سباق التسلح النووي.. الخطر الكامن وراء الاتفاق مع السعودية

ترجمة الهدهد
في إطار الاتفاق الذي يجري تشكيله بين الولايات المتحدة والسعودية وكيان العدو، يسعى ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” للحصول من الولايات المتحدة على تصريح لتطوير دورة كاملة لإنتاج الوقود النووي في أراضي المملكة، المعنى الرئيسي لذلك، هو وضع البنية التحتية لتطوير البرنامج النووي العسكري السعودي في المستقبل، والنتيجة الأخرى قد تكون سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، والذي سيشمل في المقام الأول إيران ومصر وتركيا.
أضف إلى ذلك فإن موافقة كيان العدو على تخصيب اليورانيوم في المملكة العربية السعودية سوف تشكل في واقع الأمر إلغاءً لنظرية رئيس وزراء العدو الأسبق “بيغن”، والتي تقضي بأن يعمل كيان العدو على منع أي دولة في الشرق الأوسط من تطوير أو امتلاك الأسلحة النووية، إن هذه التطورات سوف يكون لها عواقب سلبية على الاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى صورة الردع والقوة “الإسرائيلية” وعلى النظام العالمي لمنع الانتشار النووي.
المخطط السعودي والرد
يعد تطوير القدرات في المجال النووي ركيزة أساسية في رؤية ولي العهد لتحويل المملكة العربية السعودية إلى قوة عالمية، مستفيدة من الضمانات الأمنية الأمريكية والوصول الممكن للأسلحة النووية، عمليا يطمح بن سلمان إلى خلق وضع لا تتخلف فيه السعودية عن إيران في السباق للحصول على قدرات نووية عسكرية، وقد تم التعبير عن هذا الرأي في تصريحاته العلنية بأنه “إذا طورت إيران قنبلة نووية، فإن المملكة العربية السعودية ستحذو حذوها”.
ومن المؤشرات المريبة التي تشير إلى أن هذا بالفعل طموح بعيد المدى لإنشاء برنامج نووي عسكري، نجده في حقيقة مفادها أنه ليس من المنطقي اقتصادياً إنشاء بنية تحتية لتخصيب اليورانيوم وتجنب الخيار الأسهل وهو شراء اليورانيوم المخصب، لاسيما في ظل ضعف قدرات السعودية في المجال النووي، فإن علامات الاستفهام تتعلق بكميات رواسب اليورانيوم الموجودة في المملكة طالما أنها تمتلك أكثر من عشرة مفاعلات.
كما يذكر أن السعودية رفضت حتى الآن التوقيع على اتفاقية التفتيش الكامل العادية وبروتوكول إضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يعني تشديد رقابة الوكالة على أنشطتها في المجال النووي، وينبغي أن يضاف إلى ذلك المنشورات المتعلقة بالعلاقات بين المملكة العربية السعودية وباكستان في المجال النووي.
ادعاء رئيسي آخر يتم تداوله وهو أن السعودية لديها بدائل غير الولايات المتحدة لإقامة دائرة وقود نووي، في اختبار الواقع هذا الادعاء ليس صحيحا، القوى النووية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا والصين، لم يمنحوا إمكانية الوصول وقدرات التخصيب إلى بلدان أخرى.
الولايات المتحدة، صاحبة النظرة الأكثر صرامة، وفقاً لسياسة “المعيار الذهبي”، تحظر أنشطة تخصيب اليورانيوم وفصل الوقود المشع، كشرط لبيع مفاعلات الطاقة، وذلك كما حدث، في الاتفاقيات التي وقعتها الولايات المتحدة مع الإمارات العربية المتحدة (2009) وكوريا الجنوبية (2015)، بل إن الأخيرة التزمت في وقت سابق في اتفاقيات مع الولايات المتحدة بالامتناع عن القيام بأنشطة تتعلق بالتخصيب والفصل.
وبالمثل، فإن روسيا مخلصة لسياسة منع نقل قدرات التخصيب، وهو ما يتجلى في نشاطها لإنشاء مفاعلات الطاقة في إيران وتركيا ومصر، وذلك بموجب عقود خاصة، مما يعني أن روسيا نفسها مسؤولة عن إمداد المفاعلات بالوقود النووي ونقل “الوقود المشع” إلى روسيا.
الاستثناءات في العقود الأخيرة هي باكستان وكوريا الشمالية، اللتان باعت سراً قدرات نووية عسكرية لإيران وسوريا وليبيا.
يجب على الكيان أن يضغط من أجل خيارات أخرى
يتعلق أحد الأسئلة الرئيسية بدرجة استقرار النظام السعودي وحراسة المنشآت النووية في أراضي المملكة، هذا، خاصة في ضوء دروس الماضي بعد انهيار نظام الشاه في إيران وصعود جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر قبل نحو عقد من الزمن، في سيناريو الانقلاب والأزمة الداخلية العميقة، جميع الالتزامات التي اخذتها المملكة العربية السعودية على نفسها، بما في ذلك الاستعداد لإنشاء مصنع خارج الحدود الإقليمية في أراضي المملكة تحت السيطرة الأمريكية والإشراف الوثيق من قبل الولايات المتحدة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية لن تجدي شيئا.
وهذا يعني أنه بعد أن يهدأ غبار صفقة التطبيع، قد يجد كيان العدو نفسه في واقع مليء بالمخاطر الاستراتيجية، ونظراً لذلك، يجب عليه معارضة أي إمكانية لإنشاء دائرة كاملة للوقود النووي في المملكة العربية السعودية.
علاوة على ذلك، هناك نماذج مختلفة يمكن للسعودية استخدامها للحصول على اليورانيوم المخصب للاستخدامات المدنية، دون القيام بالتخصيب على أراضيها على سبيل المثال، ملكية سعودية جزئية لمصنع تخصيب خارج المملكة، في الولايات المتحدة أو دولة أوروبية أخرى، دون الوصول إلى التكنولوجيا، وهذا يشبه ملكية إيران الجزئية لمصنع لتخصيب اليورانيوم في فرنسا في عهد “الشاه”، وثمة خيار آخر يتمثل في شراء اليورانيوم المخصب من سوق الطاقة الدولية، كما تفعل إسبانيا أو فنلندا.
وتجدر الإشارة إلى أنه في أي حالة تكون فيها صعوبات في الحصول على اليورانيوم المخصب لاستخدامه في الوقود النووي لمفاعلات الطاقة، فهناك بنك للوقود المخصب في كازاخستان تحت سيطرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والنموذج الآخر المحتمل هو الاتفاقية الموقعة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، صحيح أن الاتفاق لا يغلق الباب أمام الأنشطة في دائرة الوقود، لكنه مشروط بالموافقة الأميركية، ومن ثم فإن المخاطر الكامنة في الاتفاقية منخفضة، وبالتالي يمكن أن يشكل الأساس لاتفاق مستقبلي.
خلاصة القول، تشكل اتفاقيات السلام والتطبيع بين “كيان العدو الإسرائيلي” والدول العربية لبنة مركزية في الأمن القومي للكيان، وسيكون لاتفاقية السلام مع المملكة العربية السعودية أيضًا آثار إيجابية بعيدة المدى على الأمن القومي لكيان العدو.
ومع ذلك، إذا تضمن هذا الاتفاق تطوير القدرات اللازمة لإنشاء دورة وقود كاملة في المملكة العربية السعودية، فإن المخاطر على كيان العدو والاستقرار الإقليمي ستكون كبيرة؛ لذلك، من الضروري منع السعودية من تطوير هذه القدرات الخطيرة، وأي خيار آخر يمكن أن يكون ندم لأجيال عديدة.
المصدر: N 12 / “عاموس جلعاد”
Facebook Comments