادة توجيه الموارد نحو الداخل، وسوف تتزايد معاداة السامية التي نراها، وحتى داخل التيارات اليهودية في الداخل سوف نرى تعمق الانقسام بين “اليهودية التقدمية الأمريكية واليهودية الأرثوذكسية الإسرائيلية” ونتيجة هذا الاندماج هو تراجع “دعم إسرائيل”.

وفي مواجهة هذا التحدي الطويل الأمد، لا تملك “إسرائيل” إجابة.

وفي مواجهة مثل هذه التحديات المعقدة بالتحديد، هناك حاجة إلى تفكير استراتيجي طويل المدى، وخطة عمل فعلية تتضمن تقليل الأضرار، وكشف تورط المنظمات المناهضة لـ “إسرائيل” العاملة في الولايات المتحدة، وتعزيز الجسور بين التيارات اليهودية، وإنشاء تحالفات أمنية جديدة وإجراءات تثقيفية والدعوية للشباب التقدمي الذين سيصبحون قادة الحزب الديمقراطي القادم.

التحديات الداخلية

لقد أصبح تحدي الاستقطاب و”الانقسام الاجتماعي الإسرائيلي” أزمة غير مسبوقة في حدتها نتيجة التعديلات القضائية والتحركات التشريعية الأحادية الجانب، أما المشكلة في الأمد القريب فتتلخص في التعديلات القضائية، التي تم تنفيذها حتى الآن دون إجماع واسع النطاق، والاحتجاج غير المسبوق ضدها.

الحل على المدى القصير هو أنه في النهاية إما التوصل إلى حل وسط، أو إلغاء استمرار التشريع، أو إلغاء/تغيير جميع القوانين التي تم سنها في البرلمانات المقبلة، بطريقة أو بأخرى، في غضون سنوات قليلة لن يتبقى شيء من هذه التعديلات التي زعزعت استقرار الكيان، ولكن سيتبقى أمامنا مشكلة طويلة الأمد، وهي أن هذا الإصلاح فتح كل أبواب الشرور على “إسرائيل”.

لقد أخرجنا جميع الشياطين وأطلقناها، والآن لا يمكن إعادتها مرة أخرى، وتعمقت واحتدت الانقسامات: الطائفية والدينية والطبقية والقومية والاقتصادية والتعليمية والثقافية، وجميعها تسربت إلى الجيش بطريقة قد تؤدي إلى تقويض ثقة الجمهور بالجيش، هذه المشكلة طويلة الأمد تتطلب حلاً متعمقاً لعقد اجتماعي جديد أو دستور لـ “إسرائيل”، ونحن لا نفعل شيئاً حيال ذلك في الوقت الحالي.

وبعد أن نستنزف أنفسنا في حل المشكلة قصيرة المدى، سنأمل أن تختفي المشكلة طويلة المدى، وأن يعود كل شيء إلى طبيعته، لكن الندبة ستبقى إلى الأبد، فقد ضاعت الثقة ولن تعود بسرعة، فنحن ندخل إلى واقع لا يمكن أن يحله إلا الخطاب والنقاش المعمق والدستور، والمشكلة هي أن التراخي في حل المشكلة قصيرة المدى (التسوية أو التخلي عن التشريع) سيخفف الألم ويمنع الضرورة غير السارة للغاية، المتمثلة في التعامل مع أعصاب “المجتمع الإسرائيلي” المكشوفة.

إن موجة العنف المتصاعدة، والانصياع الانتقائي للقانون، وتفشي الإتاوة، والقتل والعنف من جانب المنظمات الإجرامية، كل هذا ينتمي إلى المشكلة التكتيكية.

لن يطول اليوم الذي سيتركز فيه جهد هائل الأبعاد من قبل نظام إنفاذ القانون من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض في نطاق الجريمة، وهذا الحل قد يخفي المشكلة الحقيقية، المشكلة الاستراتيجية هي مشكلة التعليم، والبنية التحتية، وعدم المساواة المتأصل، ومشكلة العنصرية، وبالتالي فمن المشكوك فيه ما إذا كنا سنعالج ذلك، أو إننا سنختار البديل المناسب بعنوان “إنها مشكلتهم”.

وعلى المدى الطويل، فإننا نقوم بتنشئة جيل من الشباب العرب الذين قد يطورون نهجا أكثر تمايزاً ونضالياً تجاه مؤسسات الكيان، وهذا الجيل الثالث، الذي قد يجلب معه موجة من القومية العربية الانفصالية مع التأكيد على هويته الفلسطينية قد ينضم إلى تهديد الانزلاق لدولة واحدة.

المصدر: N12/ “تامير هيمان” الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات بجيش العدو

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى