أيام الحساب قادمة..
المعارك القانونية في طريقها إلى نقطة الغليان

ترجمة الهدهد
شكلت “الحكومة الإسرائيلية” الـ 37 في 29 من ديسمبر/كانون الأول، بعد أسابيع عديدة من المفاوضات غير المسبوقة الناجمة عن انعدام الثقة المتبادل بين أعضائها، الذين طالبوا بوضع ترتيبات ائتلافية في اتفاقيات مفصلة وموقعة، وأحياناً ضمن قوانين ملزمة، ومنذ ذلك الحين اندلعت العديد من المواجهات السياسية والأمنية، وكلها مرتبطة بشكل أو بآخر بالعاصفة الرئيسية التي بدأت في الرابع من كانون الثاني (يناير) الماضي، مع إعلان وزير قضاء العدو “ياريف ليفين” عن التعديلات القضائية.
وهكذا، فإن عاصفة قانون الإعفاء من التجنيد للمتدينين الحريديم كانت مرتبطة ببند التغلب على قرارات المحكمة العليا؛ وأدت الرغبة في تغيير تركيبة لجنة اختيار القضاة إلى عدم انعقاد اللجنة نفسها، وعدم إجراء التعيينات، والعبء في المحاكم يتراكم، وليس من الواضح من سيحل محل رئيسة المحكمة العليا “إستر حايوت” بعد أكتوبر 2023.
القوانين التي يُنظر إليها على أنها معادية للديمقراطية أو كإكراه ديني، تزيد من عتبة القلق بشأن احتمال إلغاء سلطة المحكمة العليا من أجل تمريرها؛ لقد تراجعت ثقة المستثمرين ومعها الشيكل؛ ومتطوعون في “جيش العدو الإسرائيلي” رفضوا الامتثال للخدمة، بسبب إلغاء سبب المعقولية، وهذه ليست سوى قائمة جزئية، هذه العواصف أدت إلى توترات هائلة داخل “مجتمع العدو الإسرائيلي”.
كيان العدو “إسرائيل”، كيان بلا دستور، ولهذا السبب بالتحديد ستصل إلى حالة من “الأزمة الدستورية”، تتصرف فيها “الحكومة” بشكل مخالف لأحكام المحكمة العليا، والحقيقة أن هناك من يقول إن التصريحات ذاتها حول هذا الموضوع تشير إلى أن الأزمة موجودة هنا بالفعل.
السبب الذي أوصلنا إلى هذا الوضع، هو أن القوانين وتعديلات القوانين المتنازع عليها هي قوانين أساسية، يدور حولها خلاف تاريخي حول ما إذا كان يمكن للمحكمة العليا التدخل؛ ورغم أن قضاة المحكمة العليا أوضحوا مؤخراً أن المحكمة تتمتع بسلطة الفصل في قضيتهم، فإن “الحكومة” ترفض قبول ذلك، وقد ألمح رئيس وزراء العدو “بنيامين نتنياهو” ورئيس الكنيست “أمير أوحانا” بالفعل، إلى احتمال عدم احترام أحكام المحكمة العليا أو أنها ستؤدي إلى خطوات بعيدة المدى، وقد قال الوزراء صراحة إنه لا ينبغي الانصياع لها.
ومن ناحية أخرى، يضم الائتلاف أعضاء معتدلين، يعتقدون أن هذه تصريحات متطرفة، لكن ليس من المؤكد أن هذه المواقف ستترجم إلى أفعال في وقت الجد (والدليل الموافقة على إلغاء سبب المعقولية في الكنيست من جانب واحد بدعم من 64 عضواً في الكنيست).
لنتذكر أن القوانين الأساسية في كيان العدو “إسرائيل” يمكن إقرارها بأغلبية ائتلافية طبيعية تمامًا، على عكس الديمقراطيات الغربية الأخرى حيث يوجد دستور منظم، والذي لا يمكن تغييره إلا بإجماع واسع جدًا.
في الولايات المتحدة، كان من الصعب منذ سنوات إقرار التعديلات اللازمة على الدستور فيما يتعلق بحمل السلاح، وبحسب زعيم المعارضة في كيان العدو “يائير لابيد” فإن “ما سنته الحكومة مؤخراً ليست قوانين أساسية، بل قوانين متسرعة ومهملة وغير ديمقراطية، أطلقوا عليها اسم -القوانين الأساسية- دون أي أساس أو مبرر قانوني”.
أما في الحكومة”، فيفضلون التركيز على التعريف بدلاً من الجوهر، ويزعمون أن أي تدخل من قبل المحكمة في القانون الأساسي هو بمثابة خط أحمر لا ينبغي تجاوزه.
قال القاضي “يتسحاق عميت”، الذي من المفترض أن يحل محل “حايوت” وفقاً لنظام الأقدمية، في جلسة المحكمة العليا بشأن “قانون العجز” أنه بالرغم من أن المحكمة تقيد نفسها بالقوانين الأساسية، إلا أن “العجلة والسهولة” الذي تتم بها يؤكدان المطالبة بضرورة إجراء مراجعة قضائية، ومثل هذه الأمور تزيد من عدم ثقة المعارضة والمحتجين ضد التعديلات القضائية في صدق نوايا الحكومة الحالية.
فمن ناحية يقولون، هناك حديث عن تسوية ورغبة في التوصل إلى اتفاقات واسعة النطاق؛ ومن ناحية أخرى، يهاجمون حراس العتبة “القضاة” بشراسة، ويهددون بعدم احترام أحكام المحكمة، بل ويرفضون حتى الاتفاقات التي تم التوصل إليها بالفعل.
وعندما يكون الأمر كذلك، فلا يبدو أنه سيتم العثور على الشريك الذي سيصافح “نتنياهو” على طريق التسوية التاريخية، وفي كل الأحوال يسارع المتظاهرون إلى مهاجمة “غانتس” و”لابيد” بعد كل تقرير عن محاولة التوصل إلى اتفاقات.
بالإضافة إلى ذلك، ومن بين الجبهات العديدة التي انفتحت في أعقاب التعديلات القضائية، اشتدت مؤخرًا الجبهة بين المستشار القانوني للحكومة “غالي بيهارف ميارا” ورئيس وزراء العدو ووزرائه، وعلى النقيض من المستشارة القانونية للكنيست “ساجيت أفيك”، التي تدافع عن القوانين التي أقرتها الكنيست، تميل “بيهارف ميارا” إلى الانضمام إلى الملتمسين ضد الحكومة، بل إنها ذكرت في رأيها أن المحكمة العليا، بأنه يجب أن تتدخل في القوانين الأساسية، وفي الأشهر الأخيرة، تواجه الوزراء مراراً وتكراراً مع المستشارة القانونية التي ظلت ثابتة على موقفها، في ظل التهديد بإقالتها.
وعندما تكون هذه هي النزاعات خارج الساحة القانونية، فلا عجب أن أمام المحكمة العليا سلسلة من القرارات المعقدة بشكل خاص.
12 سبتمبر: إلغاء سبب المعقولية
القانون الوحيد من بين البنود الذي أعلنه “ياريف ليفين” في 4 كانون الثاني (يناير) الماضي والذي وصل حتى الآن إلى المراحل الأخيرة، هو القانون الذي ألغى سبب المعقولية على قرارات رئيس الوزراء والوزراء.
وسيتم عقد جلسة الفصل في الالتماسات المقدمة إلى المحكمة العليا، ضد القانون والتي ستعقد بتشكيلة كاملة من 15 قاضيا، الثلاثاء المقبل، ومن المتوقع أن يصدر القرار بعد الجلسة بوقت طويل، وفيه سيكون القضاة مطالبين بمعالجة مسألتين أساسيتين:
- الأولى: ما إذا كان سيتم لأول مرة إلغاء قانون أساسي للكنيست، بعد أن سبق أن أوضحوا في نقاشات سابقة أن المحكمة العليا لديها الصلاحية القيام بذلك.
- والثانية: ما إذا كان القانون – الذي يسمح بتطبيق سبب المعقولية على قرارات المستوى الإداري – غير متناسب بالفعل.
19- سبتمبر: لجنة اختيار القضاة
خلال الأسبوع الماضي كان لا يزال أن هذه المناقشة غير ضرورية، ولكن مثل محاولات التسوية الأخرى – هنا أيضاً سارع السياسيون إلى تقييد خطة رئيس كيان العدو “إسحاق هرتسوغ”، وأوضخ وزير القضاء “ياريف ليفين” في سلسلة من المقابلات الإعلامية مدى معارضته للخطة.
ونذكر أن “ليفين” يرفض عقد اللجنة بتشكيلتها الحالية، ويأمل في تغيير القانون وطريقة انتخاب القضاة – حتى يتمكن الائتلاف من تعيين قضاة نيابة عنه دون الحاجة إلى اتفاقات مع المعارضة أو المنظومة القضائية.
فقط بعد هذه التغييرات فإن “ليفين” مستعد لاتخاذ قرار بشأن انتخاب رئيس المحكمة العليا وتعيين القضاة.
ومن الضروري عقد اجتماع اللجنة لتعيين رئيس جديد ليحل محل “إستير حايوت”، الرئيسة التي ستتقاعد في أكتوبر المقبل، وتعيين قضاة في المحاكم الدنيا ينقصون بالفعل النظام القضائي.
في 28 سبتمبر: قانون “العجز”
بعد المناقشة المذكورة سابقاً حول موضوع قانون العجز، (الإعلان عن عجز رئيس الوزراء أداء وظيفته) أصدرت المحكمة العليا أمراً مع عدم التنفيذ، أعلن فيه أنها ستعقد جلسة استماع موسعة حول الموضوع مع تشكيلة مؤلفة من 11 قاضياً، وأمر القضاة الكنيست تبرير عدم تطبيق القانون إلا من الكنيست المقبلة فقط، وبالتالي إزالة الخوف من أن يكون هذا قانون شخصي يخدم “مصلحة نتنياهو”.
المصدر: يديعوت أحرونوت
Facebook Comments