أخبارشؤون دوليةشؤون عسكرية

“العبوات الناسفة” أصبحت التحدي الأخطر لجيش العدو

ترجمة الهدهد

إلى جانب هجمات إطلاق النار العديدة التي وقعت في العام الماضي، فإن فترة العمليات الأكثر قوة منذ الانتفاضة الثانية، تتميز أيضًا بزيادة التهديدات باستخدام العبوات الناسفة، وليس من قبيل الصدفة أن تبذل المنظمات الفلسطينية الكثير من الجهد في هذا الصدد، فهي وسيلة حرب بسيطة نسبياً تسعى المقاومة من خلالها إلى ترسيخ مفاهيم دفاعية في مخيمات اللاجئين والمدن الفلسطينية حيث يعمل جيش العدو كل ليلة تقريباً لاعتقال المطلوبين.

عبوات ناسفة بغرض تنفيذ هجمات خطيرة أو بغرض تحويل مناطق سكنية مزدحمة السكان إلى هدف محصن مما يجعل من الصعب على جيش العدو العمل مع محاولة إيقاع خسائر في أرواح جنوده.

إن خطر العبوات الناسفة ليس تهديدًا جديدًا، فقد أدركت منظمات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية الإمكانات العالية للعبوات من الساحة اللبنانية، وحتى من قطاع غزة قبل الانسحاب عام 2005م، حيث أصبحت العبوات الناسفة هي التحدي الأكثر خطورة على وحدات ومقاتلي جيش العدو.

 السنوات التي مرت منذ اتفاقات أوسلو وحتى عملية “السور الواقي”، والتي لم يكن فيها جيش العدو يعمل في قلب المدن الفلسطينية، استغلتها منظمات المقاومة لبناء صناعة كاملة من العبوات المتفجرة، ومعامل المتفجرات، والمخارط، وخطوط الإنتاج الصناعي للمتفجرات المعيارية والأحزمة الناسفة والعبوات الناسفة.

لقد سمحت عملية “السور الواقي” وما يسمى سياسة “جز العشب” منذ ذلك الحين، لجيش العدو بالعمل في أي مكان وفي أي وقت، مما جعل من الصعب قيام المنظمات المقاومة ببناء بنية تحتية تنظيمية مؤسسية وهرمية تصمد لوقت طويل، بسبب عمليات الاعتقال العاجلة التي يقوم بها جيش العدو، كما أن صناعة العبوات الناسفة في الضفة الغربية لم تعد أبدًا إلى ما كانت عليه من قبل، في واقع السنوات الأخيرة، أصبح إنتاج الأحزمة الناسفة وتنفيذ هجوم مميت أكثر صعوبة بكثير مما كان عليه في واقع أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ولكن في العام ونصف العام الماضيين، بذلت حماس والجهاد الإسلامي جهودًا كبيرة لاستعادة قدراتهما، وبتمويل ودعم إيراني وتدريب أيضًا من حزب الله، حددت المنظمات لنفسها هدف تعزيز قدراتها المسلحة مرة أخرى.

 أثبت واقع العام الماضي أنه لا يوجد فراغ، عندما امتنع جيش العدو لفترة طويلة عن العمل في مخيم اللاجئين في جنين، استغلت المنظمات هذا الوقت لاستعادة قدرات الماضي وحتى التقدم في كل ما يتعلق بالعبوات المزروعة التي تنفجر على الطرقات.

إن الصعوبة التي لا تزال قائمة في الحفاظ على مستوى عالٍ من السرية في إخفاء ورش صنع وتطوير العبوات الناسفة تدفع المنظمات الفلسطينية إلى النظر للخارج، نحو الحدود، وخاصة إلى الحدود الأردنية المخترقة.

لقد تم تهريب عدة آلاف من الأسلحة وأطنان من الذخائر من هناك إلى الكيان، وكمية الأسلحة التي دخلت الكيان بهذه الطريقة في السنوات الخمس الأخيرة على وجه الخصوص لا يمكن تصورها من حيث حجمها أو كمها، ومن خلال تشجيع هذا الاتجاه، والاستفادة من الدعم المالي من إيران، مع الاستفادة من الكمية الكبيرة من الذخيرة المتداولة في سوريا، وصعوبة تطوير وإنتاج عبوات متفجرة عالية الجودة في الضفة الغربية تحاول المنظمات أيضًا التعويض عن طريق تهريب عبوات ناسفة معيارية قاتلة أقوى بكثير ولها نطاق قتل أكبر بكثير من تلك التي يمكنهم إنتاجها بمفردهم.

اليوم فقط أعلن الشاباك أنه تمكن من إحباط تهريب عبوات “كلمغور” الناسفة من الحدود مع الأردن، وتفترض المنظومة الأمنية ​في الكيان، أنه كانت هناك عمليات تهريب ناجحة أيضًا، وهناك احتمال معقول أن تكون عبوات متفجرة من هذا النوع قد وصلت أيضًا الضفة الغربية والداخل المحتل، وعملية “البيت والحديقة” في مخيم اللاجئين في جنين، جرت قبل أي سبب آخر، بسبب التهديد العبوات الناسفة.

بمفهوم عملياتي بسيط قام مسلحو مخيم اللاجئين بتحصين المخيم وأقاموا غرف عمليات ووضع كاميرات في كل مكان وزرع عبوات ناسفة يتم تفعيلها عن بعد على محاور المرور التي يتم التحكم فيها عن طريق المراقبة وكانت في قلب المفهوم العملياتي في مخيم اللاجئين.

وفي العملية القصيرة الأخيرة في جنين، كان هدف القوات تدمير هذه القدرات.

كانت عملية الاعتقال الأولى التي جرت هذا الأسبوع في مخيم اللاجئين منذ العملية الأخيرة هادئة نسبيًا، حيث واجه جنود جيش العدو أبعاد قتالية مماثلة لتلك التي في مخيمات اللاجئين الأخرى في الضفة الغربية، ولكن نموذج جنين يتم تجربته الآن من قبل منظمات المقاومة في الضفة في مناطق أخرى ومع مرور الوقت تصبح التحديات التي يواجهها جيش العدو أكبر.

خلال العملية التي جرت الليلة الماضية في مخيم نور شمس، اكتشف جيش العدو عبوات ناسفة مدفونة تحت الأسفلت، كما هو الحال في جنين، وحتى في مخيم جنين للاجئين.

مع مرور الوقت، ستبذل حماس والجهاد الإسلامي الكثير من الجهد لاستعادة القدرات، ومن هنا تأتي أهمية الحفاظ على استمرار العمليات.

إذا نظرنا إلى الوراء قبل أكثر من عام ونصف من موجة الهجمات الحالية، فلا شك أن قضية العبوات الناسفة باعتبارها عنصرًا هاما في القتال بين جنود جيش العدو والمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية أصبحت أكثر أهمية، وأكثر كلما استمر التصعيد.

المصدر: معاريف

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى