كيان العدو ما بعد “لحظة الحقيقة”.. تصاعد العمليات الفلسطينية
#ترجمة_الهدهد
شهد شهر آب/أغسطس استمرار الاتجاه التصعيدي في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، تواصل قيادة حماس (صالح العاروري من بيروت وقيادة حماس من غزة) تشجيع العمليات الفلسطينية في الضفة الغربية وتطوير البنية التحتية للمقاومة، بما في ذلك معامل المتفجرات وتهريب الوسائل القتالية، والتركيز على تطوير البنية التحتية للمقاومة في جنوب لبنان (بالتنسيق والمساعدة من إيران وحزب الله).
وفي الوقت نفسه، فإن السلطة، التي بدأت منذ انتهاء العدوان الأخير على جنين، تتصرف بشكل أكثر حسماً في منطقة جنين، ولكن بشكل رئيسي في نابلس وطولكرم وقلقيلية ورام الله عالقة في مواجهات مع شبان فلسطينيين وينظر إليها في الشارع الفلسطيني أنها “متعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي”.
إن نطاق نشاط جيش العدو في المدن الفلسطينية، وعدد المعتقلين والجرحى الفلسطينيين، والجهد الاستخباري الهائل في تزايد مستمر، وفي الوقت نفسه، إلى جانب العديد من عمليات إحباط الهجمات والبنى التحتية المثيرة للإعجاب، فإن نطاق الهجمات الفلسطينية، والتي لا تزال تجبي ثمنًا من المستوطنين في الضفة الغربية والداخل آخذ في التوسع.
تشير هذه الاتجاهات إلى تطور حملة الهجمات التي تعيشها “إسرائيل” منذ مارس 2022، بل وعلى وجه الخصوص منذ مايو 2022 مع بدء عملية “كاسر الأمواج”، إن ما تم تصويره خطأً على أنه موجة هجمات، لم ينكسر، وسرعان ما تطور إلى حملة هجمات تتسع أكثر وأكثر، ترتكز على بنية تحتية نفسية أساسها وعي الكفاح المسلح المزروع في قلوب الشباب الفلسطيني- الوعي بينهم هو وعي انتفاضة.
إلى جانب ذلك، وكأنه بسبب تأثير تراجع وضعف حكم للسلطة الفلسطينية، يضعف أيضًا ويتراجع “الحكم الإسرائيلي” فيما يتعلق باعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين، والأسوأ من ذلك أن السياسيين مسؤولون أيضاً عن هذا العنف، الذين بدلاً من إدانته، اختاروا تفسيره وتبريره وإلقاء اللوم فيه على قادة جيش العدو ورئيس “الشاباك”.
ورغم أن الفلسطينيين لا يحتاجون إلى هذا التبرير لشن العمليات ضد المستوطنين؛ ولديهم ما يكفي من الأسباب الخاصة بهم، والتي سبق أن ذكرناها، إلا أن سياسة الاحتواء “الإسرائيلية”، أو بدلا من ذلك غياب العزيمة المطلوبة والدعم السياسي المطلوب، يصب الزيت على نار الهجمات المتزايدة.
“إسرائيل” بالفعل تجاوزت “لحظة الحقيقة”، إن مساحة الراحة التي سمحت بها “إسرائيل” حتى الآن لقيادة حماس في قطاع غزة وخارجه تفرض ثمناً لا يطاق، وعلى الرغم من أن حماس ليست المولد الوحيد لموجة الهجمات التي تواجهها “إسرائيل”، إلا أنها بالتأكيد عامل مهم ومركزي في دفع هذه الموجة وتوسيعها، في رأيي أن “إسرائيل” مطالبة بخطوة عسكرية كبيرة، هدفها إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية العسكرية لحماس في قطاع غزة، البنية التحتية العسكرية هي مصدر القوة السياسية لحماس، وبدونها ستضعف إلى حد كبير.
ولكن ليس هناك فائدة حقيقية أو طويلة المدى لحملة عسكرية في قطاع غزة دون هدف سياسي وسياق سياسي أوسع وأكثر أهمية، والذي من المفترض أن تخدمه الحملة العسكرية، ويكمن السياق في الحاجة إلى تحقيق الاستقرار في السلطة الفلسطينية وتعزيزها بطريقة تسمح باندماجها في عملية التطبيع مع المملكة العربية السعودية وتصميم البنية الإقليمية، ويكمن السياق في الحاجة إلى تحقيق الاستقرار في السلطة وتعزيزها بطريقة تسمح باندماجها في عملية التطبيع مع المملكة العربية السعودية وتشكيل الهيكلية الإقليمية.
إن التركيز على الجهود العسكرية وحدها، والتي من شأنها أن تؤسس لنوع من حرب الاستنزاف، يمكن أن يخفف من مدى الهجمات وحدتها لفترات زمنية محدودة، ولكن ليس كبحها بشكل كبير ولفترة طويلة، وفي غياب فكرة سياسية توصل إلى اتفاق أو ترتيب، سيجد كيان العدو نفسه في حملة عسكرية متواصلة ومنهكة، هذا هو بالضبط ما تهدف إليه حملة الهجمات الفلسطينية، وهذا هو ما تطمح إليه إيران، التي تدعم هذه الحملة، وتعزز الجبهة الفلسطينية كجبهة نشطة أخرى ضد الكيان من مجموعة الجبهات الأخرى التي تديرها أو تشغلها، “إن حرب الاستنزاف ليست الملعب المناسب لإسرائيل بشكل عام، وفي هذا التوقت بشكل خاص”.
معهد أبحاث الأمن القومي / كوبي مايكل
Facebook Comments