أخبارالشرق الأوسطمقالات إستراتيجية

تحليل: اتفاق السلام مع السعودية.. السبيل الوحيد لإسقاط حكومة “نتنياهو”

ترجمة الهدهد

لا بد أن أصحاب الخيال المتطور ومحبي التشويق والإثارة قد خمنوا في اليوم الأخير أن مقترح التسوية الدراماتيكي الذي خرج من منزل رئيس الكيان، والذي سيتم بموجبه تجميد تشريع التعديلات القضائية لمدة عام ونصف، وسيتم تخفيف القانون لإزالة سبب المعقولية، وتغيير تكوين لجنة اختيار القضاة لن يتغير وسيتطلب أغلبية سبعة من أصل تسعة أعضاء في لجنة تعيين القضاة ورئيس المحكمة العليا، مؤامرة إيرانية.

وبتعبير أدق، النجاح الإيراني في اختراق قلب المؤسسة “الإسرائيلية” وزرع بداخلها أفكار خبيثة تخدم مصالحها، ما يصب المزيد من الزيت على نار “الكراهية الإسرائيلية” والتصيد لإثارة البلبلة والعجز في المعسكرات المؤيدة والمعارضة لتغيير النظام، فمن الواضح أن فقط من له مصلحة في زيادة الفوضى في الكيان يمكنه أن يقترح مثل هذه الخطوة، التي تسببت فور نشرها في حدوث فوضى في جميع المعسكرات وفي صفوف الجمهور في الكيان.

وفي الأمر نفسه، بعد أن أصبح من الممكن الاطمئنان بأن هذه ليست مؤامرة إيرانية، بل هي نية حسنة مفترضة قادمة من منزل رئيس الكيان لوقف هذا الانجراف، تطرح الأسئلة: هل هذا حقيقي؟، هل هو ممكن؟، ومن هو المستفيد؟ فهذه الأسئلة لا تؤدي إلا إلى تفاقم الفوضى في الكيان منذ تولت حكومة “نتنياهو” السلطة وأعلن وزير قضاء العدو “ياريف ليفين” عن الانقلاب, وذلك في الوقت الذي ينفي فيه “الليكود” تأييده لهذا الاقتراح، بل وجد له معارضين هناك.

وفي المعارضة، كما هو الحال في معسكر المتظاهرين ضد الانقلاب، فإنهم يعبرون عن معارضة قوية للاقتراح، ويقدمونه كحيلة أخرى لرئيس حكومة العدو “بنيامين نتنياهو” قبل مغادرته لحضور مؤتمر الأمم المتحدة في عام 2016 في نيويورك.

يمكن القول ظاهرياً إنه لن يأتي أي خير من هذا الاقتراح، الذي ربما قبل شهرين كان سيقبله جميع معارضي الإصلاح عن طيب خاطر، وهو ما يدل على تدني زاحف في مكانة حكومة العدو التي تنتقل من الرفض إلى رفض بكل معنى الكلمة.

من يحسب نهاية “حكومة اليمين” يستطيع أن يرى في الأفق غروب شمسها، ونهايتها، الأفق في هذه الحالة هو المملكة العربية السعودية، وقت كتابة هذه السطور أمس (الثلاثاء)، كان بريت ماكغورك، مبعوث الحكومة الأمريكية إلى الشرق الأوسط، متوجهاً إلى الرياض لعقد اجتماع مهم مع وفد من السلطة الفلسطينية وصل إلى العاصمة السعودية الليلة الماضية، والذي من المفترض أن يسمع من ماكغورك ما قد يحصل عليه الفلسطينيون كجزء من اتفاق تطبيع العلاقات بين الكيان والسعودية.

وفي الوقت نفسه، سيستمع ماكغورك من الوفد الفلسطيني إلى ما هي مطالبهم وتوقعاتهم من هذا الاتفاق المهم بين الكيان والمملكة العربية السعودية، حيث يتضح لأي شخص يتابع التطورات الدراماتيكية عن كثب أن هذا الاتفاق مهم جدا لإدارة بايدن، وربما أكثر من الكيان، وإلى حد كبير أيضاً لـ”نتنياهو”، الذي يريد بشدة أن يرى نفسه الشخص الذي يوقع هذا الاتفاق التاريخي مع السعوديين.

حتى هذه الساعات، هناك مشاكل مع الرغبة السعودية في امتلاك قدرات نووية لما يسمى بالأغراض السلمية، ولكن كما أشار المختصون في الأمر، يجري صياغة حلول مبتكرة لحل المشكلة، ما سيؤدي في النهاية إلى الاتفاق، ومن الواضح أن مثل هذا الاتفاق سيلزم الكيان أولاً وقبل كل شيء بتقديم تنازلات بعيدة المدى تجاه الفلسطينيين وفقًا لمطالب السعوديين، مثل نقل أجزاء من الضفة الغربية الموجودة اليوم في المنطقة (ج) إلى الفلسطينيين.

وأمام كل ذلك تقف حكومة “نتنياهو” اليمينية التي وعدت ناخبيها بسياسة مختلفة تمامًا.

ومن المؤكد أن قسماً كبيراً منها، مثل الصهيونية الدينية، سيعرب عن معارضته الشديدة لتلك التنازلات، وليس من المستبعد أن يكون هناك من داخل “الليكود” من سيعرب عن معارضته لمثل هذا الاتفاق، وهنا يتوقع أن يحدث الانفجار الكبير، حيث سيضطر “نتنياهو” إلى اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيسعى للسلام مع المملكة العربية السعودية، ويخلق شرق أوسط جديد هنا ويدخل التاريخ، أو أن يقول لا للسعودية و للأميركيين ولجزء كبير من الإسرائيليين وللعالم بشكل عام، ويستمر في إدارة حكومة فاشلة مع “بتسلئيل سموتريتش” و “إيتمار بن غفير” و “سمحا روتمان”.

معظم الذين يعرفون “نتنياهو” سيزعمون هنا إنه يتمتع بالذكاء والحكمة الكافية لاتخاذ الاختيار الصحيح هنا، وهو ما يشير لنا في النهاية أن محمد بن سلمان وحده هو القادر على إنهاء ولاية “حكومة اليمين”.

معاريف/ افرايم غانور

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى