“قانون التجنيد” وتداعياته

#ترجمة_الهدهد
بعد أن أقرت الكنيست تعديلاً على القانون الأساسي الحكم لإلغاء “سبب المعقولية”، قدم أعضاء الكنيست من كتلة “يهدوت التوراة” القانون الأساسي: “دراسة التوراة”، والذي وفقا له سيتم الاعتراف بتعلم التوراة كقيمة أساسية وبالتالي سيتم مقارنة حقوق متعلمي التوراة بأولئك الذين يخدمون الكيان خدمة كبيرة، والغرض الرئيسي من القانون المقترح – “قانون التجنيد” – هو تمكين تعديل قانون الخدمة الأمنية بحيث يتم منح إعفاء شاملا من الخدمة في الجيش لطلاب المدارس الدينية.
في هذه المقالة، سيتم رسم وفحص المخاطر الكامنة في تمرير المبادرات القانونية المتعلقة بالتجنيد، ولا سيما التآكل المتوقع في كفاءة الجيش وقدراته، وكذلك عواقب ذلك على مكانة “جيش الشعب” وروح الخدمة العسكرية.
إلى جانب المعنى المعلن للقانون، فإن هدفه الرئيسي هو تمكين تعديل قانون الخدمة الأمنية بطريقة تنظم في التشريع الإعفاء الشامل من الخدمة في الجيش الممنوح للطلاب الذين يدرسون في المدارس الدينية، وفقًا للقانون المقترح. – “قانون التجنيد” – سيتم تخفيض سن الإعفاء من الخدمة (على ما يبدو إلى 22 عاما)، وسيتم تحديد حصص تجنيد طلاب المدارس الدينية من قبل الحكومة وليس من قبل الكنيست، لن يتضمن القانون عقوبات أو أهداف، وفي والحقيقة أن تجنيد “الحريديم” في الجيش سيكون على أساس تطوعي، دون الحاجة إلى الخدمة المدنية أو الوطنية.
الترتيبات المطروحة:
تم دمج أربع مبادرات تشريعية في مشروع قانون دراسة التوراة:
- تعديل قانون الخدمة الأمنية (“قانون التجنيد”)
- القانون الأساسي: دراسة التوراة
- قانون قيمة الخدمة
- مخطط التجنيد التفاضلي في الجيش
إن الأزمة السياسية المحيطة بمسألة تجنيد اليهود “الحريديم” في الجيش مستمرة منذ أكثر من عقدين من الزمن، وقد فشلت الحكومات في تنظيم الإعفاء من الخدمة بشكل قانوني لطلاب المدارس الدينية، كما تأسس تصور عام مفاده أن الحل القيمي يفتقر إلى الجدوى السياسية، لأن قادة الأحزاب الحريدية لن يقبلوا أبدًا بقانون يفرض واجب التجنيد الإجباري على الشبان “الحريديم”، بالطريقة نفسها التي يفرض بها واجب التجنيد على كل فتى وفتاة في الكيان، والواقع الاجتماعي والسياسي لا يسمح بالحل المناسب من وجهة نظر قيمية او أخلاقية.
إلى جانب الأسئلة حول عدالة الإعفاء من الخدمة لطلاب المدارس الدينية، فإن الجانب المركزي للقضية هو الجانب القانوني – نطاق سلطة المحكمة العليا للتدخل في التشريع، في عام 1988 (بعد رفض أربع التماسات سابقة في قضيتهم بشكل قاطع)، قضت المحكمة في قضية “ريسلر” ضد وزير الجيش بأن مسألة تجنيد اليهود المتشددين هي حكم صادر، وبعد عقد من الزمن، في قضية “روبنشتاين” ضد وزير الجيش، ترك القاضي “حيشين” مسألة ما إذا كان القانون أو حتى قانون أساسي يمكنه إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة في الجيش، بالإضافة إلى توضيح أن سلطة الكنيست محدودة أيضًا في هذا السياق مفتوحة.
منذ ذلك الحين، يدور جدل عام وأكاديمي حيوي حول مسألة ما إذا كان من المناسب للمحكمة رفض الاتفاقيات التي تم تنظيمها ضمن تشريع في الكنيست في هذا الشأن، والتي تقوم على القيم، وفي كلتا الحالتين، نقطة البداية اليوم هي أن تعديل القانون يجب أن يمر عبر المحكمة العليا، التي ستنظر في الالتماسات التي ستقدم ضده بالتأكيد.
ولهذا السبب، طالبت الأحزاب الحريدية بتعزيز القانون لإلغاء بند التغلب، الذي يضمن عدم قدرة المحكمة على إبطال القانون، وظهرت قناة أخرى محتملة لحماية القانون في المحادثات التي دارت حول خطة الرئيس الشاملة – محاولة التوصل إلى اتفاقات بشأن بنود “التعديلات القضائية “، هناك تمت مناقشة فقرة أو بند يحصن ترتيبات الخدمة لـ “الحريديم” (وغيرهم من السكان) ضد المراجعة القضائية. وبما أنه تقرر عدم الدفع بتشريع فقرة التغلب على قرارات المحكمة، وفي ظل فشل المفاوضات الهادفة إلى دفع التشريع بالاتفاق، يبقى القانون الأساسي: دراسة التوراة هو الجواب المعقول الرئيسي من قبل الاحزاب الحريدية.
في الوقت نفسه، بحلول الوقت الذي يتم فيه إقرار ميزانية عام 2023، سيتم الانتهاء من تعديل قانون الخدمة الأمنية لتنظيم وضع طلاب المدارس الدينية مع موافقة كل أحزاب “الائتلاف”، ومكتوب أيضاً في فصل “الدين والدولة” من الاتفاق أن الأمر “يتعلق بروح” حزب “يهدوت هتوراة”، وكان من المفترض تنظيمه كشرط، قبل تشكيل الحكومة، لكن تم الاتفاق على تأجيله على أن يسن التشريع بشأن إقرار الموازنة، ورغم التوضيح بأن هذه مسألة مبدأ هي من صميم الحزب إلا أنه من الواضح للجميع (وقد تم التوضيح في البث من قبل المستشار القانوني للحزب) أن دور هذا القانون هو توفير مظلة قانونية لقانون التجنيد ولضمان إقراره عند عرضه على المحكمة العليا.
“قانون التجنيد”، غاية المساواة وهدف التوظيف..
تقليدياً، دار النقاش حول قانون التجنيد حول هدفين رئيسيين: المساواة والتوظيف. أحد الأهداف هو تقليص عدم المساواة بين أولئك الذين يخدمون والذين لا يخدمون، في حين أن الهدف الثاني هو تعزيز اندماج طلاب المدارس الدينية في سوق العمل وبالتالي زيادة مساهمتهم في الاقتصاد.
إن رفض المحكمة العليا للنسخ السابقة من القانون كان في معظمه ادعاء بأنه لا يفي بشرط المساواة حيث تحت غطائه يتم تمييز غير مشروع في تطبيق التجنيد الإلزامي، بماذا يختلف القانون المقترح عن النسخ السابقة؟
على الرغم من أن النسخ السابقة من القانون، التي روجت لها الحكومات السابقة، لم تقدم استجابة كافية لغرض المساواة في الخدمة، إلا أن النسخة المقترحة تختلف عنها بشكل أساسي في عدد من الجوانب المهمة.
1- غياب الأهداف: على عكس المسودات السابقة، التي استندت إلى نية تعزيز الاندماج المتزايد للجمهور الحريدي في الجيش من خلال تحديد الأهداف، فإن المسودة المطروحة حاليًا على جدول الأعمال لا تحدد أهدافًا للتجنيد ولا تسعى إلى تحقيق زيادة تدريجية في خدمة طلاب المدارس الدينية في الجيش أو في أي نوع من الخدمة.
2- غياب العقوبات: على أية حال، لا يحدد القانون العقوبات التي سيتم تطبيقها في حالة عدم تحقيق أهداف التجنيد، في الواقع، يترك القانون مسألة التجنيد للاختيار الحر لطلاب المدارس الدينية.
3- الحصص التي تحددها الحكومة: على عكس نسخ القانون السابقة، التي تم فيها تحديد نسبة حصص المطلوب تجنيدهم بين طلاب المدارس الدينية من قبل الكنيست، وفقا لمشروع القانون الحالي، سيتم تحديد الحصص من قبل الحكومة. لذلك، من المتوقع أن يتم تحديد حصص حتى أقل من الحصة الثابتة، وخاصة أقل من تلك المحتملة إذا تم تحديد أهداف ونقطة البداية هي التطلع إلى تكامل موسع ومتنامي.
4- زيادة المخصصات لطلاب المعاهد الدينية ودعم المؤسسات التعليمية بدون دراسات أساسية: إلى جانب الترويج لقانون التجنيد والقانون الأساسي: دراسة التوراة، بحسب ما تم الاتفاق عليه في اتفاقيات الائتلاف التزمت الحكومة بزيادة كبيرة (تضاعفت تقريبًا) في المنح الدراسية لطلاب المعاهد الدينية، هذا إلى جانب زيادة كبيرة في ميزانية شبكات التعليم والمدارس الحريدية الخاصة وشبه الخاصة (بتكلفة حوالي ملياري شيكل).
وماذا عن قانون قيمة أو أهمية الخدمة؟
تم تصميم قانون “قيمة الخدمة” لتوفير مكافآت خاصة لأولئك الذين يخدمون في الجيش. وكما ورد، سينظم في القانون المزايا لجميع الجنود وخاصة المقاتلين، وبموجبه سيتم منح مزايا كبيرة للجنود في الاحتياط، ويريد المروجون لقانون التجنيد ربط جميع الترتيبات، بحيث يكون من الممكن عرض قدر أقل من الضرر على المساواة، حيث سيتم تعويض عدم المساواة المتجسد في قانون الإعفاء من التجنيد من خلال قانون قيمة الخدمة، الذي سيكافئ الجنود وخاصة الجنود المقاتلين، وإلى جانب الأهمية الواضحة للقانون، يجب الحذر من تبني الرواية التي ترغب فيها الحكومة.
إن المعادلة التي تضع الاستيلاء على الحريات التي تنطوي عليها الخدمة العسكرية، وبالتأكيد تلك التي تنطوي على المخاطرة بالحياة، في مقابل المكافأة المالية، تعاني من مشاكل أخلاقية قيمية متأصلة. فهي تضر بشدة بروح الخدمة وتعكس التجاهل الشديد لمبدأ المساواة.
وماذا بخصوص مخطط التجنيد؟
ووفقا لمخطط التجنيد الجديد، سيكون نموذج التجنيد تفاضليا. الجنود الذين يخدمون في مناصب تعتبر أقل ضرورة سيخدمون 24 شهرًا، في حين أن أولئك الذين يخدمون في مناصب تتطلب تدريبًا خاصا سيخدمون 32 شهرًا وسيتلقون تعويضًا إضافيًا بدءًا من الشهر الخامس والعشرين من خدمتهم، أي أن مبدأ المخطط هو تقصير مبدئي للخدمة للجميع، ومن ثم الفروق أو التفاضل سواء في مدة الخدمة وفي الأجر عنها. وهذا مخطط قدمه الجيش ودعمه.
التبعات..
- نموذج “جيش الشعب”: إن “قانون التجنيد” المقترح، سواء كان مصحوباً بقانون أساسي، دراسة التوراة، أو ما إذا كان محصناً بشكل ما من المراجعة القضائية، هو إلى حد ما المسمار الأخير في نعش نموذج “جيش الشعب”، لا يقتصر الأمر على أن المبادرات التشريعية المطروحة على الطاولة تشرع التمييز الصارخ الموجود من الاصل، بل تعلن “الدولة” في تشريعاتها أنها لم تعد تعتبر الخدمة في الجيش ذات قيمة عليا.
إن مقارنة حقوق طلاب دراسة التوراة بأولئك الذين خدموا “خدمة جليلة” في الجيش، هي إدارة للظهر للجنود وتجاهل فاضح لعنصر المخاطرة بالحياة الذي تنطوي عليه الخدمة، هكذا ستغلق تماما إمكانية الحفاظ على الروح التي توجب نموذج الخدمة الإلزامية، إن الجمع بين هذين القانونين، عدم مساواة معلن، إلى جانب تقليل من قيمة الخدمة في الجيش، ويدعو إلى انتفاضة من جانب الجمهور الذي يخدم، ويمكن بالفعل ملاحظة بوادر على ذلك من اليوم، على سبيل المثال قيام حركة “أمهات في الجبهة” بتقديم عريضة حول هذا الموضوع، ووضع مطلب المساواة في الخدمة في قلب الاحتجاج العام ضد “التعديلات القضائية”، وفي هذه الحالة يكون الخطر على استمرار الخدمة الإلزامية حقيقيا، وحتى لو كان الأمر يتعلق بالتآكل التدريجي والمتراكم، فإنه قد يسبب أضرارا لا رجعة فيها، وبمثابة بكاء لأجيال.
- المساواة في الخدمة: رغم أن لا أحد يحمل اليوم رؤية المساواة في تحمل أعباء الخدمة، وقد ترسخ مفهوم يقضي بأنه لا سبيل لتجنيد “الحريديم”، والمعادلة هي أن ما هو مناسب أخلاقيا هو “لا ينطبق سياسيا وما ينطبق سياسيا ليس مناسبا أخلاقيا، إن “قانون التجنيد” الجديد يشكل تغييراً جذرياً في نقطة الانطلاق المعيارية فيما يخص الخدمة في الجيش، وفي غياب الأهداف والعقوبات، وعندما يكون تحديد الحصص في يد الحكومة، فإن هذا يعني التنازل الكامل والكاسح عن مشاركة جمهور الحريديم في عبء الخدمة وترسيخ للتمييز الرسمي ضمن قانون.
- الغرض التوظيفي: مساواة حقوق طلاب التوراة، إلى جانب مضاعفة ميزانيات طلاب المدارس الدينية والمؤسسات التعليمية الحريدية التي لا تشمل الدراسات الأساسية، يتحدى بشكل كبير الافتراض التقليدي بأن خفض سن الإعفاء سيعزز اندماج القطاع الحريدي في سوق العمل. في مثل هذا الوضع، لن يكون لدى ناخبي المدارس الدينية أي حافز للتخلي عن سلة المزايا المقدمة لهم، ولن يكتسبوا المهارات الأساسية اللازمة للاندماج بشكل كبير في سوق العمل، وسيظل الغرض او الهدف التوظيفي مجرد كلام فقط..
في الختام، فإن المفهوم الذي يوجه دمج مشاريع القوانين المتعلقة بالقانون الأساسي: تعلم التوراة هو أنه في مقام عدم المساواة الصارخ في قانون التجنيد، فإن كيان العدو يعرب عن تقديره للخدم، وخاصة المقاتلين منهم، ويكافئهم وفقًا لذلك.
لذلك، يجب الافتراض أن حكومة العدو تأمل في تحلية المر وتمرير كل المبادرات، ومع ذلك، إلى جانب الإشكالية الأخلاقية المتأصلة في طرح أو وضع قيمة المساواة وأخذ الحريات التي تنطوي عليها الخدمة العسكرية، والتي تنطوي بالتأكيد على المخاطرة بالحياة، أمام المكافأة المالية، فمن المشكوك فيه للغاية ما إذا كانت هذه المعادلة ستحظى بالفهم والقبول على المستوى العام.
معهد أبحاث الأمن القومي / عيديت شافران جيتلمان
Facebook Comments