الحزب الديمقراطي الأمريكي: ليست “قضية خاسرة.. لكن إشارات التحذير تتطلب جهداً”

#ترجمة_الهدهد
التقى رئيس وزراء العدو “بنيامين نتنياهو” في القدس في السابع من أغسطس 2023، بوفد من أعضاء الكونغرس الأمريكي عن الحزب الديمقراطي نظمه “لوبي إيباك”، وترأس الوفد أكبر عضو ديمقراطي في مجلس النواب اليوم، “حكيم جيفريز” (أمريكي من أصل أفريقي، مسيحي معمداني وصديق للكيان، من الدائرة الثامنة في نيويورك)، وبجانبه عضو الكونغرس المخضرم “ستيني هوير” من ولاية “ماريلاند” الذي تم تعريفه كصديق مميز للكيان منذ عقود.
وأكد “نتنياهو” في حديثه مع الوفد على جوانب الابتكار التكنولوجي، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي، وسلط الضوء على أهمية التعاون المستقبلي مع الولايات المتحدة (ربما كإشارة غير مباشرة إلى أن الكيان لا يزال يرى فيها وليس أي جهة أخرى، وبالتأكيد ليس الصين ركيزتها الاستراتيجية).
ومن جانبه، ألقى “جيفريز” خطابات خلال الزيارة رفض فيها فكرة الإضرار بالمساعدات المقدمة لكيان العدو، وشدد على التزام الولايات المتحدة العميق بأمنها (وتعرض لهجوم من قبل عناصر متطرفة في الولايات المتحدة بسبب ذلك). وفي الوقت نفسه، أعرب أيضًا عن توقعه بأن خطوات الإصلاح في الكيان، من الآن فصاعدا، ستتم بأكبر قدر ممكن من الإجماع.
وتعرض أعضاء الوفد لانتقادات من قبل جناح في الحزب والدوائر المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة، ولكن في ضوء أنماط التصويت في الكونغرس في الأشهر الأخيرة، يمكن تحديد أن قاعدة الدعم من قبل الحزبين لا تزال قوية، كما أن تأثير المجموعة المناهضة لإسرائيل (المعروفة باسم “Squad”، والتي تقودها عضوة الكونجرس “ألكساندريا أوكازيو كانارتيز” من نيويورك) لا يتجاوز حتى الآن دائرة ضيقة تتألف من حوالي عُشر الأعضاء الديمقراطيين في الكونجرس.
قرار مجلس النواب رقم H311…
بدعم من قبل 22 عضوًا في الكونجرس من جانب الحزبين، قدمت “آن فاجنر”، الجمهورية من ولاية ميسوري والعضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، قرارًا يهنئ الكيان في “ذكرى استقلاله” (النكبة الفلسطينية عام 1948)، وكما يعرب عن دعمه لاتفاقيات إبراهام التطبيعية ومساهمتها في السلام والاستقرار والنمو الاقتصادي.
وخلافاً للقرارات السابقة التي كانت تصدر كل خمس سنوات، لم يتضمن القرار هذه المرة أي إشارة إلى مبدأ “حل الدولتين” ــ على الرغم من أن الديمقراطيين اقترحوه في المسودة الأصلية، فقد اعترض الجمهوريون، وتم حذف النص، ومع ذلك صوتوا لصالح مشروع القرار (26 أبريل 2023) بأغلبية كبيرة من الديمقراطيين (أغلبية 401 مقابل 19)، وهذا قرار رمزي في الأساس ولكنه يعكس عمق الدعم، وتم وضع نسخة موازية على طاولة مجلس الشيوخ من قبل السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي، “روبرت مينينديز”.
لكن عدد المعارضين ازداد بعض الشيء مقارنة بالتصويت على التمويل التكميلي لـ “القبة الحديدية” في سبتمبر 2021 – بعد محاولة Squad إفشاله: ثم صوتوا لصالحه 420 مقابل 10، والآن – 401 مقابل 19/ حيث كان سبب ازدياد عدد المعارضين على ما يبدو حساسية عناصر اليسار اليهودي لإغفال ذكر “حل الدولتين”.
القرار المشترك (المتزامن) 57…
والأهم من ذلك، كاختبار لتوازن القوى بين المجموعة المناهضة للكيان في الحزب الديمقراطي وقاعدة الدعم التقليدية، كان التصويت في يوليو 2023 جاء ردًا على تصريح عضوة الكونجرس “براميلا جايابال” (ديمقراطية من ولاية واشنطن، رئيسة مجلس النواب من التجمع التقدمي للحزب) أمام منتدى مناصر للفلسطينيين الذي اعتبر “إسرائيل” دولة عنصرية.
انزعج الجمهوريون وقدموا إلى مجلس النواب مقترح قرار مشترك للمجلسين – وهو أداة في يد الكونجرس تستخدم بشكل أساسي للتعبير عن مواقف قيمية، دون قوة التشريع، يتنصل من هذا التصريح ويؤكد الاعتراف بـكيان العدو كدولة ديمقراطية، وتراجعت عضو الكونجرس “جايابال” بنفسها عن كلماتها، بل وصوتت لصالح الاقتراح، الذي تمت الموافقة عليه بأغلبية 412 صوتًا مقابل 9.
قائمة المصوتين ضد القرار تحدد، في الواقع، النواة الصلبة للعداء لكيان العدو في المعسكر التقدمي (الأكبر بكثير).
وتجدر الإشارة إلى أنه بحسب “أوكازيو كورتيز”، فإن “لوبي إيباك” – الذي تجنب حتى الآن المواجهة المباشرة مع هذه المجموعة في دوائره الانتخابية، يعمل على إحباط “بومان” في الانتخابات التمهيدية لترشيح الحزب الديمقراطي في دائرته: وهو الحدث الذي يمكن أن يصبح أيضًا اختبارًا للقوة، على غرار العديد من التحركات المماثلة (معظمها ناجحة) لـ PAC التابع لـ AIPAC – في الانتخابات
الانعكاسات على سياسة العدو..
كل هذا يسلط الضوء على أهمية الحفاظ على قاعدة الدعم بين الحزبين في الرأي العام وفي الكونجرس، بالنسبة للكيان، وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها الجمهوريون لـ “تخصيص” “إسرائيل كقضية حزبية”، فإن موقف أغلبية كبيرة من الديمقراطيين لا يزال ضروريا لتحقيق المصالح الحيوية – الأمنية والسياسية – في واقع تخضع فيه السياسة الأمريكية لتقلبات متطرفة.
هذا الشيء ملزم، وتبين خلال زيارة وفد “جيفريز” أن “نتنياهو” يعلم بأن علاقة شخصية مستمرة مع عناصر القيادة الديمقراطية (وكذلك الاستعداد للاستماع إلى نصيحة صديق…)، وأيضا العلاقة والتواصل مع رؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، الذين يميل معظمهم نحو الديمقراطيين، له وزن كبير في الحفاظ على الالتزام، وهذا يتطلب تجنب قدر الإمكان تعميق التوتر مع اليهود الأميركيين، وأغلبهم من غير الحريديم، حول قضايا “الدين والدولة”، أيضا الانقسام الداخلي في الكيان ينعكس على الساحة السياسية في الولايات المتحدة واليهود هناك: فتهدئة الأجواء والمشاعر في الكيان ستسهل على الديمقراطيين واليهود مواصلة دعم الالتزام الأمريكي التقليدي تجاه كيان العدو.
معهد القدس للاستراتيجية والأمن / اللواء عيران لرمان
Facebook Comments