
ترجمة الهدهد
لقد كشفت عملية إطلاق واحدة حدثت قبل ثلاث سنوات على بعد 3000 كيلومتر من “إسرائيل”، عن قدرة تم تطويرها سراً، حدث ذلك عندما أطلقت أذربيجان صاروخ “لورا” الذي صنعته “شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية” لتدمير جسر في الحرب مع أرمينيا، في أول إطلاق عملياتي له على الإطلاق.
يتمتع هذا الصاروخ بالقدرة على الإصابة بدقة أقل من 10 أمتار من مسافة 500 كيلومتر، وهذه قدرة مهمة وقوية للغاية في الحرب، ويحمل صاروخ “لورا” رأس حربي يزن 500 كيلوغرام من المتفجرات المدمرة.
لقد ترددوا في “الجيش الإسرائيلي” لسنوات حول ما إذا كان يجب أن يتزودوا بهذا السلاح، بينما تحمس العملاء في الخارج وقاموا بشرائه، كما أن تغير وجه المعركة والتهديدات المتعددة التي تواجه “إسرائيل” يدفعانها إلى تحديث نمط تفكيرها، حيث لن يكون هنا “سلاح صواريخ” في السنوات المقبلة، لكننا سنرى تزود بأسلحة مختلفة وبناء قوة مختلف، أي نظام من القذائف الصاروخية كبير ودقيق سيوفر قدرة إضافية إلى قدرة سلاح الجو للإطلاق والهجوم باستخدام سلاح دقيق لمسافات تتراوح بين 40 و500 كيلومتر.
ليس من المؤكد أن هناك خياراً: إذا نجح العدو في إطلاق رشقات واسعة من مئات الصواريخ، في آن واحد ومن ساحات مختلفة (التهديد متعدد الساحات – لبنان وسوريا وغزة وإيران واليمن والعراق)، من المتوقع أن يواجه “الدفاع الجوي الإسرائيلي” صعوبة في التعامل مع التهديد، وستكون النتيجة دماراً على نطاق واسع جداً في المراكز السكانية، وهذا وصف مرعب لضربة قوية وأضرار كبيرة في المدن الكبرى والمواقع الاستراتيجية بالصواريخ الدقيقة، وهو ما لم تشهده أو تجربه “إسرائيل” من قبل.
مهمة سلاح الجو، وهذا ما سيبدو عليه “النظام التكميلي”
إن أحد الأهداف الرئيسية لخصوم “إسرائيل” هو مهاجمة قواعد سلاح الجو والحد من قدرتها على العمل، لقد تم بناء القوة الجوية لخلق قدرة هجومية نارية مركزة ودقيقة ومباغتة، وهذا ملائم جداً لخصائص الحرب الجوية بشكل عام وقدرات “سلاح الجو الإسرائيلي” بشكل خاص، إن سلاح الجو الذي عرفه الآباء المؤسسون بأنه قوة ساحقة مرنة ومتاحة ومتحركة ومتعددة الاستخدامات، يخضع في السنوات الأخيرة لعمليات بناء قوة مما يجعله ملائماً وقادراً بشكل خاص للوقوف في صميم الضربة المتعددة الأبعاد.
اليوم، تسمح هذه العمليات لسلاح الجو بإنشاء وتخطيط ومراقبة ومهاجمة عدد كبير جداً من الأهداف -المئات منها في وقت قصير- ويمكن تنفيذ هذه الهجمات في منطقة جغرافية محدودة أو في عدة مناطق جغرافية وعدة جبهات في وقت واحد.
إن ما يميز الضربة الجوية في “إسرائيل” ليس فقط القدرة على تنفيذ ضربة نارية كبيرة ومباغتة ومركزة، في أوقات إنذار قصيرة، ولكن أيضاً القدرة على الحفاظ على المرونة في مواجهة التهديد متعدد الساحات، وتنبع هذه المرونة من حقيقة أن سلاح الجو يمكنه استخدام قوة نيران كبيرة ضد مجموعة متنوعة من الأهداف في الجبهة وفي العمق، مع التنقل السريع بالنيران الجوية بين الجبهات، وفقاً لتنوع الاحتياجات العملياتية التي تتطور في مختلف جبهات القتال، ولهذا السبب بدأ “الجيش الإسرائيلي” بتجهيز نفسه بمئات الصواريخ والقذائف الصاروخية الدقيقة:
- قذيفة “إكسترا” الصاروخية (نوغا): من صناعة شركة “إلبيت”، قادرة على الوصول إلى مدى يصل لـ 150 كيلومتراً ويمكنها حمل رؤوس حربية يصل وزنها 120 كيلوجراماً وثمنها حوالي مليون شيكل.
- قذيفة الصقر الجارح: قذيفة صاروخية يصل مداها لـ 300 كيلومتر من صنع شركة “إلبيت” ورأس حربي يصل إلى 200 كيلوغرام، الثمن لا يزيد على مليوني شيكل.
- قذيفة الحربة السحرية” (كيدون كوسيم): هي أيضاً من صناعة “إلبيت”، وهي قذيفة صاروخية مزودة بنظام توجيه وتصحيح انحراف، يتم توجيهها بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، يبلغ الحد الأقصى لها حوالي 40 كيلومتراً ودقة إصابة عالية بشكل خاص، يصل الانحراف عن الهدف إلى 10 أمتار.
بالإضافة إلى ذلك، يتم أيضاً دراسة التزود بصاروخ “لورا” أرض- أرض (مدفعية صاروخية بعيدة المدى) من صناعة شركة الصناعات الجوية، القادر على الوصول إلى مدى يصل لـ 300 كيلومتر، ويحمل هذا الصاروخ رأساً حربياً يصل وزنه إلى 600 كيلوغرام، وتقدر تكلفة الصاروخ الواحد بنحو 3 ملايين شيكل.
يعتبر مدى الـ 300 كيلومتر، كما في صاروخ “لورا” و”الصقر الجارح” مضاعف كبير للقوة، بمعنى أن التزود بمثل هذه القذيفة الصاروخية من خلال البطارية الموجودة في صفد لن تغطي كل لبنان فحسب، بل ستصل إلى اللاذقية في شمال سوريا وتدمر في شرقها.
مزايا النظام الصاروخي على سلاح الجو
سبب شراء هذه القذائف الصاروخية جدال طويل السنوات بين سلاحي الجو والمدفعية، حيث يتمتع نظام القذائف الصاروخية طويلة المدى التي سيتم تشغيله بواسطة المدفعية بالعديد من مزايا سلاح الجو:
- التوافر للهجوم: تصل سرعة إطلاق الصاروخ إلى أي نقطة يحددها نظام المواقع العالمي (GPS) إلى دقائق على الأكثر، مقارنة بساعات عندما يتعلق الأمر بنشاط سلاح الجو.
- السرية: القدرة على كشف وربط الهجوم الصاروخي بـ “إسرائيل” أقل من القدرة على كشف الطائرة المهاجمة.
- تقليل المخاطر على الطيارين عند تنفيذ المهام.
- القدرة على البقاء: الاستقلالية التشغيلية لكل منصة إطلاق، وانتشارها وحركتها العالية عبر نظام الطرق، تجعل من الصعب للغاية مهاجمتها مقارنة بمدرجات الإقلاع، و”حظائر الطائرات تحت الأرض”، ومخازن الوقود، وما إلى ذلك، والتي تعد جزءاً ضرورياً من تشغيل المطار.
- اقتصادياً: إن استخدام الصواريخ أو القذائف الصاروخية أرخص بشكل منهجي من تشغيل القوات سلاح الجو.
إن استخدام الأسلحة الدقيقة مع تركيز الجهد ومعدلات إطلاق النار السريعة من قبل القوات المناورة نفسها يمكن أن يؤدي إلى فعالية (زيادة كفاءة) عالية، للنظام الصاروخي في الحرب المقبلة ضد لبنان.
ووفقاً للخطط، من المفترض أن تنتج “الصناعة العسكرية الإسرائيلية” معظم الصواريخ والقذائف الصاروخية المذكورة أعلاه، وأن تعمل على ملائمة بعضها ليتم إطلاقها من على متن السفن البحرية وحتى من طائرات سلاح الجو.
الهدف هو أن نكون أكثر تنوعاً وتوزيعا للمخاطر، لأن مطاراتنا معرضة للهجمات
لذلك يمكن القول إنه لن يكون هناك “سلاح صواريخ ” في “الجيش الإسرائيلي”، ولكن يتم بالتأكيد بناء “ذراع صاروخية إسرائيلية” ذكية داخل سلاح المدفعية، ذراع دقيقة وفتاكة على نطاقات مختلفة، من جنوب لبنان إلى عمق سوريا، كثقل موازن للترسانة الصاروخية الموجودة في أيدي حزب الله.
يتطلب مثل هذا النظام الصاروخي قدرة كبيرة على تطوير وإنتاج محركات الصواريخ
هذه القدرة موجودة في شركة “تومر” التي تعتبر مركزاً علمياً وطنياً لتطوير وإنتاج المحركات الصاروخية، التي يطورون وينتجون محركات دفع لمجموعة متنوعة من التطبيقات والأحجام، من قذيفة الرمح الصاروخية التي يصل مداها إلى 40 كيلومترا إلى قذيفة الصقر الجارح التي يصل مداها إلى 300 كيلومتر، بالإضافة إلى صواريخ اعتراضية بمدى متنوع ومحركات دفع لمنصات إطلاق الأقمار الصناعية.
لكن التحدي الذي يواجه المنظومة الأمنية ليس بسيطاً، وهو القدرة على جمع أهداف متحركة ومهاجمتها، كلما قمت بزيادة مساحة المنطقة التي تتحكم فيها، كلما زادت حاجتك إلى القدرة على جمع الأهداف بطريقة ديناميكية ومتقدمة والقدرة على مهاجمتها في الوقت الفعلي، ولهذا السبب، إلى جانب قذائف الصقر الجارح الصاروخية بعيدة المدى، هناك ضرورة لتزود الذراع البري بقدرات جمع ديناميكية تدعم الصواريخ.
لقد تم بالفعل تنفيذ جزء من هذا في شكل طائرات بدون طيار “عداء السماء” “Sky Racer” للواء وراكب السماء “Sky Rider” للكتيبة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه مرة أخرى هو ما إذا كان هذا كافياً؟
الحل المتكامل لسلاح الجو
يتعامل سلاح الجو بنجاح مع التحديات، وهو “قوة الردع الإسرائيلية” الرئيسية والحاسمة، العراقيون الذين هاجم سلاح الجو مفاعلهم النووي يعرفون ذلك، والسوريون الذين خاضوا “تجربة” مماثلة عام 2007، يعرفون ذلك؛ والإيرانيون يدركون ذلك، حيث تعطلت خطتهم لإقامة منظومة صاروخية وطائرات وأسطول في سوريا في السنوات الأخيرة من قبل سلاح الجو، وهذا ما يعرفه حسن نصر الله أيضاً، من عام 2006 في الضاحية التي دمرها سلاح الجو.
الحل الذي صممته سلاح الجو يعتمد على الرد المتكامل، الردع، الدفاع النشط، الدفاع السلبي، الهجوم والتعاون الدولي.
هل هذا هو الحل الأمثل؟
بالطبع لا، يجب أن تكون هناك قدرة مكملة لسلاح الجو، هذا ما يعتقده عدداً غير قليل من العاملين في المنظومة الأمنية ويحذرون من أنه لا يمكن وضع كل البيض في سلة واحدة.
بالنسبة لـ “لجيش الإسرائيلي”، لا يوجد مصطلح اسمه “سلاح الصواريخ”، ويمتلك سلاح المدفعية أكثر من مجرد مدفعية، في سلاح المدفعية وضعوا لأنفسهم هدفاً يتمثل في أن يكونوا أكثر فتكاً قدر الإمكان، بأسلحة ذات نطاقات مختلفة، وقدرات الهجوم في المناطق السكنية وفي المناطق المفتوحة والإغلاق السريع للدوائر، النظام الصاروخي موجود في “الجيش الإسرائيلي” منذ سنوات عديدة، لقد كان نشطاً بالفعل في حرب 1973 وحرب لبنان الأولى، وكان هذا النظام يعتمد في السابق على منصات إطلاق MLRS الأمريكية.
في العقود الأخيرة، يعمل الجيش على التكيف مع أهداف دقيقة، وهذا تغيير يحدث أيضاً في لبنان وغزة: فالتنظيمات تزودت بصواريخ دقيقة، وحوات منصات الإطلاق لأحدث (منصات إطلاق متحركة على عجلات)، مما مكنها من القدرة على الحركة، و”الجيش الإسرائيلي” يعزز نفسه بصواريخ جديدة ويزيد من كميتها.
بعد الجدل الطويل بين سلاح الجو وسلاح المدفعية، يبدو أن الجمع بين المكونات التي تكمل بعضها بعضا هو وحده الذي سينجح.
يتعين على سلاح المدفعية الاستجابة لمناورة الضربات والدفاع والهجوم، وميزة القوات البرية هي القدرة على الحركة على الأرض والقدرة على المناورة بغض النظر عن الطقس، كما أن قدرة السلاح على تشغيل طائرات هجومية لا يحل محل القوات الجوية، التي تعرف كيف تقدم الإسناد للقوات البرية، فكل منها يتمتع بمزايا نسبية في مواجهة التحديات العديدة أمام مجموعة متنوعة من الجبهات.
المصدر: N12/ نبر دبوري
Facebook Comments